حرمت المحكمة الإسرائيلية العليا القيادي في "حزب الله" اللبناني مصطفى الديراني من حقه في مقاضاة إسرائيل على جرائم خطفه من لبنان، واغتصابه على يد المحققين الإسرائيليين خلال التحقيق معه. وقررت المحكمة الإسرائيلية، الخميس، منع الديراني لمقايضته بالطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد من الاستمرار في قضية التعويضات التي رفعها ضد الحكومة الإسرائيلية، وطالب فيها بتعويضه بمبلغ 6 ملايين شيكل - حوالي مليون ونصف دولار أميركي- لتعرضه للتنكيل والاغتصاب على يد محققي الاستخبارات الإسرائيلية أثناء استجوابه.
وألغت العليا بهذا القرار قرارًا سابقًا كانت أصدرته مؤيدة فيه قرار المحكمة المركزية في تل أبيب أجاز للديراني مقاضاة إسرائيل ومطالبتها بالتعويض .
وذكر رئيس المحكمة المنتهية ولايته آشير غرزنيس، خلال حفل وداعه، "لا يحق لأعداء إسرائيل تقديم الدعاوى ضدها في المحاكم الإسرائيلية ".
واختطف أفراد من القوات الخاصة الإسرائيلية عام 1994 مصطفى الديراني بحجة محاولة الحصول على معلومات تتعلق بالطيار المفقود رون آراد لكنها أجبرت عام 2004 على إطلاق سراحه ضمن صفقة التبادل التي أبرمتها مع "حزب الله" .
وكانت المحكمة المركزية في مدينة تل أبيب سمحت خلال عام 2013 بنشر الاسم الحقيقي لضابط جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" الملقب بـ"كابتن جورج" واسمه الحقيقي دورون زهافي البالغ من العمر 53 عامًا المتهم باغتصاب الديراني.
وبرز اسم ذلك الضابط في قضية التحقيق مع الديراني، الذي قام بالتحقيق معه في سنوات التسعينات بهدف الحصول على معلومات تدل على مصير الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد.
وأعلن الديراني في حينها أن الكابتن جورج قام باغتصابه أثناء التحقيق معه، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات لطريقة تعامل إسرائيل مع أسرى الحرب وسماحها لمحققيها باستخدام أساليب وحشية في التحقيق مع الأسرى، وفيما بعد تم الإفراج عن الديراني في إطار صفقة تبادل مع "حزب الله".
والكابتن جورج متزوج وله ثلاثة أولاد ويسكن في مربع أمني يسكنه ضباط الأمن الإسرائيليين وخدم في أجهزة الأمن الإسرائيلية مدة 22 عامًا واشترك في إطارها بعمليات سرية كثيرة، وكان يخدم في الوحدة رقم 504 التابعة لشعبة الاستخبارات.
وهدد الضابط جورج قبل سنوات، بنشر فضائح خطيرة عن أساليب التعذيب المتبعة بحق أسرى فلسطينيين وعرب آخرين، إذا لم تقم الحكومة بحمايته في المحكمة.
وروى أن الكثير من الأسرى العرب الذي وقعوا بأيدي الجيش الإسرائيلي ماتوا خلال التعذيب.
وكان الديراني، قد رفع شكوى إلى محكمة إسرائيلية ضده بسبب تعذيبه الشديد طالبه فيها بدفع تعويضات له، وبعد أن أطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى قبل ست سنوات، تقدم جورج إلى المحكمة الإسرائيلية بطلب شطب الدعوى، باعتبار أن الديراني لم يعد موجودًا في إسرائيل.
ورفضت المحكمة العليا الإسرائيلية طلبه، وأجازت الاستمرار في الدعوى، معتبرًا هذا القرار بمثابة تخلّ من السلطات الإسرائيلية عنه.
فهدد بالانتقام بواسطة كشف أسرار التحقيقات التي كانت تجري في أروقة الوحدة التي خدم فيها طيلة عشرين سنة تقريبًا، وهي وحدة التحقيق مع الأسرى التابعة للاستخبارات العسكرية.
وقد نشر تهديده في مقابلة صحافية مطولة قبل حوالي سنتين، فاعترف بأن أساليب التعذيب المتبعة في الجهاز وحشية لكنه دافع عنها بالقول إنها كانت السبيل الوحيدة لاستخراج معلومات حيوية منهم. وضرب مثلًا على ذلك في التعذيب الذي اتبعه مع الديراني، "لكي يدلنا على مكان الطيار الإسرائيلي الأسير رون آراد، الذي سقط بطائرته في لبنان وباعه إلى السلطات الإيرانية".
وروى الضابط الإسرائيلي أنه كان قد استخرج من الديراني معلومات قيمة عن وجود الطيار رون آراد حيًا بأيدي الإيرانيين، وأنهم نقلوه إلى معسكر اعتقال قرب طهران.
وأضاف الضابط جورج أن السلطات الإسرائيلية لم تأخذ هذا الاعتراف الحيوي بجدية، وأنها لو صدقت رواية الديراني "التي ما زلت مقتنعًا حتى اليوم بأنها رواية صحيحة وصادقة، لكان رون آراد اليوم بين أهله في إسرائيل".
ونفى جورج في تلك المقابلة أن يكون قد حصل اغتصاب للديراني، ولكنه اعترف بأنه هدده بالاغتصاب.
وقال الضابط الإسرائيلي إن "مثل هذا التهديد لم يكن غريبًا على الجهاز"، مضيفًا أنه كان شاهدًا على قيام ضابط إسرائيلي أعلى منه درجة بالتحقيق مع أسيرة فلسطينية، وعندما لم يستطع تحصيل اعترافات منها أمر جنوده: "خذوا حمموها وأحضروها لغرفتي فسأضاجعها".
وأفاد ذلك الضابط، أن "التعذيب الشديد يتبع في مئات الحالات التي يعرفها، مشددًا على أنه في حال استمرار مقاضاته، سيكشف تفاصيل عن عمليات تعذيب رهيبة وأشد مرارة من الأساليب المتهم بها".
وأكد المحقق الإسرائيلي أنه "سيطلب استدعاء شهود آخرين إلى المحكمة لاستجوابهم وكشف هذه الأساليب، ومن بينهم عدد من اللواءات السابقين في الجيش، الذين أصبحوا شخصيات سياسية كبيرة في إسرائيل اليوم".
أرسل تعليقك