كشفت حركة "فتح" عن مخاوفها من وجود مؤشرات واضحة في سلوك حركة "حماس" تتجلى بتزايد التفجيرات لبيوت قيادات ومنشآت خاصة وعامة، فضلًا عن التصريحات التصعيدية المتوترة التي تشي برغبة الحركة الإسلامية في إنهاء المصالحة. يُذكر أنَّ تصريحات لقيادات في "حماس"، ألمحت خلال اليومين الماضيين بقوة إلى توجه الحركة لإشهار البطاقة الحمراء بوجه حكومة الوفاق الوطني؛ إذا لم تعمد الأخيرة عاجلًا إلى تحمل فاتورة خمسين ألف ناشط منها تصنفهم كـ"موظفين".
وصرّح المتحدث باسم حركة "فتح" الدكتور جمال نزال في تصريح صحافي، قائلًا "إننا نرصد بأسف شديد من تصريحات "حماس" معاني تؤكد اعتبارهم المصالحة مجرد واحد من الخيارات القابلة للإلغاء، بينما تشكل المصالحة لـ"فتح" التصور الوحيد لدولة فلسطين كما نصبوا إلى قيامها".
وأكد نزال ثقة حركته بإمكان حل كل المشاكل العملية بعيدًا عن التشنجات الناجمة عن الإحباط، محذرًا من أنَّ سبب توتر "حماس" يرصد في جانبين، الأول اقتناعهم المترسخ بخسارتهم النتائج السياسية والمالية للحرب والخروج بخفي حنين من كل شيء".
وأضاف "خصوصًا وأنَّ تأمين المعاشات لناشطيهم هو المقياس الوحيد في قاموسهم لتعريف النصر والهزيمة بغض النظر عن إسرائيل، والثاني هو انتكاس "حماس" إلى الحالة المزاجية التي سكنت وجدانها قبل الحرب وأدت بها للمصالحة".
وعلل نزال، "قبل المصالحة كانت "حماس" قد استوعبت صدمة طردها من دمشق وسقوط مرسي وطردها من طهران واصطدامها بـ"حزب الله"، إثر أزمة تزييف جوازات لبنانية تورطت بها، وتجمد الدعم المالي من إيران فهرعت للمصالحة بحثًا عن المال لدى السلطة وسرعان ما فجرت الحرب طمعًا بالتفاوض على المعاشات وقطف ثمار أموال إعادة الإعمار".
وتابع "يبدو أنَّ "حماس" تراجع حساباتها اليوم لتجد أنها خرجت من المعترك بعد المزيد من الهبد والزبد وغثاء السيل خاوية الوفاض وعناصرها يطرحون عليها أسئلة تخص مصير عائلاتهم فلا تجد مفرًا سوى شتم حكومة الوفاق"
وأوضح نزال أنَّ لدى حكومة الوفاق فرصة لوضع حلول عملية إذا ابتعدت "حماس" عن المعابر وتوقفت عن إطلاق تصريحات لمساندة الحملة الانتخابية للأعداء، مؤكدًا أنَّ "حماس" تتطلع لبقاء نتنياهو في الحكم خشية من احتمال أنَّ امتداد فترات الهدوء قد يصرف السخط الشعبي إليها بحكم أنها سلطة الأمر الواقع في غزة ولا توفر تمرة مقابل الملايين التي تجبيها من الضرائب والكهرباء.
واستطرد "إذا احتكمت "حماس" لنصوص الاتفاق ستجد أنَّ عملية البناء ستبدأ ويتبدد معه إحساسها بالهزيمة السياسية لأن إعادة البناء والتعويض هو النصر الحقيقي للشعب وأما المعاشات فقضية تخص "حماس" وعولجت باتفاقات المصالحة".
وفي غضون ذلك تعقد القوى والفصائل الوطنية والإسلامية، في قطاع غزة الأحد، اجتماعًا مهمًا دعت إليه "حماس" لمناقشة مواضيع مهمة، أبرزها عمل حكومة الوفاق الوطني ونتائج زيارتها وبيانها الأخير.
ولم تحدد حركة "فتح" موقفها من الحضور والمشاركة في الاجتماع، كما يتوقع أن تخرج من الاجتماع قرارات مهمة تتعلق بأوضاع غزة ومصير حكومة التوافق الوطني التي يترأسها رامي الحمد الله.
ومن جهته، أعلن عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور محمود الزهار في تصريح صحافي، أنَّ اجتماع حركته مع الفصائل يأتي في إطار مناقشة تهميش حكومة التوافق لقطاع غزة؛ لاسيما الملفات الحساسة كرواتب الموظفين، وإعادة الإعمار، والكهرباء.
وبيّن الزهار أنَّ اجتماع حركته بالفصائل يأتي من باب "وضعهم في دائرة المعرفة"، مشيرًا إلى أنَّ الاجتماع ربما ينتج عنه موقف سياسي يحد من حالة التهميش لقطاع غزة.
ويعاني قطاع غزة من جملة أزمات، تتمثل في تأخر الإعمار، وعدم صرف رواتب لموظفي الحكومة السابقة، وانقطاع التيار الكهربائي، ونقص الإمكانات وإضرابات النقابات المتواصل، الذي أثر بشكل واضح على التعليم والصحة في القطاع.
ومن جانبه، ذكر عضو المكتب السياسي في "الجبهة الشعبية" جميل مزهر، في تصريحات صحافية، أنه سيشارك في اجتماع الفصائل والقوى الوطنية والمستقلة الذي دعت إليه "حماس".
وأفاد الناطق باسم حركة "حماس" الدكتور صلاح البردويل في تصريح صحافي، بأنَّ اجتماع الأحد يعقد بدعوة من الحركة لمناقشة وضع غزة المأساوي وما يتعلق بالمصالحة والإعمار، في ضوء بيان الحكومة الذي يتنكر للاتفاق وينظر إلى موظفي غزة وكأنهم من الدرجة الثانية واحتياط.
وأكد البردويل أنه تم توجيه الدعوة إلى جميع الفصائل من أجل المشاركة في الاجتماع، فيما اعتذرت حركة "فتح" عنه، لافتًا إلى أنَّ هناك اجتماعات دورية للفصائل لمناقشة تطورات الساحة؛ بيد أنَّ التطور الأخير استدعى مثل هذا الاجتماع.
وذكّر بسياقات بيان حكومة التوافق، وأنه لم يصدر اعتذار رسمي عنه من الحكومة، رغم اتصال الناطق باسمها إيهاب بسيسو بعضو المكتب السياسي للحركة الدكتور موسى أبو مرزوق، واعتذاره عنه، وتوضيح أنه لم يصدر عن الحكومة، إنما أصدره الأمين العام لمجلس الوزراء دون علم الحكومة، وما تلا ذلك من تصريح لبسيسو نفسه يعلن أنه لن يتم الاعتذار.
وأضاف أنَّ "حماس" دعت كل الفصائل لمناقشة هذا الأمر، وفهم ما إذا كانت مواقف الحكومة تعني نهاية اتفاق المصالحة، مشيرًا إلى الواقع الصعب في غزة جراء إغلاق المعابر وتعطيل الإعمار والتنكر للموظفين، ما يتطلب موقفا صريحًا من الجميع.
أرسل تعليقك