وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الوضع السوري وما تواجهه سوريه حالياً ومستقبلاً، بالوضع "الهش والمظلم" تهيمن عليه روسيا وإيران في ظل تهديدات تركيا بالغزو والقضاء على الأكراد في المناطق التي ستتخلى عنها القوات الأميركية، والغارات الإسرائيلية المستمرة على الميليشيات المدعومة من إيران ، وتهديد الجيش السوري بالتحرك نحو آخر معقل للمعارضة في إدلب".
اقرا ايضا قتيل وجرحى إثر تجدد الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة
وقالت الصحيفة إن "انسحاب القوات الأميركية من سورية بناء على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يُعتبر بمثابة "نسخة من كارثة من البلقان التي غمرته الحرب الأهلية لثمانية أعوام" . وأوضحت الصحيفة وجهة نظرها من الوضع في سورية بعد الانسحاب الأميركي وانتهاء المعارضة المسلحة للرئيس بشار الأسد، فرأت أن "الداعمين من الروس والإيرانيين، سينتهزون الفرصة لاستعراض عضلاتهم في البلاد". وأشارت الى ما كتبه الدبلوماسي المخضرم ورئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ريتشارد هاس في تغريدة جاء فيها: "مرحبا بك في الشرق الأوسط ما بعد أميركا".
فبعد سنوات من الحرب الدموية التي بدأت في إطار ما عُرف بـ"الربيع العربي" والمطالبات السلمية بالإصلاح، وخروج سورية من ركام الحرب الأهلية، لن تكون سوى "نسخة هشة ومشوهة عن تلك التي وجدت قبل الحرب: بشار الأسد يقود دولة قمعية ودموية في يد الإيرانيين والروس".
هؤلاء هم حلفاء دمشق منذ أيام حافظ الأسد، ولكن الدعم الذي قدموه لنجله بشار وإنقاذه من الانهيار، يعطيهم الفرصة لدمج أنفسهم في مستقبل البلاد. وأرسلت إيران الشيعية التي تتنافس مع السعودية على التأثير في المنطقة، عشرات الألاف من المقاتلين الشيعة والجماعات الوكيلة للقتال من أجل بقاء بشار الأسد في السلطة. وتقوم إيران ببناء المزارات الشيعية والميليشيات التي تأمل لاستخدامها كورقة ضغط ضد إسرائيل، أما روسيا التي تمارس التأثير السياسي القوي في سورية فتسيطر على السياسة الخارجية والجيش والخدمات الأمنية، وهو "الثمن الذي حصلت عليه مقابل حمايتها للحكم السوري الاستبدادي".
وتقول صحفية "نيويورك تايمز" الأميركية، إن "كلا من روسيا وإيران قد تجدان البقاء في سورية محبطا ومكلفا وغير شعبي من مواطني بلديهما، إلا أنهما حصلتا على تميز من خروج الأميركيين وهو النفوذ الإقليمي". أما ما حصل عليه الروس والإيرانيون هو السيناريو الحلم و لديهم قصة يحكونها لكل لاعب على الأرض، وهي أن "لا فرق بين أعداء أميركا وأصدقائها، وأن أميركا ليست شريكا يعتمد عليه في الشرق الأوسط".
كما تشير الصحيفة إلى أثر خروج القوات الأميركية من مناطق شمال شرق سوريا. فهذه القوات كانت تدعم المقاتلين الأكراد وهو ما أغضب تركيا التي تنظر إليهم كـ"جماعة إرهابية". والمهم هو أثر الانسحاب على القتال ضد تنظيم الدولة. وتقول أرقام وزارة الدفاع الأميركية أن هناك حوالي 30 ألف مقاتل تابع لتنظيم "داعش" موزعين على مناطق سورية.
ويتوقع الخبراء معركة جديدة بين تركيا والأكراد أو معركة مع قوات الأسد أو حصول المواجهتين معا. وهناك إمكانية لتحالف بين الأسد والأكراد. ولو لم يحصل فستؤدي المواجهات الجديدة إلى موجات لاجئين نحو العراق. ويقول الباحث السياسي أرون ليند، " هذه إمكانية قائمة وفوضى شاملة" خاصة عندما تختفي القوة التي تحافظ على الإستقرار، ومن سيملأ الفراغ في المناطق التي سيخرج منها الأميركيون؟
أما "معهد دراسات الحرب" فإنه يرى أن روسيا وإيران والميليشيات التي تدعمها إيران بمن فيها "حزب الله، في وضع جيد للسيطرة على المناطق التي ستخرج منها أميركا التي تسيطر على 29 موقعا حسب المعهد المذكور، وسبعة مواقع قرب الحدود.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأحد، إن "الحكم السوري أرسل الاف المقاتلين إلى آخر معاقل تنظيم "داعش" في شمال شرقي سورية. كل هذا في وقت لم يبق من عناصر المعارضة للرئيس الأسد إلا إدلب التي تحاول روسيا التفاوض مع تركيا بشأنها. ويقول المحللون إن "إيران ستقوم في مرحلة ما بعد أميركا بربط الميليشيات الشيعية بين العراق وسورية وتقوية وجود عناصر "حزب الله" قرب مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل عام 1967". وأكدت إسرائيل أنها "لن تتسامح مع أي وجود إيراني"، كما أظهرت الغارة الجوية على مخازن أسلحة في دمشق. ورغم تسامح الكرملين في الماضي مع غارات كهذه إلا أنها اتهمت يوم الأربعاء إسرائيل بما أسمته بـ"الأنتهاك الصارخ للسيادة السورية"
وتقول "نيويورك تايمز" إن إيران وسعت من تأثيرها بين المقاتلين والمدنيين رغم وجودها وسط غالبية سنية. ففي بعض المناطق وزعت المال لتأمين السكن للناس الذين شردتهم الحرب، وأقامت مزارات للشيعة في مناطق أخرى. ومع أن النظام "البعثي" يقدم نفسه على أنه علماني إلا أن إيران منحت البلد ملمحا دينيا لم يُشاهد من قبل. فالاحتفال بعاشوراء كان شيئا نادرا خارج مناطق الشيعة، إلا أن الاحتفالات اليوم واضحة. وأصبح الجنود في الجيش السوري متدينين بعدما انضموا الى الميليشيات التي تدعمها إيران. وقد انضم بعضهم إليها لأسباب غير دينية. فالمقاتلون فيها يحصلون على رواتب أفضل من رواتب الحكومة وعلى أيام عطل أكثر من الجيش. ولا يعني الانضمام للميليشيات التشيع ولكنه تحول جديد عن الأيام الماضية.
هذا عن إيران فما هو موقع روسيا في سورية؟، وهل يرحب به السوريون؟ وهنا تقول الصحيفة أن "روسيا وطدت علاقاتها مع قادة الحكم السوريين وقوَّت علاقاتها مع تركيا، وتفوقت على الولايات المتحدة في لعبة القوة في الشرق الأوسط. وكشفت روسيا عن دهاء وفهم للحساسيات السورية حيث استخدمت الشرطة المسلمة من "الشيشان" للتفاوض مع المقاتلين للخروج من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها، وإعادته تحت سيطرة دمشق.
قد يهمك ايضا الجامعة العربية تدين الغارات الإسرائيلية الأخيرة على غزة
أول تعليق لنتنياهو بشأن الغارات الإسرائيلية في سورية
أرسل تعليقك