اقتحمت مجموعات من المستوطنين اليهود، صباح الأربعاء، المسجد الأقصى المبارك، على شكل مجموعات صغيرة ومتتالية، من باب المغاربة، وبحراسات مسلحة معززة ومشددة، في الوقت الذي أصدر فيه عدد من الحاخامات اليهود فتوى تُحرّم الفلسطينيين من قيادة المركبات في مدينة القدس المحتلة.
وأكدت مصادر محلية أنَّ عشرات المصلين وطواقم من دائرة الأوقاف الإسلامية تنتشر في المسجد الأقصى، وسط حالة من الترقب الحذر، لمنع أي محاولة من المستوطنين لإقامة طقوس وشعائر تلمودية.
وأوضحت أنَّ مجموعة من الحاخامات اليهود، أصدرت، فتاوى متطرفة عنصرية ضد الفلسطينيين أبرزها "تحريم قيادة الفلسطينيين للمركبات".
وأصدر أحدث هذه الفتاوى الحاخام لإلياكيم لفنون، المسؤول عن مستوطنات الضفة الغربية ورئيس المدرسة الدينية في مستوطنة "ألون موريه" الذي حرَّم قيادة وسائل النقل على الفلسطينيين خارج مدنهم وتزويدهم بالوقود.
ويُعلّل لفنون، فتواه بالزعم "أنَّ هذه هي الطريق من أجل منع الفلسطينيين من القيام بعمليات ضد المستوطنين والاحتلال وإلحاق الهزيمة بالتطرف"، مضيفًا "كل وسيلة نقل فلسطينية هي مؤسسة للتطرف، وكل محطة تزوّد العرب بالوقود هي محطة لتوزيع السلاح والذخائر لهم".
ويشير الحاخام في الفتوى الجديدة التي صدرت قبيل عملية الكنيس في القدس المحتلة أمس الثلاثاء، إلى أنه لا يمكن التسليم بالتدهور الأمني نتيجة "موجات التطرف" التي شهدتها الأيام الأخيرة، معتبرًا في فتواه وسيلة نقل فلسطينية "مؤسسة متطرفة" وكل محطة تزود العرب بالوقود "محطة لتوزيع السلاح والذخائر لهم".
وفي محاولة استباقية للرد على تساؤلات محتملة حول منطق هذه الفتوى، أكد الحاخام في فتواه أنَّ "إسرائيل" بحكومتها وشرطتها وأجهزة أمنها تقف عاجزة أمام الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنَّ أي دولة طبيعية لا تكتفي بوسائل دفاعية أمنية فقط، مشددًا على ضرورة المبادرة لخطوات "فعالة" من أجل تحقيق هدف بسيط يكمن بإلحاق الهزيمة "بالتطرف".
الحاخام الناشط من أجل تأسيس دولة دينية يهودية وصاحب نفوذ في أوساط المستوطنين يمضي في فتواه بالقول إنه "ينبغي حظر خروج مركبات الفلسطينيين من مدنهم، ومن يكون مضطرًا فليستقل حافلة عمومية".
وزعم أنَّ من يستخدم وسائل النقل للقيام بعمليات هجومية ضد يهود ينبغي حرمانه من قيادتها خارج مدينته لأسابيع طويلة حتى تهدأ الأحوال ويعود النظام والاستقرار للشوارع في "إسرائيل"، موضحًا في فتواه الجديدة أنَّ "العمليات التخريبية" من شأنها أن ترفع معنويات اليهود ولن تكسر روحهم.
وأضاف "عندما يقرر الله أن تشهد البلاد انتفاضة جديدة، فهذا قرار رباني يهدف إلى إيقاظنا، وعلينا استغلال هذه اللحظات الصعبة كي نتأكد أننا نسير للأمام بشكل متواصل".
وتعقيبًا على ذلك، أوضح الباحث في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، أنَّ الحاخام لفنون ينشط في صفوف منظمة حاخامات من أجل "أرض إسرائيل" ويعرف بفتاواه المتطرفة التي لم تعد صوتًا بالبرية أو حالة شاذة في أوساط المدارس الدينية.
وبيّن أنَّ الحاخام لفنون يحظى بدعم المؤسسة الحاكمة السياسية والدينية التي تتجاهل الفتاوى الخطيرة الصادرة عنه وعن زملاء له رغم أنها تحض على العنف والعنصرية، موضحًا أنَّه من رموز المستوطنين وأحد مؤسسي حزب "البيت اليهودي" ومن أنصار بناء الهيكل المزعوم واقتحامات الأقصى.
في المقابل، اعتبر الحاخام الأصولي المعادي للصهيونية إلياهو كاوفمان، أنَّ أمثال الحاخام لفنون، جزء من المشكلة لأن فتاواه تصب الزيت على النار وتحول الصراع إلى صراع ديني.
واستطرد كاوفمان، "إنَّ فتوى لفنون مجنونة وخطيرة، وتنم عن مدى تحامله على الفلسطينيين"، مشددًا على كونها منافية للشرع اليهودي، مشددًا على أنَّ فتاوى لفنون وبقية حاخامات المعسكر الديني الوطني التي تبيح اقتحام الأقصى والصلاة في الحرم بزعم أنه "جبل الهيكل" هي الأخرى منافية للشرع اليهودي وتنم عن اعتبارات سياسية.
وحمَّل مؤسسة الحاخامية الرسمية مسؤولية تأجيج الصراع على يد حاخامات بالصمت عليهم وعلى فتاواهم الخطيرة التي تتسبب بزيادة سفك الدم، مختتمًا بالقول "يصمتون على هذه الفتوى كما صمتوا على فتاوى حرمت تأجير الطلاب العرب شققا سكنية في صفد وتل أبيب، بل صمتوا على فتوى تتيح قتل المدنيين الفلسطينيين صدرت في كتاب "عقيدة الملك" قبل أعوام".
أرسل تعليقك