واشنطن - يوسف مكي
توصّل فريق من الباحثين إلى أنّ هرمون "الأوكسيتوسين" يساعد في الحفاظ على العلاقات طويلة الأجل، ووجد العلماء أن حيوانات النسناس من نوع "Callithrix jacchus" وتنتمي إلى قرود العالم الجديد، تتلقى "الأوكسيتوسين" عن طريق الأنف، وتبيّن أنها أكثر قدرة على التفاعل الاجتماعي مع أقرانها على المدى الطويل.
ويعد "الأوكسيتوسين" من الهرمونات التي تفرز في الدم وأدمغة البشر والثدييات الأخرى خلال السلوكيات الاجتماعية والجنسية، وأوضحت دراسات سابقة أن الأشخاص الذين يحصلون على دفعة من هرمون "الأوكسيتوسين" يظهرون قدرات اجتماعية أفضل من خلال زيادة التعاون والإيثار والتواصل مع أعضاء المجموعة.
ولفت باحثون من جامعة نبراسكا في أوماها، إلى أنه لا يُعرف الكثير عن كيفية علاج التفاعلات الاجتماعية لدى الآخرين من خلال "الأوكسيتوسين".
وذكر مؤلف الدراسة وطالب الدراسات العليا في مركز أبحاث "Callitrichid" في قسم علم النفس في جامعة نبراسكا، جون كافانو، "نحن أول من اكتشف أن النسناس الذي يعالج بالأوكسيتوسين يحظى بجاذبية اجتماعية أكبر من شريكه على المدى الطويل".
ولاحظ كافانو وفريق العمل بعض الاختلافات بين الذكور والإناث، بعد أن تفوقت الأخيرة من ناحية الاستمالة بينما تقدم الذكور في تحقيق الجاذبية، ويعكس هذا الترابط مزيدًا من التفاعل والميل الجنسي بين الشركاء بفضل هذا الهرمون.
وأضاف كافانو "وجدنا أن النسناس غير المعالج يصبح أكثر اهتماما بشريكه على المدى الطويل الذي تلقى الأوكسيتوسين بشكل أكبر عما إذا تلقى الشريك دواء آخر، وهو ما يشير إلى ارتفاع مستوى الجاذبية الاجتماعية، وتبدو التغيرات التي أحدثها الأوكسيتوسين خفية بشكل استثنائي حيث لا يمكن توضيح أي فروق في السلوك الإغرائي للنسناس المعالج بالأوكسيتوسين".
ويتشابه النسناس مع البشر في تشكيل علاقات اجتماعية بين الذكور والإناث على المدى الطويل مع رعاية الرضع، وأشار كافانو ردًا على سؤال عن أهمية الدراسة بالنسبة إلى البشر، إلى أن "الأوكسيتوسين يغير الدافع الاجتماعي تجاه الآخرين، وفقا لدراستنا لأنه يزيد من الجاذبية الاجتماعية لدى الأفراد المعالجين بهذا الهرمون".
وتابع كافانو "يظهر الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات اجتماعية بما في ذلك التوحد والقلق الاجتماعي معدلات منخفضة في الحفاظ على التفاعلات الاجتماعية وبالتالى يمكن تعزيز سلوكهم من خلال الأوكسيتوسين الذي يزيد إقبالهم على التفاعل مع الآخرين ويزيد جاذبيتهم كشريك اجتماعي".
وتوصل العلماء إلى هذه النتائج بعد ملاحظة التفاعلات الاجتماعية لعدة أيام بين 6 أزواج من النسناس البالغ، بعد 8 أسابيع من السكن المشترك، واستمرت كل جلسة للرصد لمدة 20 دقيقة تبدأ بعد نصف ساعة من تلقي النسناس إما دفعة من "الأوكسيتوسين" أو مثبط للهرمون أو علاج وهمي، وأعطيت جرعة الأوكسيتوسين من خلال قطرات في الأنف أما المثبط فكان عقار مخبأ في الطعام، لمحاولة توصيل هذه المواد للجهاز العصبي المركزي لملاحظة التغيرات التي تطرأ على السلوكيات الاجتماعية والعاطفية.
وشدد الباحثون على ضرورة إجراء بحوث مستقبلية، لاسيما على المدى طويل الأجل للمعالجة بـ"الأوكسيتوسين"، ويقود تطور هذا المجال إلى استنتاج مفاده أن الهرمون لا يعزز السلوك الاجتماعي عالميًا.
وبيّن أستاذ علم الأعصاب في جامعة نبراسكا وخبير السلوك الاجتماعي جيفري فرينش، أنه بالإضافة إلى تعزيز السلوك الاجتماعي الإيجابي يرتبط العلاج بـ"الأوكسيتوسين" بتعزيز الإحساس بالمجالات الاجتماعية السلبية، ومن خلال مزيد من الاستكشاف لدور الهرمون في تغيير الجاذبية الاجتماعية يمكن أن يساعد في إيجاد آلية للتعامل مع من يعانون من اضطرابات اجتماعية.
أرسل تعليقك