حذر مراقبون وحقوقيون في غزة من عودة الانفلات الأمني إلى قطاع غزة، مؤكدين أنَّ استمراره وتناميه يؤدي إلى الفوضى الشاملة وانهيار النظام العام ويعرض حياة المواطنين وممتلكاتهم للخطر.
وجاءت تلك التحذيرات بعد حوادث تفجير منازل وسيارات وممتلكات لقيادات في "فتح"، وبيانات تهديد لصحافيين وشعراء واعتداءات على بنوك مصرفية وسرقة وحرق محتويات مقر هيئة شؤون الأسرى في غزة، فضلًا عن اختطاف شخصيات أو الاعتداء عليها، والتي حدثت في الآونة الأخيرة في قطاع غزة .
ويبدو أنَّ هذه الحالة من الاضطراب والفتن وتبادل الاتهامات بين السلطة الفلسطينية ممثلة في الرئيس عباس وحركة "فتح" من جهة وبين حركة "حماس" من جهة أخرى، تستهدف خلط الأوراق وتعطيل جهود استعادة الوحدة الوطنية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني، وتقويض عمل حكومة الوفاق الوطني هذا ما يذهب إليه أحد المحللين السياسيين الذي يحذر من "حالة الفوضى الأمنية في غزة التي قد لا تسيطر عليها حركة "حماس" سريعًا وتؤدي إلى انهيار أمني، ما يجعل غزة أرضًا خصبة لنمو جماعات سلفية جهادية متطرفة".
وصرَّح الكاتب في الشأن السياسي والأمني الدكتور عدنان أبو عامر، بأنَّ حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني التي شُكلت في حزيران/ يونيو الماضي أصبحت عاجزة تمامًا عن أداء مهامها في غزة، موضحًا أنَّ عدم قدرة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية على السيطرة الأمنية وضبط الأوضاع بشكل مُحكم يعود إلى "غياب التوافق بين السلطة في رام الله مع حركة حماس في غزة، ما يعيق الدعم اللوجستي والمادي لنشر قوات أمنية".
وأضاف أبو عامر إنَّ "الرخاوة الأمنية تفسح المجال لمجموعات متفرقة في غزة وتهدف إلى توجيه رسائل سياسية لأطراف من "حماس" لمصر ولإسرائيل وللسلطة، وقد ترتبط بمجموعات أخرى خارجة عن القانون"، مستبعدًا إثبات التهم الموجهة إلى حركة "حماس" قائلًا "من الصعب إثبات التهم ضد الحركة التي تفاخر وتعلن أنَّ انجازها الحقيقي هو البعد الأمني، كما استبعد في هذه المرحلة على الأقل أن تُفرط حماس في هذا الانجاز".
وأكد المحلل السياسي الدكتور عمير الفرا، أنَّ أهم أسباب الفوضى الأمنية تعود إلى حالة "الفراغ السياسي والتشرذم في صفوف القيادة الفلسطينية وابتعادها عن هموم الشارع الأساسية"، معتبرًا أنَّ حركة "حماس" جزء من هذه الفوضى لعدم تعاطيها مع كل الملفات بطريقة واحدة، موضحًا أنَّ لها أوليات في الملفات الأمنية.
واعتبرت الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، أنَّ استمرار تلك الحوادث دون الكشف أو ملاحقة الفاعلين سيؤسس لمرحلة جديدة من انفلات أمني يطال الحقوق الأساسية المكفولة بالقانون، ويخفض مستوى تقديم الخدمات الأساسية والضرورية، وخاصة الأمنية منها، المتأزمة أساسًا في القطاع.
وشدَّدت الهيئة على ضرورة التزام الحكومة والأجهزة الأمنية التابعة لها بتوفير متطلبات الأمن وحماية حقوق المواطنين، التزام دائم ومستمر لا يتوقف أو يُمس لأية اعتبارات أو مبررات،.
كما طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وزارة الداخلية، والنيابة العامة في قطاع غزة بسرعة التحقيق في هذه الاعتداءات الخطيرة واتخاذ المقتضى القانوني بشأن مرتكبيها ومن يقف وراءهم وتقديم كل من يثبت تورطهم فيها للعدالة، والإعلان عن نتائج تلك التحقيقات، وضرورة الاهتمام بالدور القانوني والإداري المناط بهم، وممارسة هذا الدور بكل استحقاقاته في قطاع غزة، بما يعزز استقرار المراكز القانونية والسلم والأمن الأهلي.
من جهتها تنفي "حماس" وتُنكر بشدة مزاعم وجود "داعش" في غزة، لكن ما يثير التساؤلات هي موافقة أجهزتها الأمنية للمرة الأولى على تنظيم مسيرة للتنظيم المتطرف، اتجهت صوب المركز الثقافي الفرنسي في غزة، كما بُث تسجلٌ مصور على "يوتيوب" يظهر فيه العشرات يرفعون رايات "داعش" ويرددون هتافات تُعلن الولاء لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادى.
و نفى القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الدكتور صلاح البردويل، وجود أي مخاوف من عودة الفلتان الأمني إلى قطاع غزة، وأكد أنَّ "حماس" لن تسمح بأن تكون الخلافات القائمة بين جناحي حركة "فتح" مدخلًا لزعزعة أمن واستقرار غزة.
وأشار البردويل في تصريحات صحافية إلى أنَّ "حماس" ليس لها أي دور في الخلافات القائمة بين أنصار دحلان وخصومهم من أنصار عباس داخل حركة "فتح"، قائلًا "حماس لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بخلافات حركة فتح الداخلية".
أرسل تعليقك