معتصمو السودان يقيمون دويلة اشتراكية أمام قيادة الجيش
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

توفر لهم كل ما يساعدهم على مواصلة «الصمود»في مواجهة النظام

معتصمو السودان يقيمون "دويلة اشتراكية" أمام قيادة الجيش

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - معتصمو السودان يقيمون "دويلة اشتراكية" أمام قيادة الجيش

السودانيون يواصلون اعتصامهم أمام قيادة الجيش
الخرطوم ـ جمال إمام

أقام السودانيون «دويلة صغيرة» أمام قيادة جيش بلادهم، حيث يعتصمون طوال خمسة أيام، مطالبين بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته على الفور، وأعلنوا فيها عن حكومة «اشتراكية مصغرة» توفر لهم الطعام والشراب والمكيفات والترفيه والموسيقى والغناء، وحتى مصاريف النقل ذهابا وإيابا، في مسعى للحفاظ على زخم الثورة ومواصلة الصمود. وشكلت هذه الدولة المصغرة، قوات شعبية من المحتجين، تقوم بتفتيش الداخلين إلى مكان الاعتصام بهدف التأكد من أنهم لا يحملون أدوات عنف، حفاظا على سلمية الحراك.

وتبرع السودانيون في مشارق الأرض ومغاربها بمئات الآلاف من الدولارات لهذه الدويلة، ما جعل السلطات تقف حائرة في تفسير ثرائها، فلجأت إلى وصفه بأنه «مال عمالة»، بينما قيادة الحراك السلمي تكتفي بالسخرية من المزاعم الحكومية.

وبحسب تقارير صحافية، فإن السودانيين في المغتربات ورجال المال والأعمال والأثرياء، يتبرعون بسخاء لافت للمحتجين، ويقول مصدر إن مهاجرين سودانيين يعيشون بمدينة صغيرة في الولايات المتحدة الأميركية جمعوا خلال فترة وجيزة مبلغ يتجاوز 30 ألف دولار أميركي، فيما انهالت مئات الآلاف من الدولارات من المغتربين في دول الخليج وأوروبا.

أقرأ ايضــــــــاً :

السودانيون يواصلون اعتصامهم أمام قيادة الجيش مطالبين برحيل البشير

وتحولت القيادة العامة للجيش والمناطق المحيطة بها إلى منطقة تجمع «إنساني»، استعاد فيها السودانيون قيماً كثيرة يرون أنها تكون شخصيتهم الوطنية، التي تأثرت سلباً بسيطرة نظام «الحكم الإسلامي» طوال ثلاثين عاماً.

ويواجه المعتصمون، وجلهم شابات وشباب دون الثلاثين، نظام الرئيس عمر البشير باعتصامهم وبـ«قوة رأس» وعناد، ويرفضون تقديم أي تنازل عدا مطلبهم الرئيسي «تنحيه ونظامه» فوراً، ويهتفون: «نحن الجيل الراكب راس... لن يحكمنا رئيس رقاص».

ووفر المجتمع السوداني لأبنائه الحاضنة «التكافلية» التي توفر لهم كل ما يساعدهم على مواصلة «الصمود» بمواجهة النظام وأجهزته القمعية، ويبتدع أشكالاً وأساليب كثيرة لتوفير احتياجاتهم لمواصلة الاعتصام.

وجعل الإسناد المجتمعي للمحتجين من «شارع الجيش» القريب من مقر إقامة الرئيس البشير مكانا تتوفر فيه «الخدمات كافة»، فيما يعمل النشطاء على تأمينه والمحافظة على «سلمية ثورتهم».

يقول معتصم إنه «تعرض لأكثر من تفتيش قبل السماح له بدخول مكان الاعتصام»، ويتابع: «يفتشونك تفتيشا جميلا الهدف منه التأكد أنك لست مخرباً، للحفاظ على سلمية الثورة، وعلى أمن وسلامة المعتصمين».

وبحسب متابعة «الشرق الأوسط»، فإن قوات التأمين والتفتيش الشعبية، جمعت خلال أيام الاعتصام «أكواما من الأسلحة البيضاء» كان يحملها الشباب، الذين استجابوا لطلب رفاقهم من مجموعات التفتيش بكل سماحة وطيب خاطر.

وبمواجهة درجات الحرارة المرتفعة في الخرطوم تتراوح بين 42 - 45 درجة، فإن بعض المعتصمين والمعتصمات، اختصوا بتلطيف الأجواء باستخدام مراوح يدوية، ومضخات مياه يصنعونها بأنفسهم لرش الماء على وجوه ورؤوس المارة الذين يستقبلون زخات الماء بابتسامة واسعة.

وأطلق المعتصمون على مجموعات الترطيب أسماء مشتقة من قاموسهم اللغوي الذي يمزج بين الإنجليزية والعربية مثل «مروحة مان». يقول معتصم آخر على صفحته في «فيسبوك»: «إنهم ينثرون عليك الماء لترطيب جسدك لأن الجو ساخن، لتدخل الميدان وأنت تنعم بالرطوبة».

ومنذ بدء الاحتجاجات في السودان، اختص شباب بالتصدي لقنابل الغاز المسيل للدموع، وإعادة إلقائها على رجال الأمن مجدداً، أو تغطيتها بحيث لا يصل دخانها لرئات وعيون المتظاهرين، وفي العادة يحملون «جردل ماء» يلقونه عليها قبل أن تنتشر، وأطلق عليهم «جردل مان»، وهي مهمة يومية يمارسها «رجال الجرادل» منذ اندلاع الثورة الشعبية في البلاد 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

واستعاد المعتصمون أساليب «تكافلية سودانية» تأثرت بسيطرة النظام الإسلاموي، وتقوم على إعانة القادرين للمحتاجين، وأينما يتلفت المعتصم يجد صندوقاً مكتوبا عليه: «عندك خت (تبرع).. ما عندك شيل»، وتعني لو تملك مالا فتبرع به، وإذا كنت معدماً فخذ ما يكفيك، وإلى جانبه صندوق آخر للتشارك بتوفير قيمة تذاكر المواصلات للمعتصمين، راسمين بذلك لوحة «اشتراكية من واقع السودان».

وأعاد ميدان الاعتصام رسم علاقات الشباب المعتصمين، كما أعاد إحياء القيم التي ظن كثيرون أنها اندثرت خلال فترة الثلاثين عاماً التي قضاها الرئيس البشير في الحكم، تقول أمل علي في صفحتها على «فيسبوك»: «كنت أقول إن الحكومة لو تغيرت، فلن يتغير ما ربت الناس عليه، فقد أدخلوا علينا الفساد والعنصرية والسرقة والرشوة والوساطة والمتاجرة باسم الدين». وتتابع: «لكن جاءت الثورة مثل مطر غسل كل أوساخ الإنقاذ، وأعادتنا لبعضنا، لوطنيتنا وفخرنا ببلدنا وأنفسنا»، وأضافت: «هذه الثورة إبادة جماعية لكل أخلاق الكيزان، قبل إزالتهم من الحكم».

ورغم مشاركة أعداد كبيرة من الفتيات والنساء في التظاهر والاعتصام وقضاء الليل معاً، فإن مضابط اللجان القانونية والشكاوى، لم تسجل حالة «تحرش جنسي» واحدة. يقول محام مشارك في الاعتصام: «لم تبلغنا أي حالة تحرش طوال أيام الثورة، رغم وجود آلاف الفتيات الجميلات، وهذا يكشف من هم المتحرشون».

بالمقابل، تسابقت شركات مياه الشرب والمياه الغازية والأطعمة الخفيفة، لتوفيرها للمعتصمين، ففي جانب من الميدان تشاهد «ثلاجة كبيرة» توزع الماء البارد، وفي الجانب الآخر عربة توزع البسكويت والسندوتشات الخفيفة.

يقول (ب) وهو ناشط سياسي معارض إن شركة إنتاج «آيس كريم» طلبت منه توزيع كميات من «الآيس كريم» على المعتصمين، فيما تعد الأسر الوجبات والشاي والقهوة في حافظات كبيرة وتأخذها إلى المكان، ويتابع: «متى ما أحسست بالعطش فسيقدم لك شاب زجاجة ماء بارد، وبالجوع يناولك أحدهم الساندوتش الساخن».

والمكيفات مثل السجاير و«الصعوط» تصل هي الأخرى للمعتصمين، (الصعوط هو مخدر خفيف مثل القات لدى اليمنيين) ويقوم «سجاير مان» و«صعوط مان» بتوزيعها على الراغبين، يقول متظاهر ساخر: «في البيت سآكل وجبة عدس، أما في الميدان فتتوفر لي رفاهية تتضمن حتى الكيف»، ويضيف آخر: «في الميدان تأكل وتشرب وتحلي وتتكيف، وتتحدث مع المذيعة الشهيرة لوشي، وتأخذ معها صورة سيلفي».

ليس الأكل والشرب والكيف وحدها المتاحة للمعتصمين، فإلى جانب ذلك ترتفع الأغنيات من أجهزة تكبير الصوت من حناجر مغنين مشهورين، في ركن تغني المطربة الشابة «نانسي عجاج» وفي الركن الآخر يرتفع صوت مطرب آخر، إلى جانب أغنيات فنان الشباب الراحل «محمود عبد العزيز» التي تنطلق من مكبرات الصوت، فيتمايل محبوه طرباً، وهم يستعيدون سيرته الوضيئة.

ليس الغناء وحده هو سيد الساحة، فالمعتصم والمار بقرب المكان يسمع من بعيد «مدائح وأهازيج المتصوفة»، في جانب الميدان تسمع إنشاد حواريي «الشيخ الصايم ديمة»، فيما تدق في الجانب الآخر «نوبة» حيران الشيخ محمد الفاتح قريب الله «ترن وترجحن فيتمايل المريدون طرباً، فيما يشهد مكان آخر منتدى سياسيا أو حلقة نقاش، أو إلقاء شعريا».

والتقطت وسائل الإعلام الدولية صورة للشاعرة «ولاء صلاح» وهي تلقي أشعارها على جمهور المعتصمين، بثوبها الأبيض وأناقتها اللافتة، وجعلت منها أيقونة حرية سودانية، بل وصفتها بعضها بـ«رمز الحرية السوداني»، وذلك لأن الهيئة التي التقطت بها الصورة تجعل من الشاعرة نداً سودانياً لـ«تمثال الحرية» في نيويورك.

وفي جانب آخر من الميدان يعمل شباب بهمة ونشاط لتنظيف مكان الاعتصام من النفايات، يقول معتصم: «انظر هؤلاء ينظفون لنا المكان، فتيات في عمر الورد، وأطفال لم يتجاوزوا السادسة عشرة».

وبنظام دقيق، ينصب المعتصمون «الخيام» والمظلات على أطراف شارع الجيش، ما يجعل المكان كأنه «معسكر نزوح» خمس نجوم، في وقت يتسلق فيه بعضهم العمارات والجسور مكونين قوة «استطلاع طوعية» ماكرة.

وللهو مكانه هنا، البعض يلعب الورق، وآخرون يتشاركون ألعاب الفيديو، فيما يتوفر الرصيد لهواتفهم الجوالة عن طريق «رصيد مان»، كما وفرت شركة اتصالات شهيرة لهم خدمة «واي فاي»، ووزعت عليهم بطاريات الشحن حين نفاد الطاقة من هواتفهم، كما نصبت مقابس كهربائية في عدة أمكنة لإعادة شحن الأجهزة الاتصالية المختلفة.

وفي عدة زوايا من المكان تتبارى كبرى الشركات في توزيع المرطبات من كوكاكولا، وبزيانونس ومياه معدنية، وتنتشر «صيدليات» ومستوصفات ميدانية تقدم الخدمة الطبية والإسعافات الأولية، وأنواعا من أقراص السكر والضغط، وهي خدمات لا تتوفر للسوداني مجاناً حتى في المستشفيات الحكومية.

قد يهمك أيضا: 

حسن إسماعيل ينفي تسليم الرئيس عمر البشير السلطة للجيش

زعيم المعارضة في السودان يدعو أنصاره للتظاهر في ذكرى انتفاضة 6 نيسان

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معتصمو السودان يقيمون دويلة اشتراكية أمام قيادة الجيش معتصمو السودان يقيمون دويلة اشتراكية أمام قيادة الجيش



إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday