القدس المحتلة – وليد أبو سرحان
تواصل إسرائيل، بأحزابها اليمينية واليسارية، إفراغ مضمون حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 من مضمونه، والعمل على إيجاد حل ثالث، غير حل الدولة الواحدة، ثنائية القومية، وهو حل الانسحاب من جانب واحد، وفق ما يخدم المصالح الاستراتيجية للاحتلال الإسرائيلي.
ويسعى اللاعبون في الحلبة السياسية والأمنية في إسرائيل، إلى التهرب من أي التزام يلبي الحد الأدنى لحل الدولتين، الذي جرى تبنيه من المجتمع الدولي.
وأوضح مركز "أطلس للدراسات الاسرائيلية"، أنّه "هذا ما رمى إليه نتنياهو عندما وجد أنّ لا مفر من تبني مبادئ التسوية حسب الإجماع الدولي، فأعلن في خطابه الأول، في بار ايلان، قبوله بمبدأ الدولة الفلسطينية، لكنه في الجملة ذاتها أفرغها، عبر شروطه، من كل مضمون، واضطر العالم حينها أن يقبل بخدعة نتنياهو".
وأشار إلى أنه "تحوّل مبدأ حل الدولتين إلى شعار تتبناه كل الأحزاب الإسرائيلية، باستثناء حزب (البيت اليهودي)، كشعار للترويج السياسي والعلاقات العامة، وأيضًا بدوافع خوف الديموغرافيا والدولة الواحدة، حيث يشعر كل حزب أن خياراته للحل محصورة بين خيارين، الدولة الواحدة أو الدولتين، في ضوء حالة دولية لا تقبل بمبدأ الرفض، ولا تطالب بترجمات للقبول، وتكتفي فقط بإعلان القبول المبدئي".
وأضاف "الحكومات الإسرائيلية استخدمت شعار حل الدولتين كستار دخاني للتمويه، وللتغطية على حقيقة مشاريعهم الفعلية على الأرض، مشاريع تتشارك الأحزاب في مبادئها الأساسية، وتختلف في مآلاتها، تتشارك في رفض عودة اللاجئين ورفض العودة لحدود 1967 وتتمسك بالقدس والكتل الاستيطانية والسيادة الإسرائيلية على المعابر والحدود والمياه؛ الأمر الذي يفرغ الدولة الفلسطينية من مكوناتها الرئيسة".
وأبرز أنه "عمليًا، يجعل من الاستحالة بمكان قيام الدولة، لاستحالة القبول الفلسطيني بالمطروح إسرائيليًا؛ الأمر الذي يخلد عمليًا مخرجات استمرار الأمر الواقع، وهو ما تخشى نتائجه بعض الأحزاب وبعض النخب الإسرائيلية، فهي إذ تشترك في كل ما ينزع صفة الدولة عن الدولة الفلسطينية، لكنها تختلف مع الليكود، بزعامة نتنياهو، في مآلات استمرار الوضع الراهن، الذي يهدد يهودية الدولة، وينذر بالانفجار سياسي دولي، يعزل إسرائيل ويفرض مقاطعتها ويملي عليها إرادته".
وتابع أطلس، "الأحزاب والحكومات الإسرائيلية التي تتبنى نظريًا خيار الدولتين، تسير عمليًا باتجاه خيار ثالث تحت أجنحة خيار الدولتين، متعدد ومختلف السيناريوهات حسب اختلاف الأحزاب، لكنها جميعها نتاج رفض الإقرار الفعلي بدولة الـ 67 وعاصمتها القدس، ونتاج عقيدة (اللاحل) لدى نتنياهو، يبدأ من انسحابات أحادية منسقة، وحلول موقتة، وأمر واقع يفضي إلى نهاية حل الدولتين، ويستبدله على الأقل مرحليًا بعودة الحضور الأردني، تحت شعارات إدارية وإنسانية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
واختتم "أطلس" تحليله بأنّ "نتنياهو يخفي تحت مسوغاته السبب الحقيقي لرفضه الانسحابات الأحادية الجانب، والكامن في موقفه العقائدي الرافض للتنازل عن (أراض إسرائيلية)، لاسيما تلك التي تتصف بالكثافة السكانية الفلسطينية، نتنياهو الذي يرفض حل الدولة الواحدة ويرفض عمليًا حل الدولتين؛ بل يسعى لتقويضه نهائيًا، يبني له خيارًا ثالثًا على طريقته، يقوم على تقديس الأمر الواقع، والمزيد من كسب الوقت، الذي يعني المزيد من الاستيطان، ومن قدرة الواقع المتشكل على تقويض حل الدولتين".
أرسل تعليقك