لندن ـ كاتيا حداد
كشف بحث جديد أن زهرة "البيغونيا" بأوراقها الزرقاء ربما تمثل الخطوة التالية في تطور النبات، ما يجعلها تتقدم على نظرائها من النبات الأخضر. وينتج اللون الأزرق في النبات من عملية التمثيل الضوئي ما يتيح لها استخدام الضوء الذي ترفضه النباتات الأخرى. وهناك أكثر من 1500 نوع من "البيغونيا"، إلا أن الوظيفة البيولوجية للبريق الأزرق اللامع أدهشت العلماء لمدة عقود. وتبين أن أوراق النبات طوَّرت هذا اللمعان فقط عند وضعها في ظروف مظلمة، بينما يختفي اللمعان في الضوء الساطع. وتستخدهم هذه الزهور أوراقها غير العادية لاستغلال الضوء القليل الموجود.
واستبعدت الدراسة التي نُشرت في Nature Plants الفرضية السائدة بأن ذلك يرجع إلى ردع الحيوانات المفترسة. وأفاد الدكتور هيذر ويتني من جامعة "بريستول" بأن الجديد الذي تفعله زهرة "البيغونيا" هو الجمع بين آلية حصاد الضوء مع الهيكل "الفوتوني"، حيث يتم التلاعب بالضوء مع حصد مستويات عالية من الكفاءة "الكوانتية" خلال نفس المادة. وقال: "أنا لست عالم فيزياء لكننا بدأنا هذا العمل من الجانب البيولوجي، ولكن المعاونين الفوتونيين أخبروني أن هذا أسلوب جديد للغاية وربما يلقي بعض الاحتمالات المثيرة للاهتمام إن استطعنا تكرار ذلك".
وتستخدم النباتات بما في ذلك الأنواع التي تزرع كنباتات منزلية أو في الحدائق، شكلًا خاصًا من تكنولوجيا النانو يدعى "الفوتونيكس" لإنشاء هياكل في أوراقها لمساعدتها على حصاد الضوء. ويقول مات جيكوب طالب الدكتوراة في جامعة بريستول: لقد اكتشفنا تحت المجهر بلاستيدات خضراء فردية في هذه الأوراق تعكس الضوء الأزرق الزاهي، وعند البحث عن مزيد من التفاصيل باستخدام تقنية المجهر الإلكتروني وجدنا فرقًا واضحًا بين البلاستيدات الزرقاء في البيغونيا والمعروفة باسم (iridoplasts) بسبب لونها الأزرق الرائع وتلك الموجودة في النباتات الأخرى، وتبين أن البنية الداخلية مكونة من طبقات موحدة رقيقة للغاية".
وتقوم البلاستيدات بحصاد ضوء الشمس وتحويله إلى طاقة كيميائية للنبات، حيث يتم استيعاب الضوء في البداية بواسطة الأغشية التي تدعى (ثايلاكويد)، ومن بين أسباب شعبية هذه الزهرة هو قدرتها على البقاء في المنازل دون التعرض لأشعة الشمس المباشرة، وذلك لأن العديد من نبات البيغونيا ينمو في الغابات الاستوائية حيث يصل جزء ضئيل من الضوء إلى الأرض، ما يجعل النباتات تحتاج إلى مسح كل جزء من الضوء لتبقى على قيد الحياة.
وعثر العلماء الذين درسوا زهرة "البيغونيا" عليها في الجزء السفلي من الغابات الاستوائية، وتحتوي أوراق النبات الزرقاء على 3-4 من الثايلاكويد التي تشبه الكريستال الضوئي وتعكس موجات من الضوء ما بين 430-560 نانو متر، وتبدو مشابهه للهياكل الاصطناعية التي تستخدم لعمل الليزر المصغر الذي يتحكم في تدفق الضوء، وفي الغابات الماليزية، فكمية الضوء التي تصل إلى أوراق النباتات بشكل رئيسي هي نهاية الطيف الأخضر والأحمر.
وتركز البلاستيدات الزرقاء هذه الموجات المحددة على جهاز التمثيل الضوئي للنبات ما يزيد كفاءة التمثيل الضوئي بنسبة 5-10%، ويقول الباحثون إن التصميم الفريد للنبات ربما يستخدم في النباتات الأخرى لتحسين المحاصيل الزراعية أو في الأجهزة الاصطناعية لعمل إلكترونيات أفضل. وأوضح الباحثون أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث التي يُتعين القيام بها حيث يحمل نبات البيغونيا المزيد من الأسرار عن بقية النباتات المنزلية.
أرسل تعليقك