برلين ـ جورج كرم
تُعرف أسماك الشاني بأن لديها رأس كبيرة وعينان كبيرتان، والتي يمكن رصدها على الشواطئ الصخرية، ويختبئون تحت الأعشاب البحرية في الشقوق الصخرية. إلا أن علماء الأحياء البحرية ربما اكتشفوا أن تلك الأسماك الصغيرة، تمتلك موهبة رائعة لتجد طريقها إلى المنزل، بل والعودة إلى نفس الأعشاش التي كانت تقطنها في كل عام.
وأوضحت صحيفة "ديلي ميل" أنه في الوقت الذي يرتبط فيه مفهوم الهجرة الموسمية بالطيور وبعض الثدييات، فإن الأسماك أيضا لديها مواسم هجرة ترتبط بأسباب تتعلق بالتبويض، مثل أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء، التي تتجه إلى خليج المكسيك عند الإنجاب أو أسماك السلمون، والتي تتجه نحو المياه الضحلة في شواطئ كولومبيا للسباحة ضد التيار. وهكذا أسماك الشاني، تعيش في المياه الساحلية في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وأوروبا الغربية، وشمال أفريقيا، لكنها تختلف نسبيًا في بحثها عن الطعام.
وعندما يمر موسم التزاوج، تقوم الأسماك الذكور بإقامة أعشاش لها في الشقوق، لحماية البيض الذي تضعه الإناث. ومن أجل متابعة تحركاتهم، رصد مجموعة من الباحثين تحركات مجموعة من الأسماك قبالة السواحل البرتغالية، لمتابعة رحلتهم ومواقع التعشيش خلال فترة امتدت لثلاثة سنوات. وخلال رصد حوالي مائتي موقع للتعشيش، كان فريق بحثي من أحد الجامعات المتخصصة في لشبونة، وجد أن الذكور غير موجودة خارج إطار موسم التزاوج، إلا أنهم كانوا يرصدون عودة الأسماك إلى العشش مع بداية موسم التزاوج.
وربما ما لفت الانتباه أن الأسماك لم ترجع فقط لنفس المنطقة، ولكنها عادت بالفعل إلى نفس الأعشاش التي كانوا يقطنونها من قبل في السنوات السابقة. وأن 54 في المائة من ذكور الأسماك عادوا بالفعل إلى نفس العشش التي كانوا يعيشون فيها، بينما تمكن 84 في المائة منهم من العودة إلى نفس المنطقة.
وأخذ الباحثون بعض الأسماك في مناطق تبعد بمسافات تصل إلى 150 مترًا عن مواقع التعشيش، حيث مناطق لا يعرفونها، إلا أنه بالرغم من ذلك تمكنت سمكتان من أصل أربعة أسماك من العودة إلى العش في غضون ستين يومًا. ومن المعتقد أن الأسماك يمكنها العودة إلى نفس المكان عامًا بعد عام، لأنهم أكثر دراية بالمنطقة، وبالتالي أكثر قدرة على استكشاف مكان العثور على الطعام، وكذلك تجنب الأماكن التي تتواجد فيها الأسماك المفترسة.
وأوضح الدكتور باولو جورج، مؤلف الدراسة، أن قدرة تلك الأسماك على العودة إلى أعشاشها تعكس مهارتها الملاحية المتطورة، وهو الأمر الذي يبدو داعمًا لدراسات أخرى تؤكد قدرتها الكبيرة على تحديد الاتجاه إلى الوطن حتى من الأماكن غير المألوفة. وأضاف أنه لكي تتمكن تلك الأسماك من العودة مرة أخرى، فهذا يعني أن لديهم القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات الجغرافية، إضافة إلى الاحتفاظ بملامح منازلهم الصخرية.
أرسل تعليقك