أكدت السيدة البريطانية، جوستين راديفن، لإحدى صديقاتها المقربين أنَّه من المفترض أن يكون إعلان حملها إعلان سعيد بالنسبة لها، سيكون هذا الحمل لطفلها الرابع.
ومع ذلك، فإنَّ رد الفعل على هذا الحمل جاء بمزيد من القلق أكثر من التهاني أوضحت جوستين، التي تبلغ من العمر 37 عامًا، أنَّها وضعت يدها بلطف على بطنها وقالت ببساطة: أليس هذا الجنون ؟، وكان السبب في رد الفعل الصامت هذا، أنَّ زوجها دانيال كان يحتضر من مرض سرطان نادر، وكان غير قابل للشفاء.
وأكدت جوستين أنَّ صديقتها لم تكون الأولى ولا الأخيرة التي صُدمت حينما عرفت خبر حملها، كما أنَّ جميع صديقتها رأوا أن هذا توقيت سيء للحمل.
وأضافت: ولكن لم أكن أهتم، أردنا طفلنا وبأي طريقة، حتى لو كان هناك أشخاص يعتقدون أنَّ هذا جنون.
وولدت الطفلة ميلي في نيسان/ أبريل 2013، وبعد ثمانية أشهر فقط توفى دانيال، البالغ من العمر 39 عامًا، ما جعل قصتهما المأساوية لا يمكن إنكارها، لاسيما أن دانيال تم تشخيص مرضه قبل أن يقابل جوستين، وصرحت جوستين: أنا عرفت دانيال وهو مُصاب بالسرطان.
رأى الكثير أنَّها اتخذت قرارًا مدهشًا وشجاعًا يفوق الخيال، والبعض الآخر يشعر بلا شك أنَّ هذا قرار أناني تمامًا، فهم حاولوا أن يكون معهم أكبر عدد ممكن من الأطفال في الوقت الذي يحتضر فيه.
وأكدت إحدى صديقاتها أنَّ هذا القرار يعد فكرة ساذجة، ويعد من الجنون أنَّها تريد عائلة كبيرة مع رجل مُصاب بمرض خطير.
وأضافت جوستن: أنا أفهم مدى صعوبة هذا القرار على الناس لأنَّهم ينظرون للموضوع من الخارج، ولكن كنا سعداء، ونحب بعضنا، وكنا نريد تكوين أسرة، لم أكن أريد أن تضيع لحظة من حياتي وأنا أفكر في المستقبل، كما أننا لم نتحدث مرة واحدة حول المدة التي سوف يعيشها دانيال.
جوستين ودانيال لديهما 4 أطفال هم: صوفيا، تبلغ من العمر (7) أعوام، وماني (5)، جيسي (3)، وميلي، ما يقرب من عامين.
وأوضحت جوستين، وهى تقلب في ألبومات صور عائلتها في ألم، أنَّها هي ودانيال كانا يحبان الأطفال، ويريدان تكوين عائلة كبيرة.
أصبح دانيال، تدريجيًا، أنحل وأضعف بعد جولات من الجراحة، وفى العام 2013 تحول شعره البني اللون إلى شعر أبيض بسبب الأدوية، وأظهرت صورة على الحائط كم كان دانيال هزيلًا في الفترة الأخيرة.
في كل مرة كان يخضع دانيال لجراحة، كان يرقد في السرير لمدة طويلة، واعتاد الأطفال على هذا، لذا وقت عودتهم من المدرسة كانوا يجرون نحو أبيهم في سريره ليحدثونه عن يومهم.
وأشارت جوستين إلى أنَّها تتذكر أن دانيال قبل وفاته بفترة وجيزة كان يرقد على سريره، وجسده هزيل وكان يتألم كثيرًا وشعره تحول إلى لون أبيض غريب.
وأضافت: كان السرطان جزء من علاقتي بدانيال منذ البداية، لم أكن أوهم نفسي أنه ربما يُشفى ولكن كان لدي أمل فقط.
اكتشف دانيال أنه مُصاب بالسرطان في العام 2003 عن عمر يناهز 28 عامًا بعد العثور على ورم بالجانب الأيمن من القفص الصدري، وبعد أن أزال هذا الورم في تموز/ يوليو 2003، تم تشخيص حالته بأنه مصاب بسرطان في الغضروف والعظام، وهو مرض نادر يصيب 530 شخصًا سنويًا، ومنذ إصابته بمرض السرطان في العظام والعلاج الكيميائي ليس فعال بالنسبة له، وكان يلجأ للعلاج بالجراحة بشكل رئيسي، وقيل لدانيال إن عمليته الجراحية لاقت نجاحًا كاملًا.
ولكن في كانون الثاني/ يناير من العام 2005، بعد أن تقدم لجوستين بأسابيع قليلة عاد السرطان إليه مرة أخرى، وأوضحت جوستين أنَّها كانت تعتقد أنَّه يحتاج لعملية جراحية فقط، كما أنه كان يبدو سليمًا جدًا، وكان من السهل أن نعتقد أن الأمور سوف تكون جيدة مرة أخرى.
وأضافت: كنت أعرف من الأصدقاء أن دانيال كان مُصابًا بالسرطان قبل أن يتقدم لي، ولكن عندما التقيت به وجدته مرحًا ومضحكًا وذكيًا وجذابًا، وأدركت أنني أريد أن أكون معه سواء كان مُصابا بالسرطان أو لا، فكنت أمام شخصية مميزة حقًا.
عاد السرطان مرة أخرى لدنيال في تموز 2006 ولكن هذه المرة في رئتيه وتخلص من الورم أيضًا من خلال عملية جراحية، وبالرغم من هذا تزوج جوستين ودانيال في تشرين الثاني/ نوفمبر وسافرا إلى جنوب أفريقيا لقضاء شهر العسل، ومنذ أن خضع دانيال للجراحة بدلًا من العلاج الكيميائي، تأثرت خصوبته في الوقت الذي كان يتوق الزوجين أن يصبحا آباء.
أصبحت جوستين حامل في صوفيا في أوائل العام 2007 ، وأوضحت أنَّهما ذهبا لرؤية مستشار دانيال لإجراء الفحوص عندما كانت في بداية حملها وقررت أن تقول له خبر حملها، فرد عليها: هل أنتما متأكدان من أنَّ هذا هو الوقت المناسب لجلب أطفال إلى هذا العالم.
على الرغم من أنَّ الحمل مر بدون مشاكل إلا أنه ظهر مرض السرطان مرة أخرى في رئتين دانيال، الأمر الذي يتطلب المزيد من الجراحة, ولكنهم واصلا الإصرار على الرغبة في الحصول على عائلة كبيرة، وقبل وفاة دانيال بعامين كان لا يبدو عليه أنَّه مريض، ولم يؤثر عليه المرض.
أصبحت جوستين حاملًا للمرة الثانية بعد أربعة أشهر ونصف من ولادة صوفيا، في الوقت الذي أوضحت الفحوصات أنَّ السرطان زاد في رئتي دانيال، وهذا أدى لمزيد من الجراحة بعد ولادة ماني.
وبحلول العام 2009، كان دانيال أجرى عمليات كثيرة، وبدأ الجراحون في اليأس من حالته، وفشلوا في الحصول على بدائل لمنع انتشار السرطان.
وأشارت جوستين إلى أنَّ دانيال لم يفقد الأمل، وقضى ساعات كثيرة في البحث عن عقاقير جديدة، أو علاج، أو أي شيء من شأنه أن يعطيه فرصة للحياة.
وولدت جيسي في العام 2011، وبعد ما يزيد عن عامين، كانت جوستين حاملًا مرة أخرى، ما سبب الكثير من الصدمة للأهل والأصدقاء، ولكننا كنا نريد الحصول على حياة طبيعية، وفي الوقت الذي كان السرطان يهاجم عظام دانيال، كان لا يزال زوجًا جيدًا بمعنى الكلمة.
اكتشف دانيال أنَّ السرطان توصل إلى عظام الحوض والعمود الفقري، عندما كانت جوستن حاملًا في ميلي، وكان دانيال محبطًا جدًا في هذا الفترة ومع ذلك، فكانت فترة الحمل خاصة بالنسبة لنا.
وأضافت جوستين: كنت أجلس أنا ودانيال على الأريكة في المنزل طوال النهار، بينما كان الأطفال في المدرسة.
أكدت جوستين أنَّ المرض بدأ يظهر على دانيال وشعر بالتعب، وكان يتألم كثيرًا وبالكاد يستطيع المشي، لكنه كان مقتنع أن المولود الجديد سيجعله قادرًا على الاستمرار.
وأضافت: توفى دانيال في 16 كانون الأول/ ديسمبر في نفس العام الذي ولدت فيه ميلي، اشتقت له كثيرًا، فقدانه ترك فراغ كبير في حياتنا، دائمًا أفكر وأتساءل هل كنت غبية حينما ولدت ميلي وهو مريض ولكني لدي أربعة أطفال من الشخص نفسه، أتحدث عن دانيال يوميًا مع أطفالي وننظر لصوره في كل وقت، وكل ليلة ننظر للنجوم من النافذة ونقول له "ليلة سعيدة".
أكد الدكتور كونان أنَّ قصة دانيال وجوستين قصة حزينة وربما لا تصدق، فالأب حياته قصيرة و ترك أرملة شابة وأربعة أطفال صغار، هذه هي نهاية قاسية لتجربة لمرض السرطان وسوف يتردد صداها مع كثيرين، ولكن اختيار الزوجين أن ينجبا 4 أطفال بالرغم من حالة الأب ربما يصدم الكثير من الناس.
وأضاف: لا يمكن إلقاء اللوم أو انتقاد جوستين لأنَّها كانت تريد تكوين أسرة مع الرجل الذي تحبه، الأطباء، وأنا منهم، دائمًا نوصي مرضى السرطان بالخروج وأن يعيشوا حياتهم، والتمتع بوقتهم وعدم إضاعة لحظة، ومن الواضح أنَّ هذا ما فعله دانيال وجوستين فبالنسبة لهم كان ذلك يعني تحقيق حلمهم في وجود الأسرة.
أرسل تعليقك