تقترب الاحتجاجات العراقية من إكمال شهرها الثاني وسط غضب يتصاعد من قبل المتظاهرين ومساعٍ حكومية وبرلمانية وقضائية لتطويق الأزمة. المؤشرات تقول إن الأزمة لا توشك على النهاية مع اتساع أزمة الثقة بين المتظاهرين والطبقة السياسية، مع سقوط قتلى وجرحى بشكل يومي.فرضية "الطرف الثالث" التي تحاول الجهات الرسمية إلصاقها بمن يتولى قتل المتظاهرين والقوات الأمنية،
لم تقنع حتى من يحاول أن يكون طرفًا وسيطًا بين الاثنين. فالأمم المتحدة تحمّل السلطات مسؤولية حماية المتظاهرين من أي طرف ما دامت هي من تمسك السلاح، والأجهزة الأمنية هي التي ينبغي أن تحدد من هو "الطرف الثالث" الذي تقرر سؤال وزير الدفاع نجاح الشمري الذي أثاره حوله في البرلمان اليوم.المرجعية الشيعية العليا في العراق والتي كانت تعول عليها الطبقة السياسية، ولا
سيما الشيعية منها أعلنت عبر خطبة الجمعة الأخيرة تخليها عن آخر ما كان يمكن عده دعمًا ولو خجولًا لهذه الطبقة، بينما أعلنت انسجامها التام مع مطالب المتظاهرين، فضلًا عن دعوتها إلى استمرار مظاهراتهم حتى تتحقق مطالبهم المشروعة. مشروعية الطلبات هي ما يجري الاختلاف عليها. فالحكومة تقول إنها بدأت بتحقيق المطالب المشروعة التي تتعلق بالخدمات وفرص العمل
اقرا أيضا:
رئيس البرلمان العراقي يُهدد عبد المهدي حال عدم حضوره الجلسة العامة
والسكن، بينما البرلمان بدأ يشرع القوانين التي تهم الشريحة الأكبر من العراقيين، بالإضافة إلى البدء بتشريع قوانين تتصل بالجسم السياسي للنظام بدءًا من تعديل الدستور ومناقشة قانون جديد للانتخابات وقوانين أخرى على الطريق. أما المطالب المشروعة، من وجهة نظر المتظاهرين، فإنها تبدأ من إقالة الحكومة حدًا أدنى، ومن ثم حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.هذا التناقض في فهم
مفهوم الحقوق المشروعة هو ما أدى إلى أن تنقسم الطبقة السياسية بين مؤيد لإقالة أو استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وبين من هو ضد الإقالة أو الاستقالة في رهان على الزمن والطقس الذي باتت الطبقة السياسية تأمل في أن يكون شبيهًا بطقس العام الماضي، غزارة في الأمطار وانخفاضًا في درجات الحرارة. المتنبئون الجويون لا يزالون يخذلون أحلام الطبقة السياسية حين يعلنون
يوميًا ومنذ نحو أسبوع عن هطول أمطار غزيرة وهبوط حاد في درجات الحرارة. المتظاهرون في ساحة التحرير أخذوا احتياطاتهم فيما لو عمل الطقس بالضد منهم. فبعد تأهيلهم بناية "المطعم التركي" أو "جبل أحد"، حسب التسمية الشائعة عنه، بحيث يكفي لمبيت الآلاف ليلًا في حال نزل المطر وانخفضت الحرارة، عملوا على تأهيل عمارة بين التحرير والخلاني بالقرب من جسر السنك منحوها
تسمية "جبل الشهداء".أما في المحافظات الوسطى والجنوبية التي تشح فيها الأمطار حتى لو كانت غزيرة ولا تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات مخيفة لا يأبهون للمراهنة على الطقس. وبذلك، فإن معارك الكر والفر التي غالبًا ما تشهدها جسور بغداد انتقلت الآن من الأرض إلى الجو عبر توقعات الطقس التي يمكن أن تغير المعادلة.مع ذلك، فإن من المقرر أن يصوّت البرلمان العراقي
اليوم، طبقًا لجدول أعماله، على 5 مشاريع قوانين، من بينها قانون إلغاء امتيازاته وقانون التقاعد الموحد وقانون هيئة النزاهة وقانون مجالس المحافظات.في سياق ذلك، وطبقًا لما كشفه رئيس كتلة الجماعة الإسلامية في البرلمان العراقي سليم حمزة، فإن نحو13 ألف ملف فساد ستكون خلال الفترة المقبلة على طاولة البرلمان. حمزة وفي تصريحات أمس، قال إنه "ضمن الإصلاحات التي صوت
البرلمان عليها، تفعيل هيئة النزاهة، ومتابعة الأمور المتعلقة بالفاسدين، كما سيعاقَب الفاسدون الذين ما زال بعضهم يشغلون مناصب تشريعية، أو تنفيذية، وهذه خطوة إيجابية مهمة، تعطي رسائل جيدة للمتظاهرين، وللشارع العراقي". وأضاف أن "الدورة الماضية شهدت إعداد مشروع قانون من أين لك هذا، وأيضًا مشروع مكافحة الفساد، يتم تشكيل محكمة مختصة لهؤلاء الجناة متورطين
بالفساد، حيث تبلغ الملفات الخاصة بذلك نحو 13 ألف فساد".وحول ما إذا كانت الحكومة جادة في محاربة الفساد في ضوء ما يتولى البرلمان مناقشته تقول آلا طالباني، عضو البرلمان، لـ"الشرق الأوسط"، أن "المطلوب من رئيس الوزراء تقديم فاسدين كبار إلى القضاء"، مبينة أنه "في حال عمل ذلك فإن الإصلاحات يمكن أن ترى النور، وبالتالي تتبين جدية ذلك". وأضافت أن "الحاجة باتت
ماسة الآن إلى تعديل وزاري شامل".إلى ذلك، أصدرت محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة، أمس، أمر قبض مع منع سفر وحجز أموال أحد أعضاء مجلس النواب. وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان له، إن "محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة أصدرت أمر قبض بحق النائب طلال الزوبعي مع منع سفر وحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة". يذكر أن الزوبعي كان رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي خلال الدورة البرلمانية الماضية
قد يهمك أيضا:
تحالف الصدر يعلن تحوله إلى معارضة ويقرر الاعتصام في البرلمان العراقي بعد إراقة دماء المتظاهرين
رفع الحصانة عن رئيس البرلمان العراقي ونائبيه
أرسل تعليقك