واشنطن - رولا عيسى
أكد قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، والرئيس الأميركي باراك أوباما العمل المشترك للتصدي لأيّة أنشطة إيرانية تزعزع الاستقرار في المنطقة، وتشدد على ضرورة أن تتعاون إيران في المنطقة وفقًا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سلامة الأراضي، بما يتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وضرورة أن تتخذ إيران خطوات فعلية وعملية لبناء الثقة وحل النزاعات مع جيرانها بالطرق السلمية.
جاء ذلك في بيان مشترك، صدر عقب اجتماع قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي, مع الرئيس الأميركي، في منتجع كامب ديفيد، مساء الخميس الماضي.
وشدد قادة ورؤساء وفود دول المجلس وأوباما على التزامهم المشترك حيال شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة والمجلس؛ لبناء علاقات أوثق في المجالات كافة، بما فيها التعاون في المجالين الدفاعي والأمني، ووضع حلول جماعية للقضايا الإقليمية، وتعزيز اهتمامهم المشترك بتحقيق الاستقرار والازدهار.
وجاء نصّ البيان كالآتي: اجتمع مساء الخميس الماضي في كامب ديفيد ممثلو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمين العام لمجلس التعاون، مع الرئيس الأميركي باراك أوباما وأعضاء حكومته؛ بهدف تأكيد وتوطيد الشراكة القوية والتعاون بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون، وأكد القادة التزامهم المشترك حيال شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون، لبناء علاقات أوثق في المجالات كافة، بما فيها التعاون في المجالين الدفاعي والأمني، ووضع حلول جماعية للقضايا الإقليمية، لتعزيز اهتمامهم المشترك بالاستقرار والازدهار، الولايات المتحدة تولي مع شركائها في مجلس التعاون اهتمامًا بالغًا بمنطقة يسودها السلام والازدهار، واهتمامًا أساسيًا بدعم الاستقلال السياسي وسلامة أراضي شركائها في مجلس التعاون لتكون آمنة من العدوان الخارجي، إن سياسة الولايات المتحدة استخدام كافة عناصر القوة كافة لحماية مصالحنا الرئيسية المشتركة في منطقة الخليج وردع ومواجهة أي عدوان خارجي ضد حلفائها وشركائها، كما فعلت في حرب الخليج، هي أمر لا يقبل التشكيك.
وأكد البيان بقوله: الولايات المتحدة على استعداد للعمل مع دول مجلس التعاون لردع والتصدي لأي تهديد خارجي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة لسلامة أراضي أي من دول مجلس التعاون، وحال وقوع مثل هذا العدوان أو التهديد به، فان الولايات المتحدة على استعداد للعمل على وجه السرعة مع شركائها في مجلس التعاون لتحديد الإجراء المناسب الواجب اتخاذه باستخدام السبل المتاحة كافة، بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية، للدفاع عن شركائها في مجلس التعاون، وكما حدث في عملية "عاصفة الحزم"، فإن دول مجلس التعاون ستتشاور مع الولايات المتحدة عند التخطيط لعمل عسكري خارج حدودها، لاسيما عند طلبها مساعدة الولايات المتحدة فيه، وبهذه الروح، وانطلاقًا من مبادئ (منتدى التعاون الاستراتيجي) بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون، بحث القادة تأسيس شراكة استراتيجية جديدة بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون؛ لتعزيز عملهم الهادف إلى تحسين التعاون الدفاعي والأمني، لاسيما فيما يتعلق بسرعة الإمداد بالأسلحة، ومكافحة التطرف، والأمن البحري، والأمن الإلكتروني، والدفاع ضد الصواريخ الباليستية.
وأكمل البيان: واستعرض القادة وضع المفاوضات بين مجموعة (5+1) وإيران، وأكدوا أن اتفاقًا شاملاً يتيح الرقابة والتحقق ويبدد المخاوف الإقليمية والدولية بشأن برنامج إيران النووي سيخدم المصالح الأمنية لدول مجلس التعاون والولايات المتحدة والمجتمع الدولي على حد سواء، وتعارض الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون وستعمل معًا للتصدي لأيّة أنشطة إيرانية تزعزع الاستقرار في المنطقة، وتشدد على ضرورة أن تتعاون إيران في المنطقة وفقًا لمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سلامة الأراضي، بما يتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وضرورة أن تتخذ إيران خطوات فعلية وعملية لبناء الثقة وحل النزاعات مع جيرانها بالطرق السلمية، وقرر القادة تعزيز التعاون بينهم لمكافحة التطرف ومواجهة التهديدات المشتركة، لاسيما تنظيمي داعش والقاعدة، وردع وإحباط الهجمات المتطرفة مع التركيز على حماية البنية التحتية الأساسية وتعزيز أمن الحدود والطيران، ومكافحة غسل الأموال وتمويل التطرف، وإيقاف المقاتلين الأجانب ومكافحة التطرف العنيف بأشكاله كافة.
وأضاف البيان: بحث القادة أفضل السبل لمعالجة الصراعات الإقليمية والتخفيف من حدة التوترات المتنامية، وفي هذا السياق بحث القادة أكثر الصراعات حدة في المنطقة، بما فيها سورية، والعراق، واليمن، وليبيا، وما يمكن القيام به لحلها، واتفقوا على مجموعة من المبادئ، بما فيها الإدراك المشترك بأنه ليس هناك من حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة، والتي لا يمكن حلها إلا عبر السبل السياسية والسلمية، واحترام سيادة كافة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والحاجة لوجود حكومة تشمل المكونات كافة في المجتمعات التي تعاني من مثل هذه الصراعات، وكذلك حماية جميع الأقليات وحقوق الإنسان.
واستدرك: في الشأن اليمني، شددت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة على ضرورة بذل جهود جماعية لمواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مؤكدين الحاجة للانتقال السريع من العمليات العسكرية إلى العملية السياسية من خلال مؤتمر الرياض تحت رعاية مجلس التعاون، ومفاوضات تشرف عليها الأمم المتحدة على أساس المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأخذًا بالاعتبار الحاجات الإنسانية للمدنيين، رحب الجانبان ببدء الهدنة الإنسانية لمدة 5 أيام لتسهيل توصيل مساعدات الإغاثة لكافة المحتاجين، وعبروا عن الأمل بأن تتطور الهدنة لوقف إطلاق نار مستدام لمدة أطول.
وبحسب البيان، أعرب الجانبان عن تقديرهما المنحة السخية البالغة 274 مليون دولار التي قدمتها المملكة العربية السعودية لمتطلبات الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، وأكدت الولايات المتحدة مجددًا التزامها بالشراكة مع دول مجلس التعاون وغيرها من أعضاء المجتمع الدولي، بالسعي لمنع تزويد قوات الحوثيين وحلفائهم بالأسلحة والذي يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2216، وأكدت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة التزامها بمساعدة الحكومة العراقية والتحالف الدولي في قتالهم ضد تنظيم داعش، وعبروا عن أهمية تعزيز الروابط بين دول مجلس التعاون والحكومة العراقية على أسس مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدولة.
كما حثّ الجانبان الحكومة العراقية على تحقيق مصالحة وطنية حقيقية من خلال النظر بصورة عاجلة في التظلمات المشروعة لمكونات المجتمع العراقي، وذلك بتنفيذ الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها الصيف الماضي، والتأكد من أن الجماعات المسلحة تعمل تحت سيطرة صارمة من قِبل الدولة العراقية،بحسب البيان.
وبشأن الأزمة السورية، جاء في البيان: أكد القادة التزامهم بالعمل نحو التوصل إلى حل سياسي مستدام في سورية ينهي الحرب ويؤسس لحكومة شاملة تحمي الأقليات العرقية والدينية وتحافظ على مؤسسات الدولة، مؤكدين أن الأسد فقد شرعيته ولن يكون له دور في مستقبل سورية، وأيدوا بقوة بذل المزيد من الجهود لتقويض وتدمير تنظيم داعش، وحذروا من تأثير الجماعات المتطرفة الأخرى، التي تمثل خطرًا على الشعب السوري، وعلى المنطقة والمجتمع الدولي، وأعربوا عن قلقهم العميق بشأن استمرار تردي الوضع الإنساني في سورية وإدانتهم منع توزيع المساعدات على السكان المدنيين من قِبل نظام الأسد أو أي طرف آخر.
كما قرر القادة التحرك معًا لإقناع الأطراف الليبية بقبول اتفاق تقاسم السلطة وفق مقترحات الأمم المتحدة والتركيز على مكافحة الوجود المتنامي للتطرف في البلاد، وأكدت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة بقوة على ضرورة تسوية الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، على أساس اتفاق سلام عادل وشامل ودائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة، تعيش جنبًا إلى جنب مع "إسرائيل" في أمن وسلام، ولتحقيق ذلك الهدف شددت الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون على أهمية مبادرة السلام العربية للعام 2002 والحاجة الماسة لأن يظهر طرفا الصراع، من خلال سياساتهما وأفعالهما، تقدمًا حقيقيا لحل الدولتين، وقررت دول مجلس التعاون والولايات المتحدة مواصلة العمل معًا للمضي قدمًا في هذا الخصوص، وتعهدت بمواصلة الوفاء بتعهداتها لإعمار غزة بحيث تشمل التعهدات التي التزمت بها في مؤتمر القاهرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، بحسب نص البيان.
وأعرب القادة عن قلقهم بشأن التأخر في انتخاب رئيس جديد للبنان وناشدوا الأطراف للعمل على تقوية مؤسسات الدولة اللبنانية، مؤكدين أهمية تحرك البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وفق الدستور، وأكدوا تصميمهم على دعم الحكومة اللبنانية في تصديها لتنظيمي داعش والنصرة اللذين يهددان أمن واستقرار لبنان، بحسب البيان.
وأخيرًا تعهد القادة بتوطيد العلاقات الأميركية الخليجية بشأن هذه القضايا وغيرها من القضايا الأخرى من أجل بناء شراكة استراتيجية قوية ودائمة وشاملة تهدف إلى تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليميين، واتفقوا على عقد اجتماعهم المقبل العام 2016، بهدف التقدم والبناء على الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية التي تم الإعلان عنها.
أكد رئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما ارتباط الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بعلاقة صداقة غير عادية، تعود إلى الرئيس الراحل فرانكلين روزفلت والملك الراحل عبدالعزيز، متعهدًا باستمرارها خلال تلك الفترة الصعبة.
جاء ذلك خلال لقاء الرئيس أوباما ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، رئيس وفد المملكة في اجتماع كامب ديفيد نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ووفد المملكة إلى القمة.
وأوضح أوباما: هذا اللقاء يعطينا فرصة لنقاش القضايا الثنائية، بما في ذلك الأزمة في اليمن وكيف يمكننا أن نبني على وقف إطلاق النار لاستعادة عمل الحكومة الشرعية في اليمن، كما سيتيح لنا أيضا فرصة لنقاش بعض القضايا الأوسع نطاقًا والمواضيع مع دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة في القمة، أستطيع أن أقول، على المستوى الشخصي، عملت والحكومة الأميركية مع ولي العهد الأمير محمد بن نايف بشأن قضايا مكافحة التطرف، وهو في غاية الأهمية ليس فحسب للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ولكن أيضًا لحماية الشعب الأميركي.
وأضاف الرئيس: كما أريد أن أشكرهم على دعمهم الاستثنائي والعمل الجاد والتنسيق في جهودنا لمكافحة التطرف، وأنها جاءت كعنصر حاسم في تحالفنا في محاربة تنظيم داعش، وسيكون لدينا فرصة لنقاش التقدم الذي تم إحرازه في مجال محاربة "داعش" في العراق، إضافة إلى استمرار الأزمة في سورية، وأهمية معالجة ليس فحسب الأزمة الإنسانية، ولكن الحاجة إلى إحداث حكومة شرعية أكثر شمولية هناك".
وشكر ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الأميركي على الدعوة الكريمة، ونقل تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي أكد أهمية العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين.
وأكد: نسعى إلى تعزيز هذه العلاقة التاريخية وتوسعها في كل وقت، ونحن نتطلع إلى العمل معكم من أجل التغلب على التحديات، وتحقيق الهدوء والاستقرار في المنطقة.
واستضاف رئيس الولايات المتحدة الأميركية قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المشاركين في اجتماع قادة دول المجلس مع الرئيس الأميركي في كامب ديفيد، في عشاء عمل وذلك في مقر البيت الأبيض في واشنطن.
ولدى وصول الأمير محمد بن نايف، والأمير محمد بن سلمان، كان في استقبالهما الرئيس الأميركي، عقب ذلك التقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة.
وجرى خلال المأدبة بحث علاقات الولايات المتحدة بدول مجلس التعاون الخليجي وكيفية تعزيزها وتكثيفها لمواجهة التحديات الراهنة.
عقب عشاء العمل غادر ولي العهد، وولي ولي العهد البيت الأبيض، وكان في وداعهما الرئيس باراك أوباما.
أرسل تعليقك