يعيش المزارع الفلسطيني في قطاع غزة حالة من القلق والخوف على مستقبل محاصيله وجودة إنتاجها بسبب تأخر هطول الأمطار حتى اللحظة، مقارنة بالعام الماضي. فعلى الرغم من اقتراب رحيل شهر نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أن الأرض في قطاع غزة لم ترتوِ بعد بمياه الأمطار كما هي العادة، أو كما هو معروف دخول فصل الشتاء حيث سقوط الأمطار فعلا خلاف ما عهدناه منذ الصغر نجد أن فصل الشتاء قد بدأ ولم تعطِ السماء خيرها بسبب احتباس الأمطار .
وتُشكل الأمطار عاملًا أساسيًّا لوفرة الإنتاج الزراعي، وبالتالي فإن أي تغير في مواعيد هطول الأمطار ينعكس سلبًا على المحاصيل الزراعية ويُصيبها بالتعفن إذا ما استمر غرسها في باطن الأرض دون وسائل إنبات، ما يُكبد المزارع خسائر جمّة.
المزارع محمد عوض على الحدود الشرقية لقطاع غزة ينتظر بفارغ الصبر بأن تتغير الأحوال الجوية وتسقط الأمطار ليتمكن من زراعة القمح والشعير في أرضه فيقول:" منذ فتره قمت بحراثة الأرض وتهيئتها كي أقوم بزراعة القمح والشعير ، ولكن عدم هطول الأمطار قد حد من أمكانية أن أزرعها وما زلت انتظر لأتمكن من ذلك "
وأضاف:" عدم مقدرتي على تحمل تكاليف ري الأرض من خلال الآبار المجاورة، هو ما يكبل حركتي ومباشرة عملي في الأرض حيث كنا في العام الماضي أفضل حالاً من العام "
وأكد عوض أنه يعتمد وبشكل كبير هو وأسرته وإخوانه مما تُنتجه الأرض من محاصيل زراعية حيث يقوم ببيعها فى الأسواق لتوفير مستلزمات أسرهم، لافتاً أن انحباس الأمطار سيكون بمثابة كارثة اقتصادية ستظهر ملامحها وبشكل كبير على المستوى المعيشي لأسرته
وبين عوض أن تأخر هطول الأمطار يزيد من تكاليف الإنتاج عليهم خاصة في ما يتعلق بالمحاصيل التي تعتمد على المياه بشكل كبير كالسبانخ والسلق، واعتماد بعض المزارعين على ريِّها من خلال الآبار الخاصة بهم الأمر الذي يكلفهم الكثير .
بدوره، أكد المدير العام للإدارة العامة للإرشاد في وزارة الزراعة م. نزار الوحيدي أن موسم هطول الأمطار غالبا ما يكون مع بداية فصل الخريف موضحا أن هناك نوعين من الأمطار حيث الأمطار الخريفية والأمطار الشتوية والتي غالباً ما تكون ذروتها في كانون أول/ ديسمبر وحتى كانون ثاني /يناير.
وقال الوحيدي:" تعتبر الأمطار الخريفية مهمة جداً لتحسين الواقع البيئي وظروف التربة ، كذلك مهمة لري الأشجار خاصة المثمرة في فصل الخريف كالحمضيات والزيتون إلى جانب أهميتها في غسل الأملاح من التربة وشطفها بالإضافة إلى تفكيك التربة وتسهيل إجراء عمليات الحرث اللازمة والضرورية لزراعة المحاصيل المختلفة وعلى رأسها القمح والشعير والبازيلاء والحمص "
وأعرب الوحيدي عن خشيته من النتائج المترتبة على انحباس الأمطار في تأخر إنبات الأعشاب الرعوية التي تعتمد عليها الحيوانات والماشية إلى جانب ما قد يصاحب استمرار موسم الدفء من ظهور مشاكل لدى المزارعين حيث تكاثر الحشرات والآفات وإنتاج أجيال جديدة ستصيب النباتات وستزيد من مشكلة إصابتها بالأمراض.
وأكد أن خطورة تأخر الأمطار لا يقتصر على الزراعة فقط بل على الحياة ككل باعتبار أن الماء هو سر الحياة ، مشيرا أن تأخر الأمطار عن الهطول لمدة تفوق الشهرين لم يحدث منذ فترة طويلة ، لافتا إلى أن هطول الأمطار في مثل هذا التوقيت في العام الماضي حتى تشرين الثاني بلغ 187ملم أي 52% خلال 17 يومًا من الأيام الماطرة مقابل صفر لهذا العام . واشار الى خطورة عدم انخفاض درجات الحرارة وتأثيرها على فسيولوجيا النبات، باعتبار أن هناك نباتات تحتاج إلى درجات حرارة منخفضة لتطورها ونموها وعدم توفر ذلك يؤدي إلى إرباك فسيولوجي لديها .
وأوضح مدير عام الإدارة العامة للإرشاد أن تأخر الأمطار يزيد من تراكم الأملاح نتيجة لري المحاصيل بالمياه المالحة كما يزيد من الضخ الزائد من الخزان الجوفي دون تعويض فيؤدى إلى تكلفة أعلى وضخ جائر بلا تعويض ما يكلف الوزارة خسائر كبيره إلى جانب عدم تمكنها من تعويض النقص في الخزان الجوفي بسبب تأخر هطول الأمطار .
وأرجع سبب التأخر في هطول الأمطار إلى التغيرات العالمية وظاهرة التذبذب الحراري ، وانه لا يوجد سبب محدد ، موجزًا تبعات عدم هطول الأمطار في التأخر في زراعة المحاصيل وانتشار الآفات وزيادة ملوحة التربة وبالتالي خسارة في وقت الإنتاج وتقليل هامش الربح للمزارعين، الأمر الذي قد يؤدى إلى حصول نقص في بعض المحاصيل وبالتالي ارتفاع أسعارها كنتيجة طبيعية .
أرسل تعليقك