أعلنت محكمة الجنايات الدولية، الجمعة، بأن المدعي العام فيها قرر فتح تحقيق أولي بشأن "احتمالية" وقوع جرائم حرب في فلسطين.
وأكدت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا في بيان في لاهاي، الجمعة أن هذا التحقيق جاء مدفوعا بقرار الفلسطينيين الاعتراف بالمحكمة بموجب نظام روما الأساسي الذي أنشئت بموجبه المحكمة.
ومن خلال التوقيع على نظام روما في كانون ثان/يناير، اعترف الفلسطينيون باختصاص المحكمة الجنائية الدولية بأثر رجعي إلى تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014،أي قبل أسابيع من اندلاع العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وقالت بنسودة إن مكتبها "سيجري تحليله باستقلالية كاملة وعدم تحيز"، مشددة على أن المحكمة لم تبدأ بعد التحقيق لكنها بدلا من ذلك كانت تقيم ما إذا كان هناك "أساس معقول" يتم المضي قدما بناء عليه، وقالت ان مراجعة قضائية تعد ضرورة للشروع في التحقيق.
وبناء على النتائج الأولية سيحدد الادعاء ما إذا كان الوضع يستحق إجراء تحقيق كامل في جرائم الحرب التي ارتكبت خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة ورد فصائل المقاومة عليه، وهو ما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات لأفراد من الطرفين الإسرائيلي أو الفلسطيني.
واعلنت إسرائيل مساء الجمعة عن رفضها لقرار المحكمة فتح تحقيق أولي لاحتمال ارتكاب جرائم حرب في الضفة الغربية وقطاع غزة على يد جيش الاحتلال الاسرائيلي.
واعلن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي رفضه لقرار الجنائية الدولية بحجة ان السلطة ليست دولة ولا يحق لها الانضمام للمحكمة الدولية.
ومن جهته قال وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، ان قرار المحكمة فتح تحقيق اولي في جرائم حرب مفترضة ارتكبت في فلسطين منذ الصيف الماضي يعتبر امرا "مخزيا".
وهدد ليبرمان بان إسرائيل لن تتعاون في التحقيقات، مؤكدا ان التحقيق الاولي قرار "مخز هدفه الوحيد تقويض حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الارهاب"، بحسب مكتبه.
ومن جهته قال وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي الجمعة ان ملاحقة إسرائيل على جرائمها بدأت وقال "الاجراءات الحقيقية بدأت في المحكمة الجنائية الدولية، ولا يستطيع احد او اي دولة ايقاف هذا التحرك".
واشار المالكي إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "وقع على وثيقتين فيما يخص المحكمة الجنائية الدولية، اولاهما معاهدة روما حول انضمامنا الذي ستناقشه المحكمة في الاول من نيسان/ابريل المقبل".
اما الوثيقة الثانية، بحسب المالكي، فهي اعلان يخول المحكمة "البحث في جرائم" ارتكبت في الثالث عشر من حزيران/يونيو الماضي.
واضاف ان "البحث الاولي في الجرائم حسب الوثيقة الثانية لا يحتاج الانتظار حتى نيسان/ابريل، وغير مرتبط به".
وقال المالكي ان قرار المحكمة "بدء التحقيق الاولي هو تأكيد بان لا احد ولا اي دولة قادرة على ايقاف هذا التحرك".
ومن جهته قال المدير التنفيذي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" كينيث روث، الجمعة، إن قرار الفلسطينيين بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية يستوجب الدعم.
وذكر روث أنه لا يؤيد الدعوات الرافضة لانضمام الفلسطينيين لهذه المحكمة، معتبرا هذه الخطوة بأنها مشجعة.
وأضاف: إن إبقاء محكمة الجنايات الدولية خارج الصورة قد يكون جيدا للقادة الإسرائيليين الذين يخشون الملاحقة القضائية لكنه لا يكاد أن يكون جيدا للإسرائيليين والفلسطينيين والسلام في المنطقة أو العدالة العالمية.
وتابع: لم يفت الأوان بعد للحكومات الغربية بأن تغير مسارها. الإدانات الإلزامية هي أمر مختلف، ولكن إسرائيل تسعى إلى معاقبة السلطة الفلسطينية، فهي تهدد بحجز عائدات الضرائب التي تجمعها في الضفة الغربية نيابة عن الفلسطينيين. لذا يتوجب أن تمتنع الحكومات الغربية عن المضي قدما في العقوبات التي تفرضها ويجب أن تعزز قرار الفلسطينيين التاريخي في مواجهة التهديدات المضللة والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية عوضا عن تقويضها.
ودعا المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش إلى ضرورة التزام جميع الأطراف المعنية بالصراع بتطبيق مبادئ حقوق الانسان.
وردا على الأصوات المعارضة للانضمام الفلسطيني للمحكمة الجنائية، قال روث: وتراوح رد الفعل نحو الخطوة الفلسطينية ما بين التشجيع، والإدانة ففي واشنطن وتل أبيب وبلاد أخرى، وصفت الخطوة الفلسطينية بأنها 'مقلقة للغاية'، وستؤدي إلى 'نتائج عكسية' بالإضافة إلى كونها 'تطورا خطرا مثيرا للقلق' من شأنه أن يجعل 'العودة إلى المفاوضات 'أمرا مستحيلة. وقبل قبول صيحات الاحتجاج هذه، علينا أن نسأل بالتحديد، لماذا يفترض أن تكون الخطوة الفلسطينية سيئة؟
وأردف: وقد يعتقد المتابع لصرخات الاحتجاج أن هذه الخطوة ستستهدف اسرائيل فحسب، إلا أن محكمة الجنايات الدولية ليست شارعا باتجاه واحد.
وذكر أن معايير تحقيق السلام معروفة من سنين، وأن المفقود هو الثقة بين الجانبين لاتخاذ القرارات المؤلمة اللازمة للوصول إلى اتفاق سلام، مضيفا: 'ولا شيء يقوض هذه الثقة أكثر من الإفلات المستمر من العقاب على جرائم الحرب التي تعتبرها منظمة هيومن رايتس واتش من علامات الصراع المستمرة بين الطرفين'.
أرسل تعليقك