أم حقي ناضلت بعد رحيل زوجها لتربية أبنائها ولكن داعش أصاب قلبها بالوجع
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

عيد الأم يأتي على المرأة العراقية وهي تقبل صورة نجلها بدلًا من أن تعانقه بيديها

"أم حقي" ناضلت بعد رحيل زوجها لتربية أبنائها ولكن "داعش" أصاب قلبها بالوجع

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - "أم حقي" ناضلت بعد رحيل زوجها لتربية أبنائها ولكن "داعش" أصاب قلبها بالوجع

عيد الام في العراق
بغداد – نجلاء الطائي

تُعد الأم العراقية نموذجًا مهمًّا، وتتميّز بصفات التضحية والحنان والصبر، فبعد أن مرّ العراق بحقبة يصعب على الإنسانية أن تمر بمثلها، عانت الأم العراقية أعوام من الحزن والدمار والسجن، وقتل وفقر وحرمان، أضافت إلى هويتها، تسميات توجع القلب وتدمي العين، كـ "أم الشهيد"، "أم المفقود"، "الأرملة"، "الثكلى"، "الضحية" فتجدها في أغلب الأحيان تقبّل صورة ابنها بدلًا من أن تعانقه بيديها.

وأن الاحتفال بعيد الأم العراقية بمثابة تقدير لكل امرأة قوية، مجاهدة وصلبة، عاشت معاناة عقود طويلة، إذ ودّعت أولادها الذاهبين إلى جبهات القتال واستقبلت نعوشهم، أو قضى بعضهم أعوام شبابه في المعتقلات، تاركًا على كاهلها أثقال مسؤوليات مضاعفة. ويعتبر البعض أن الأم العراقية لا تنتظر من حكومتها، احتفالات بقدر ما تحتاج إلى دعم وضمان اجتماعي للأرامل والثكالى خصوصا.

فالعراق مدين لها بتضحياتها الكبيرة، فضلا عن حاجتها إلى رفع الظلم عنها وتثقيفها وتحسين واقعها الاجتماعي والنفسي، ومساعدتها على مواكبة التربية الحديثة بعد التغيير الكبير الذي شهدته القيم والمفاهيم الأسرية. وتحدث الإعلامي والشاعر ضياء الأسدي، قائلًا "اليك ايتها الأم المورقة بالصبر، الضاجّة بالقلق، المتلفعة بالدعاء، تلتوي تحت قدميك، حروفنا اليافعة بالحنين، لننسج من حقول العبارات، أسمى عاطفة تليق بك.. أيتها المعطاءة كالمطر .. نزف اليك ورود أيامنا المبللة بعطر "شيلتك" الفاحمة السواد، نحتطب كلّ شهيق الكون أمام جبل صبرك، وأنت تزرعين الحياة بين شفاه طفولتنا.. كل عيد وأنت عالمنا المعطاء، ووجهتنا التي لا مفرّ إلا إليها .. كل عام وأنت بسلام أيتها الأم العراقية".

وقال الكاتب حسام كصّاي "نتقدم بأزكى التهاني وأعطر التبريكات وأرقى معاني الوفاء لأمي وكل الأمهات العراقيات الصابرات على المحن، ونحن ننحني لذلك النهر المتدفق من العطاء، لذلك الفردوس وقفن ضد عاديات الدهر بثبات الإيمان وشموخ نخلات العراق، وهن يتذرعن بأنْ يعم الأمن والسلم لهذا الوطن الغالي والكبير بمعاناتهِ، لأمنا المخلصة التي نَوّر الله ظلامنا بحضورها ووجهها المُتّقد بهجةً وسرورًا، نتذرع للباري أنْ يحفظ أمهاتنا من أجل مستقبلنا، لأننا نحتاج لهن من أجل الدعاء لنا، أمنا منبر الدعاء الذي لا يُرد، اللهم أحفظ أمي وكل أمهات الوطن الجميل برغم عناوين حُزنه".

وأضاف الكاتب السياسي سلام مكي "لا اتصور أن ثمة كلمات يمكن استدراجها إلى المخيلة، لتحقق رغبة تراود الجميع، وهي التعبير عن الشكر والامتنان لكائن، عظيم مثل الأم في عيدها، نقدم القلوب، مغلفة بزهور الكون، وأضواء العيون، إلى الكائن الذي يستحق وحدهٌ أن يقدم على غيره من البشر. وتابع أن "عيد الأم، هو الفرصة الأهم في تتويج الأم تاجًا على الرؤوس، لتجديد البيعة لها، لتذكيرها بأن لا حياة من دونها، فعيد الأم فرصة عظيمة لمن يملك امًا، لكي يغبط نفسه على النعمة التي بين يديه والتي لا توازيها أي نعمة".

وعبرت الإعلامية وداد إبراهيم، عن حبها قائلة "أمي .. يا رحلة طويلة تقطعينها من الإحساس الأول بالحمل حتى الولادة حتى دخولنا المدرسة والجامعة، رحلة محفوفة بالألم والوجع والقلق والفرح والانتظار، انتظار النجاح نهاية العام، والأم عوالم من الحنان والحب والدفء والأمان، صدق من قال الأم مدرسة أن أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق كم أنت عظيمة يا أمي".

وأوضح الإعلامي علي السراي قائلًا "كل عام وأنت بألف خير آيتها النخلة الشامخة "أمي"، برؤيتك يصبح الهواء انقى واصفى .. وبحضنك الدافئ طعم الأمان يبقى .. بلمساتك الذهبية المريض يشفى.. كل عام وأنت بخير وانا لرضاك أسعى".

وفي الجهة المقابلة تقف الأم العراقية التي تميّزت عن بقية الأمهات في العالم، بمعاناتها الكبيرة وصبرها القوي، وهي تحمل قلبها بيدها، لتهبه إلى من أنزرع في أحشائها وخرج إلى الحياة قطعةً منها، يتنفس ويعيش بصلواتها، الأم العراقية تلك التي أجبرتها الحروب المتوالية والظروف المعاشية الصعبة لتؤدي دور الأم والأب في آن واحد.. وتقول إيمان عادل، وهي أم لستة أبناء فقدوا والدهم في حادث إرهابي، أنها عانت طويلاً لتوفير لقمة العيش لهم، ليواصلوا دراستهم بعد أن فقدت رفيق دربها والأمين على بيتها.

وهنا نقف على بعض القصص المحزنة، لنرى صبر وشجاعة المرأة العراقية في جميع الأزمان، "لم تكن تتصور أم حقي أن تفقد أبنائها الاثنين بعد معاناة الزمن التي لحق بها جراء فقدانها زوجها في مرض عضال في ثمانينات القرون السابقة، ويجعلها أمام حياة صعبة مليئة بالمخاطر وفي عنقها أربعة أطفال صغار لايتجاوز كبيرهم الخمسة أعوام.

سردت أم حقي في تصريحات خاصة إلى "العرب اليوم"، حكايتها المؤلمة، وهي كما شاهدتها جسد من دون روح تنتظر مغادرتها الدنيا والإلحاق بأولادها لتبدأ الحكاية، قائلة "لم يكن لدى زوجي تقاعد أعيش به أنا وأطفالي الصغار الذي تركهم ورحل ولم يكن أمامي سوى ماكنة الخياطة لأستطيع العيش بكرامة ومن دون مد اليد، بعد مساعدة عائلتي ووالدي بمنحي منزل اسكن به أنا وأطفالي وعانية ما عانية من أجل تربيتهم ووصولهم إلى مشارف الجامعات".

وتابعت "أولادي هم حقي وأحمد وعلي، وبنت واحدة اسمها شيماء استطاعت بقوتها ونضالها إيصالهم إلى الجامعات حيث تخرج الابن البكر من كلية الإدارة والاقتصاد، أما الثاني فقد وصل تعليمه إلى مشارف الثانوية والأبن الأصغر علي أنهى دراسة الماجستير في كلية الفنون الجميلة. وتروي أم حقي والدموع تذرف من عينها، "بعد تخرج ابني البكري من الجامعة وحصوله على وظيفة جيدة في وزارة العدل صارح والدته برغبته في الزواج من فتاة يحبها، فرحت العمة والدنيا لم تكن تسعها، وفي اليوم المشؤوم حيث كانت طيعة عمله حسابية وطلب مدير قسمه الذهاب إلى وزارة المال، لإجراء بعض الكشوفات على قوائم الحساب".

وتكمل الحديث "وعند وصوله إلى مبنى الوزارة المذكورة، وخلال ثواني قليلة فصلت حياته في التفجير الذي حدث في وزارة المال، وذهب ضحيتها مئات الأشخاص وكان حقي من بين الأشخاص الذين قتلوا، مبينة لنا الصدمة التي عاشتها عند تلقيها الخبر وجراء تلك الحادث أصاب ابنها الصغير علي مرض السكري، لأنه كان متعلق كثيرًا بأخيه. وتشير أم حقي إلى أنها تركت المنزل، لأنها لم تستطيع العيش فيه وجميع الجدران تذكرها بابنها البكر إلى منزل ثان كان الأسوأ.

ومرت الأعوام ليتزوج ابنها أحمد ويملئ المنزل بالأطفال، مضيفة "كنت أشعر معهم بالسعادة، فضلا على حصول ابني الصغير على الماجستير ليصبح أستاذًا جامعيًا، وذات يوم لم يعد علي إلى المنزل في وقته المحدد كل يوم قلقت كثيرًا لدرجة اتصلت على هاتفه الجوال عدة مرات لكن من دون جدوى، لتاتي الفاجعة التي قصمت نصفي اثنين بمقتل ابني الأصغر عند عودته من مكان عمله، وكان في منطقة ساخنة وهي "أبو غريب"، لم تستطع أم حقي التحمل فأصبحت رقيدة الفراش، لا تشعر بفرح وحزن الدنيا هي كما قلت سابقا جسد من غير رووح تعد الأيام للذهاب إلى أولادها.

أما قصة عائشة طه عثمان، فهي لم يخطر في بالها أن القاتل سيخطف ثلاثة من أبنائها الخمسة، في لحظة واحدة، لكنه تنظيم "داعش". هذا ما حدث في 25 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ذهب اثنان من أبنائها لتفقد ابنها النقيب في البيشمركة المرابط قرب زمار. خلال وجودهما هناك، اندلعت معركة قاسية مع "داعش". أخذتهما الحماسة فذهبا مع شقيقهما للمشاركة، وساهموا في تحرير أجزاء من مدينة زمار، ولدى وصولهم إلى نقطة معينة انفجرت سيارة مفخخة فتطايرت أشلاؤهم. في لحظة واحدة، خسرت عائشة أولادها مولود وأحمد ونجاد. وخسرتهم قوات البيشمركة أيضاً.

وزرنا بعض العوائل من مفقودي قاعدة سباكر، والتقينا بأحد أمهات الضحايا وتدعى أم علي، وهي تقول بعد ثلاثة أعوام على فقدان ابنها حسين "يمه حسين يمته ترجع؟"، وأغرقت عيناها بالدموع والبكاء على فقدان ابنها الذي لم يذق طعم الحياة لكونه في بداية عمره وغير متزوج، وهي تتحدث كلمة ثم تمسح عينيها اللتين احمرتا من شدة الحزن والبكاء على ولدها. وتابعت بصوت مكسور وهي تقول "ما ذنب أولادنا الذين ذهبوا للدفاع عن أرض الوطن؟ ما ذنب هؤلاء الشباب الذين هم بعمر الورود؟ من واجب الحكومة التدخل ومساعدتنا في إيجاد أبنائنا، ونطلب من المسؤولين الحديث مع عشائر المنطقة الغربية من أجل أن نصل إلى أبنائنا".

وواصلت أم علي حديثها "أن ولدي حسين كان عمره 20 عامًا فقد مع مجموعة من الشباب. و قبل التحاقه بوحدته العسكرية، قمت بالتسوق وشراء معدات عسكرية اخذها معه إلى معسكره التدريبي في قاعة سبايكر بصلاح الدين. وأن حسين ظل باتصال مستمر معنا طول اليوم من تكريت، وفي اليوم التالي حدثنا بالموبايل بصوت مرتجف، وقال لنا "نحن محاصرون، داعش داعش اجانا، ثم انقطع الاتصال"، بعدها قمنا بالاتصال به مرات عدّة، إلا أن جهازه كان مغلقًا أو خارج نطاق التغطية. ومنذ ذلك اليوم انقطعت أخباره وزملائه الذين كانوا بقاعدة "سبايكر "العسكرية في مدينة تكريت والتي سيطر عليها داعش، وبثوا مقطعًا مسجلًا على الإنترنت يظهر قيامهم بإعدام مئات من جنود "سبايكر".

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم حقي ناضلت بعد رحيل زوجها لتربية أبنائها ولكن داعش أصاب قلبها بالوجع أم حقي ناضلت بعد رحيل زوجها لتربية أبنائها ولكن داعش أصاب قلبها بالوجع



GMT 10:30 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

عائلة عارضة الأزياء ستيلا تينانت تكشف أنها انتحرت

GMT 09:21 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسس التعامل الصحيح مع الزوج العدواني

GMT 09:05 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

كبر معمرة على الأرض تعشق الشيكولاتة وتحتفل بعيدها الـ118
 فلسطين اليوم -

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday