تلتئم القمة العربية الأوروبية الأولى من نوعها يومي الأحد والاثنين المقبلين 24 و25 فبراير/شباط الحالي في مدينة شرم الشيخ برئاسة مشتركة مصرية أوروبية، ممثلة بالرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، تحت عنوان رئيسي هو "الاستثمار في الاستقرار".
اقرا ايضا الرئيس السيسي يُشدّد على تسوية القضية الفلسطينية بصورة عادلة
ومن المقرر أن تشهد القمة، إلى جانب اللقاءات الجانبية التي سيستضيفها المركز العالمي للمؤتمرات، جلستين موسعتين وجلسة مغلقة ستخصص للمسائل الإقليمية وتحدياتها، إضافة إلى جلسة افتتاحية وأخرى ختامية. وسوف تعرض النتائج ببيان وبمؤتمر صحافي مشترك عربي أوروبي.
وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية: إن أهمية القمة تنبع من أمرين أساسيين: الأول، أنها ستضم على هذا المستوى الأرفع وهما مجموعتان جارتان من 50 دولة (28 أوروبية و22 عربية) مدعوتان للتعاون والتنسيق بينهما في المجالات كافة؛ لأنهما الأقرب لبعضهما بعضاً، ولهما مصالح استراتيجية مشتركة. والآخر، مرده حجم التحديات التي تواجهانها معاً والتي عليهما أن يتغلبا عليها معاً.
وانطلاقاً من هذه المقاربة، فإن الموضوعات التي ستبحث، وفق المصادر المشار إليها، كثيرة ومتنوعة وتتراوح ما بين التجارة والاستثمار، إلى الهجرات والإدارة المشتركة للملفات الشائكة، مثل المسائل الأمنية، ومحاربة الإرهاب، والنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
وبحسب مصادر دبلوماسية عربية، فإن مصر أتمت الترتيبات اللوجيستية والعملية لاستقبال القمة. فمن الناحية الزمنية، سيصل الرؤساء والمسؤولون اعتباراً من يوم غدٍ السبت، بحيث تجرى الجلسة الافتتاحية عصر اليوم التالي، تعقبها جلسة أولى موسعة، ويختتم اليوم الأول بعشاء رسمي. أما اليوم الثاني، فإنه سيبدأ بجلسة مغلقة تخصص لمناقشة القضايا الإقليمية الحساسة لدى الجانبين. لذا؛ فإنها سوف تقتصر على القادة وممثلي الدول الحاضرة، وتليها جلسة موسعة. وتنتهي القمة بجلسة ختامية بدايةً بعد الظهر يعقبها مؤتمر صحافي مشترك.
وحتى مساء أمس، لم تكن قد تأكدت بشكل نهائي تفاصيل الحضور، إنْ على مستوى القادة أو المسؤولين الذين سيمثلون بلدانهم. وما تأكدت منه "الشرق الأوسط"، أن الحضور العربي سيكون الطاغي، إنْ من حيث المستوى أو من حيث العدد. وإلى جانب الرئيس المصري، فإن قادة السعودية، والكويت، والبحرين، والعراق، واليمن، وفلسطين، وجيبوتي، وليبيا، والصومال، وأمين عام الجامعة العربية سيحضرون القمة. وسيغيب الرئيس اللبناني ميشال عون عن القمة، في حين سيحضر رئيس الحكومة سعد الحريري. كذلك، فإن الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للجامعة العربية، لن يحضر القمة. ولم توجه الدعوة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
أما من الجانب المقابل، فسوف يحضر رئيسا المجلس والمفوضية الأوروبيين ووزيرة الخارجية فدريكا موغيريني، والمستشارة الألمانية، والمستشار النمساوي، والرئيس الروماني. ووفق القاعدة المعمول بها، فإن حضور الرئيس الروماني كلاوس يوهانيوس مرده لكون رومانيا هي الرئيسة الحالية للاتحاد، في حين حضور المستشار النمساوي سيباستيان كوركس يعود لكون بلاده كانت الرئيسة السابقة.
وبعكس ألمانيا، فإن الرئيس الفرنسي، ورئيسة الوزراء البريطانية، ورئيس الوزراء الإسباني سيمثَّلون بوزراء خارجيتهم. وأفادت المصادر الأوروبية، بأن إيمانويل ماكرون ما زال منهمكاً بالمسائل الداخلية (السترات الصفراء، الحوار الوطني الكبير، الأعمال المعادية للسامية، تتمات فضيحة ألكسندر بنعالا، الموظف الأمني السابق في قصر الإليزيه)؛ لذا فإنه سيغيب عن المؤتمر كما غاب عن مؤتمر دافوس الاقتصادي ومؤتمر ميونيخ السياسي - الأمني. وقد انتدب جان إيف لودريان، وزير الخارجية ليمثل فرنسا في القمة. وتجدر الإشارة إلى أن ماكرون قام بزيارة رسمية لمصر أواخر الشهر الماضي. أما تيريزا ماي، فإنها غارقة في أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبمشكلاتها الداخلية مع حزبها، في حين رئيس الحكومة الإسبانية يواجه صعوبات جمة على صعيد تفكك أكثريته السياسية، والتحضير للانتخابات العامة نهاية أبريل (نيسان) المقبل.
من جانبه، أكد إيفان سوركوش، رئيس وفد مفوضية الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، أن 24 من رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء بالاتحاد الأوروبي سيشاركون في القمة العربية الأوروبية. وقال سوركوش، في تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أمس: إن "القادة الأوروبيين مهتمون بقوة بتعزيز التعاون مع جيراننا العرب". وأضاف: إن "24 رئيساً ورئيس وزراء من أصل 28 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي سيحضرون إلى شرم الشيخ لحضور القمة الأولى لدول الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية".
وأكد بيتر بيليغريني، رئيس وزراء سلوفاكيا، أهمية أول قمة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي باعتبارها لحظة تاريخية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي، وقال: "يتحتم علينا استغلال فرصة مشاركة رؤساء وحكومات وممثلي الدول الأوروبية والعربية بهدف دعم التفاهم والتعاون بين العالم العربي وأوروبا، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتصحيح الأفكار الخاطئة لدى كل طرف عن الآخر".
وأعرب بيليغريني، في تصريحات لوكالة "أنباء الشرق الأوسط"، أمس، عن أمله في أن تمهد هذه القمة الطريق أمام تعاون أوثق في عدد كبير من القضايا المختلفة لتتحول إلى روابط أقوى لتقاسم الخبرات وبناء السلام والاستقرار، وضمان الأمن، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، مؤكداً عزمه العمل بلا كلل مع الشركاء المصريين والعرب. وقال: إن "التعاون الإقليمي الأقوى يعد مفتاحاً لإيجاد الحلول للتحديات الحالية التي تواجه الدول الأوروبية والعربية، وأن القمة تعد منتدى لمناقشة التعاون الاستراتيجي والسياسي والمؤسسي"، مؤكداً أنه لن يكون هناك تنمية من دون السلام والأمن.
وأضاف: إن القمة المرتقبة ستبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية والأوروبية مع التركيز على العلاقات التجارية والاستثمارات في مجالي البنية التحتية والطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة. واستطرد قائلاً: لكن هذا لا يعني محاولة لمنع عودة اللاجئين السوريين، ونحن على استعداد لتقديم يد العون إذا قرروا العودة بحرية إلى ديارهم، مشيراً إلى أهمية الاستماع إلى آراء المشاركين من الدول المجاورة لسوريا في القمة العربية - الأوروبية حول بنية مجتمعاتهم والقدرة المرنة لاقتصاداتهم في ظل استمرار وجود اللاجئين السوريين في بلادهم لأجل غير مسمى. وأعرب عن أمله أن يتوصل المشاركون في قمة شرم الشيخ إلى حلول براغماتية وربما سريعة لصالح المواطنين السوريين الأكثر تضرراً وضعفاً. وأكد دعم سلوفاكيا بقوة تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط في أقرب وقت ممكن، وكذلك الحل القائم على الدولتين على أساس إجراء مباحثات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واعتراف متبادل وأمن فعال.
ويرى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتور جمال عبد الجواد، أن العلاقات الجماعية بين الطرفين العربي والأوروبي ليست بمستوى العلاقات الثنائية نفسها لدول الجانبين.
وقال عبد الجواد لـ"الشرق الأوسط" إن من بين التحديات التي تواجه القمة الأولى، أن أجندة المصالح العربية إزاء القضايا محل الاهتمام بين الطرفين، ليست محل توافق، إذ لكل دولة مصالحها في ما يخص شأن الهجرة التي تعني بعض أطراف دون أخرى، وكذلك ملف الاستثمار، فضلاً عن المساعدات.
ولفت عبد الجواد إلى أن العالم العربي متنوع الاهتمامات، الأمر الذي ينبغي معه أن تكون الأجندة العربية المعروضة على القمة مركزة وواضحة. لكن عبد الجواد، ومع الإشارة إلى اعتقاده في رغبة أوروبا الاستماع للرؤية العربية، يشير إلى أن الشمول في أجندة العمل العربي ربما سيكون على حساب التركيز، مما يعيق إحداث نقلة نوعية مؤسسية، إذ تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تكون مثمرة.
قد يهمك ايضا إحالة 8 أشخاص إلى المفتي في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري
الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني يؤكدان على الإلتزام بـ"حل الدولتين"
أرسل تعليقك