استنكر مجلس الوزراء الفلسطيني قيام الحكومة الإسرائيلية بتحويل مبلغ 300 مليون شيكل لشركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية من مستحقات الضرائب الفلسطينية التي تحتجزها إسرائيل للشهر الثالث على التوالي لسداد جزء من مديونية الشركة الإسرائيلية، بعد قيام الشركة الإسرائيلية بقطع الكهرباء مرتين عن مناطق في نابلس وجنين الأسبوع الماضي، والتهديد بتوسيع نطاق القطع ليشمل مناطق واسعة في شمال وجنوب الضفة.
ووصف المجلس، خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في رام الله الثلاثاء برئاسة الدكتور رامي الحمدالله، هذا الإجراء بأنَّه جريمة مركبة ترتكبها إسرائيل فهي تحتجز الأموال الفلسطينية ثم تقوم بالتصرف بها بإرادتها المنفردة دون علم أو موافقة أصحابها، لاسيما أنَّ عملية بيع الكهرباء تتم بشكل مباشر من الشركة الإسرائيلية إلى شركات التوزيع الفلسطينية، ويتم الدفع بشكل مباشر عبر حساب للشركة الإسرائيلية في بنك القاهرة عمان، وذلك قبل قيام السلطة الوطنية، واستمر كذلك بعد قيامها، وما زالت إسرائيل ترفض إبرام أية اتفاقية تجارية مع الشركة الإسرائيلية تضمن تزويد الأرض الفلسطينية بتعريفة جملة، ونقل صلاحيات نقاط الربط والشبك للسلطة، وآلية دفع عادلة، وتدقيق كل الفواتير منذ قيام السلطة دون مماطلة أو تسويف وتعطيل للتوصل إلى اتفاق يشمل جميع القضايا.
وشكك المجلس بصحة الديون التي تدعيها الشركة الإسرائيلية، نظرًا لأنَّ قراءة وفحص العدادات في نحو 230 نقطة ربط للشبكة الفلسطينية بالشركة الإسرائيلية، غير متاحة للجانب الفلسطيني، وتتم من قبل متعهد يعمل لصالح الشركة الإسرائيلية، وتحميل الرواتب الضخمة التي يتقاضاها موظفو الشركة الإسرائيلية على التعريفة التي تباع بها الكهرباء للفلسطينيين، ما يدعو للتشكيك بالأرقام التي تدعيها الشركة الإسرائيلية بشأن مديونية شركات التوزيع والهيئات المحلية الفلسطينية.
وأكد أنَّ الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لمعالجة هذا الملف من خلال تحفيز شركات التوزيع والهيئات المحلية الموزعة للكهرباء على زيادة الجباية، وتشجيع مبادرات الاستثمار في قطاع الطاقة البديلة المتجددة.
ودان المجلس بشدة التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، من خلال المناورات العسكرية الضخمة التي أجرتها قوات الاحتلال في أرض دولة فلسطين وبأعداد كبيرة من القوات للتغطية على مخططاتها وانتهاكاتها المتمثلة بمواصلة عمليات مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني، وعمليات تهويد القدس وهدم المنازل وسحب الهويات، وسرقة الأموال الفلسطينية، وقطع الكهرباء ومواصلة الحصار الخانق على قطاع غزة، والاحتياجات المتواصلة لمناطق السلطة الفلسطينية، كلها تؤكد يوميًا على أن الحكومة الإسرائيلية ومنذ زمن ليس بالقريب تقوم بالإعداد والتحضير لهذا الانفجار المرتقب الذي تدعيه.
وشدد المجلس على أنَّ الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير في الأوضاع، محذرًا من نوايا الحكومة الإسرائيلية وسياساتها الهادفة إلى تفجير الأوضاع، ومطالبًا المجتمع الدولي بالحذر من أكاذيب وتضليل الحكومة الإسرائيلية، وضرورة التحرك العاجل لوقف التصعيد الإسرائيلي.
واستنكر المجلس بشدة قرار الحكومة الإسرائيلية المصادقة على إقامة حي استيطاني جديد في مستوطنة ما يسمى "بيتار عيليت" المقامة جنوب غرب بيت لحم، على حساب أراضي قرية واد فوكين.
وأشار المجلس إلى أنَّ التوسع الذي تنوي إسرائيل فرضه يهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي في المنطقة على حساب الأراضي الفلسطينية المحيطة بالمستوطنة التي تقع ضمن "تجمع غوش عتصيون الاستيطاني" الذي تسعى إسرائيل إلى ضمه لحدودها بالإضافة إلى تجمعين آخرين هما "معاليه أدوميم" و"جفعات زئيف" شرق وشمال غرب مدينة القدس على التوالي، من خلال بناء جدار الفصل العنصري، في إطار مخططاتها لتوسيع حدود بلدية القدس لتصبح المدينة ذات أغلبية يهودية.
وأكد المجلس أنَّ الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي الذي يفتك بالأرض الفلسطينية يُعتبر جريمة حرب ويستدعي من المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي ضرورة التحرك الفاعل لإلزام حكومة الاحتلال بوقف كامل أنشطتها الاستيطانية، ومحاسبتها على انتهاكاتها لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية.
ودان المجلس إقدام المستوطنين على إضرام النار في مسجد "الهدى" بقرية الجبعة الواقعة في الريف الغربي لمحافظة بيت لحم، وإقدامهم على إطلاق الرصاص الحي باتجاه منازل المواطنين في بلدة نحالين غرب بيت لحم، واقتلاع مائة غرسة زيتون وسط مدينة الخليل.
وفي ذات السياق؛ دان المجلس إقدام المتطرفين على إحراق كنيسة "جبل صهيون" في القدس وإيقاع أضرار بأجزاء من الكنيسة، وكتابة شعارات معادية للمسيحية وللنبي عيسى عليه السلام على جدران الكنيسة.
وأكد المجلس أنَّ هذه الاعتداءات الخطيرة والمعادية للأديان هي نتيجة احتلال قائم على العنصرية والتحريض والتشويه في ظل وجود تشريعات تعزز التمييز وإقصاء الآخر، بالإضافة إلى السياسات العدوانية التي تنتهجها حكومة الاحتلال وائتلافها اليميني المتطرف وبعض المؤسسات الدينية والسياسية.
ودعا المجلس إلى اعتبار هذه الجرائم أعمالًا متطرفة خارجة عن القانون، ومحاسبة مرتكبيها، مطالبًا دول العالم بإلزام إسرائيل بمنع التمييز العنصري، والتوقف عن حملات التحريض على الكراهية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني.
وعلى صعيدٍ آخر؛ أشاد المجلس ـ في الذكرى السنوية العاشرة لانطلاقة المقاومة الشعبية في بلعين ـ بدور أهالي قرية بلعين الذين أشعلوا شرارة المقاومة الشعبية السلمية ضد إقامة جدار الفصل العنصري على أرضهم، والتي تطورت إلى مسيرة أسبوعية وصلت أصداؤها إلى جميع أنحاء العالم، ودفعت المئات من المتضامنين الأجانب إلى المشاركة فيها، وفضح السياسات العنصرية الإسرائيلية في بلدانهم، لحشد المزيد من الدعم والتضامن مع أبناء شعبنا.
ووجه التحية إليهم، وإلى كل أبناء شعبنا، وإلى قادة ونشطاء المقاومة الشعبية السلمية الذين أصبحت مبادرتهم الخلاقة والإصرار على الصمود والمقاومة نموذجًا يحتذى به للمقاومة في مختلف المناطق الفلسطينية المهددة بالجدار والاستيطان، وعلى حق شعبنا في الدفاع عن أرضه، مؤكدًا دعم الحكومة ومساندتها للمقاومة الشعبية، والتزامها بتوفير متطلبات استمرارها وتطويرها، ودعوة كافة أبناء شعبنا إلى الانخراط والمشاركة في المقاومة الشعبية السلمية التي كفلتها لنا الشرعية الدولية.
وثمّن المجلس تصويت البرلمان الإيطالي على دعم هدف قيام دولة فلسطينية، وتشجيع الاعتراف بفلسطين كدولة ديمقراطية ذات سيادة داخل حدود 1967.
وأكد المجلس أنَّ هذا القرار سيدعم المسيرة السلمية ويُعزز فرص السلام وإنقاذ حل الدولتين المدعوم من قبل المجتمع الدولي، معربًا عن أمله بأن تقوم الحكومة الإيطالية بتحويل دعوة البرلمان الإيطالي إلى اعتراف كامل بالدولة الفلسطينية.
وشدد على التزام الجانب الفلسطيني بتحقيق السلام العادل والدائم القائم على قرارات الشرعية الدولية وفق مبدأ حل الدولتين لإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود العام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
واعتبر المجلس أن الاعترافات البرلمانية خطوة في الاتجاه الصحيح، والوقوف بجانب الحق والسلام، ورسالة هامة للبرلمانات في دول العالم الحر لتبني الاعتراف بدولة فلسطين، وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
ودعا المجلس باقي دول العالم وفي مقدمتها الدول الأوروبية إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ردًا على استمرار التعنت الإسرائيلي وقرارات وسياسات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية الأحادية وغير القانونية والمخالفة لقرارات الشرعية الدولية.
وثمّن المجلس فعاليات أسبوع مقاومة "الأبرتهايد" الإسرائيلي في فلسطين التي أطلقتها اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، تزامنًا مع انطلاق فعاليات أسبوع مناهضة "الأبرتهايد" الإسرائيلي حول العالم، للتوعية بنظام إسرائيل الاستيطاني والعنصري، ولحشد الدعم لعزل سياسة إسرائيل على كافة الأصعدة، والتي يشارك فيها أكثر من 200 مدينة من مختلف أنحاء العالم، بتنظيم فعاليات مختلفة خلال هذا الأسبوع، وتسلط الضوء على أبعاد وأشكال نظام الفصل العنصري الإسرائيلي وعلى نجاحات الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل.
ورحب المجلس بإطلاق رئيس الوزراء، 19 مشروعا لدعم مناطق (ج) والقدس الشرقية بقيمة 5.2 مليون دولار بتمويل أوروبي ضمن برنامج الصمود والتنمية (سي ار دي بي) الذي تم تأسيسه عام 2012 بمبادرة من مملكة السويد الصديقة، وبدعم كل من المملكة المتحدة والنرويج والنمسا، للارتقاء بمستوى حياة الفلسطينيين في القدس الشرقية، وفي المناطق المسماة (ج) بما فيها الأغوار، ولحماية الأرض والهوية الفلسطينية من محاولات التهجير والاقتلاع والمصادرة. وأكد المجلس أن هذه المشاريع التي تتوزع على قطاعات مختلفة وحيوية كالتعليم والصحة والثقافة وبناء القدرات إضافة إلى تطوير البنية التحتية وتأهيلها لضمان الوصول إلى الموارد الطبيعية، ستساهم في تثبيت المواطن الفلسطيني على أرضه في هذه المناطق.
وأعر عن تقديره للدول التي ساهمت في تمويل هذه المشاريع التي تمثل انتصارًا لحقوق الشعب الفلسطيني في البقاء والبناء على أرض وطنه، ورسالة للعالم أجمع بضرورة التدخل الفاعل والملموس لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المتواصلة، وإلزامها بالتقيد بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
واستمع المجلس إلى تقرير حول جهود عملية إعادة إعمار قطاع غزة، إذ أشار رئيس اللجنة الوزارية لإعادة الإعمار، الدكتور محمد مصطفى، إلى موافقة دولة الكويت الشقيقة على المقترح الذي تقدم به الوفد الفلسطيني برئاسة الدكتور رامي الحمدالله خلال زيارته الأخيرة إلى دولة الكويت، بشأن مساهمتها في إعادة إعمار المحافظات الجنوبية بمبلغ 200 مليون دولار، وتشكيل فريق عمل بخصوص التعاون وإجراء النقاشات اللازمة وصياغة مذكرة تفاهم مع الصندوق الكويتي لهذه المنحه، التي تشمل مشاريع في قطاع الإسكان، والمياه، والطرق، والزراعة والإقتصاد.
وأشار إلى موافقة الأشقاء في المملكة العربية السعودية على تقديم مساهمة لقطاع الإسكان بقيمة 82 مليون دولار من خلال الصندوق السعودي، كما يجري حاليًا ومن خلال البنوك المعتمدة صرف مبالغ مالية من المنحة القطرية الأولى بمبلغ 25 مليون دولار تمثل تعويضات عن أضرار العدوان الأخير لصالح القطاع الاقتصادي، وقطاع الإسكان، والكهرباء ضمن قطاع البنية التحتية والخدمات العامة لشراء الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء.
وتقدم دولة قطر الشقيقة مبلغ 40 مليون دولار لدعم المؤسسات الأممية العاملة في قطاع التعليم في قطاع غزة، بالإضافة إلى استمرار جهود إعادة الإعمار التي تتضمن إدخال مواد البناء، وعملية حصر الأضرار، وإيواء المواطنين، وهدم المباني الآيلة للسقوط أو تدعيمها، والجهود في مجال الكهرباء والمياه والزراعة والصحة والقطاع الاقتصادي والحكم المحلي والبلديات، مشيرًا إلى أن نقص التمويل يحول دون الإسراع في تعجيل عملية إعادة الإعمار.
وتقدم المجلس بالشكر إلى الحكومة التركية لتكرمها بتقديم دفعة مالية بقيمة 500 ألف دولارًا لشراء وقود لشركة كهرباء غزة، ما يساهم في زيادة عدد ساعات توفير الكهرباء والتخفيف على المواطنين في القطاع.
وجددت الحكومة دعوتها للدول المانحة بالوفاء بالتعهدات التي التزمت بها في مؤتمر القاهرة لإعادة الاعمار، لتلبية احتياجات المواطنين في قطاع غزة، لاسيما في ظل الأزمة المالية جراء احتجاز إسرائيل لعائدات الضرائب الفلسطينية.
وقرر المجلس بدء العمل بالتوقيت الصيفي في فلسطين، وذلك بتقديم عقارب الساعة ستين دقيقة إلى الأمام، اعتبارًا من منتصف ليلة الجمعة/ السبت الموافق 27/28 آذار/ مارس الجاري.
أرسل تعليقك