أكدت مصدر مطلع، أنَّ الرئيس الأميركي لا يحتفظ في جعبته بأي مبادرات جديدة تعيد الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات بعد الانتخابات، خصوصًا في ظروف التوتر الحالية بين الطرفين، والتي وصلت إلى مستويات غير معهودة منذ نهاية عام 2004 في نهاية الانتفاضة الفلسطينية العنيفة".
وأوضح المصدر أنَّ الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري يركزان تمامًا على المفاوضات الجارية بين أعضاء مجلس الأمن الخمس الدائمين وألمانيا مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق صفقة بشأن برنامجها النووي قبل نفاد الفترة المحددة في يوم 24 آذار/ مارس الجاري.
وأضاف "طبعا، القول بأنّ المحادثات مع إيران وعزم الإدارة على إقناع حلفائها في إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي بأن الولايات المتحدة لن توقع على صفقة سيئة تساوم على أمنهم يستحوذ على مجمل الجهود الدبلوماسية الأميركية، وهو أمر صحيح ومنطقي، لا يعني أن أوباما وكيري انقطعا تمامًا عن الأزمة المتفاقمة بين إسرائيل والفلسطينيين، خصوصًا في ضوء وقوف السلطة الفلسطينية على شفا الإفلاس، وحجز إسرائيل لأموال الضرائب وتصرفات الفلسطينيين الحمقاء في مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية وهو ما يقيد قدرة الولايات المتحدة على تقديم الدعم المالي للفلسطينيين بحسب قوانين الكونغرس".
وحول ما نسبته صحيفة "هآرتس" العبرية، صباح الجمعة، إلى أحد المسؤولين في البيت الأبيض قوله إنَّ أوباما معني بإجراء محاولة أخرى بعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لتحقيق تقدم في ما يسمى بـ"عملية السلام" في السنتين المتبقيتين له في منصب الرئاسة، أجاب المصدر "العمل على المدى المنظور لما تبقى من رئاسة باراك أوباما شيء، وامتلاك معادلة سحرية يتم تنفيذها بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية شيء آخر؛ طبعاً الأمل أو حتى السعي لإحراز تقدم في تخفيف التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين يحظى بأهمية خاصة عند كل إدارة أميركية منذ أكثر من أربعين عام، واكتسب أهمية إضافية بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الراعي الوحيد لعملية السلام بعد توقيع اتفاق أوسلو؛ هذا في تقديري سيستمر، مداً وجزراً كما هي العادة".
وذكر أنَّ الظروف لاستئناف مسيرة السلام ليست مواتية على الإطلاق، حيث أن مراجعة ملف الأشهر الماضية منذ انهيار المفاوضات العام الماضي التي أعطاها كيري كل طاقته لتحقيق اتفاق إطارإبتداءً بقتل المستوطنين الإسرائيليين، ومن ثم حرب غزة، و مساعي الفلسطينيين للاعتراف بهم كدولة في مجلس الأمن، والعنف والتوتر في القدس وأخيراً المحكمة الجنائية الدولية، كل هذا سيجعل من الصعب إطلاق مبادرة جديدة يكتب لها أي نجاح نسبي.
وأشارت صحيفة "القدس" الفلسطينية، إلى أنَّ إدارة أوباما أبلغت مسؤولين في السلطة الفلسطينية بضرورة عدم المساس بنماذج وأنظمة التنسيق الأمني المبرمة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي كون أن لذلك عواقب وخيمة على العلاقة الأميركية الفلسطينية. بحسب المصدر.
وكان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قد اتخذ قرارَا، الخميس، بوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، وهو ما اعتبره كثيرون نهاية لمرحلة اتفاق أوسلو.
يُذكر أن وزارة الخارجية الأميركية عبرت على لسان الناطقة باسمها جنيفر بساكي، الأسبوع الماضي، في إطار ردها على سؤال وجهته القدس عن قدرة السلطة الفلسطينية على الاستمرار "إن الإدارة الأميركية تخشى من انهيار السلطة الفلسطينية اقتصاديًا خلال شهور معدودة في حال لم يتجدد تحويل أموال الضرائب للسلطة التي تحتجزها إسرائيل، وتخشى الإدارة الأميركية بالتالي من أن يؤدي ذلك إلى أزمة خطيرة جدًا، وفوضى أمنية واندلاع العنف".
وأضافت بساكي "أنه في الوقت الذي نشعر فيه بضرورة وقف المساعي الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية من جهة، فإننا أيضاً معنيون بمنع انهيار السلطة الفلسطينية".
وتكثر الإشاعات المنسوبة إلى مسؤولين في البيت الأبيض بأنَّ الإدارة الأميركية تتحين الفرصة المناسبة لمحاولة الدفع بشيء ما في الشأن الإسرائيلي– الفلسطيني، قبل نهاية العام 2016.
ويشار إلى أن آخر محاولات الإدارة الأميركية انتهت بالفشل قبل عام، في نهاية آذار 2014، حين أخفق وزير الخارجية الأميركي بالتوصل لما سمي بـ "اتفاق الإطار"، لم تنشر تفاصيله ولكنه يقال أنه تضمن عدة بنود، بينها إجراء المفاوضات على أساس حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، مع تبادل مناطق والاعتراف بإسرائيل كـ"دولية قومية للشعب اليهودي، وتكون القدس عاصمة للدولتين، وترتيبات أمنية لإسرائيل في الأغوار، وجدول زمني لإنهاء انسحاب الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية".
وقد ازدادت الأمور تعقيدًا منذ انهيار المفاوضات وحتى الآن، خصوصًا في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة والذي استمر مدة 51 يومًا الصيف الماضي، ما أدى إلى تدمير مساحات شاسعة من القطاع المنكوب واستشهاد أكثر من 2300 مواطن وإصابة أكثر من 11 ألف آخرين؛ أغلبيتهم الساحقة من المدنيين.
وفي سياق متصل، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الجمعة، عن قلقه من قرار القيادة الفلسطينية في الضفة المحتلة بوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ودعا المجتمع الدولي إلى السعي من أجل اتفاق سلام في الشرق الأوسط.
وتحدث المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية -الذي تعد قراراته ملزمة عادة للسلطة الفلسطينية- الخميس، أنه اتخذ هذا القرار لأن سلطات الاحتلال خرقت الاتفاقات الثنائية بما فيها حجب إيرادات الضرائب التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين.
وقد يكون لإنهاء اتفاق التنسيق الأمني الذي يعود إلى اتفاقات أوسلو للسلام الموقعة منتصف التسعينات تأثير فوري على الاستقرار في مدن الضفة المحتلة مثل الخليل ونابلس وجنين حيث تكثر الاضطرابات المناهضة لإسرائيل. ولم يتضح إن كان قرار المجلس المركزي الفلسطيني سيصبح نافذا على الفور. خصوصًا بعد تصريحات مسؤولٍ أمني اسرائيلي، الجمعة، إنه لم يحدث تغيير في التعاون الأمني.
ووفق المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريتش، فقد حثّ بان كي مون الطرفين على "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم الدخول في دائرة الأفعال وردود الأفعال التي لا تفيد"، مُضيفًا أن "الأمين العام يكرر دعوته لإسرائيل باستئناف تحويل إيرادات الضرائب المستحقة قانونا للسلطة الفلسطينية".
وجمّدت "إسرائيل" 127 مليون دولار من إيرادات الضرائب الفلسطينية الشهرية احتجاجًا على قرار الرئيس محمود عباس تقديم طلب للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، والسعي لتوجيه اتهامات جرائم حرب ضد "إسرائيل". وتغطي أموال الضرائب نحو ثلثي الميزانية الفلسطينية وتستخدم في سداد رواتب عشرات ألوف الموظفين بالقطاع العام.
وتدهورت العلاقات بين "إسرائيل" والفلسطينيين بصورة خطيرة منذ انهيار محادثات السلام التي كانت تجري بوساطة أميركية في عام 2014. وقال دوجاريتش "في غياب مشاركة دولية فعالة قد يزداد الموقف تأزمًا". وأضاف "يدعو الأمين العام بشكل عاجل المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن لأخذ زمام المبادرة والمساعدة في تهيئة الظروف للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي من خلال التفاوض".
ووفقا لاتفاق التنسيق الأمني تحتاج قوات الأمن الفلسطينية إلى موافقة "إسرائيل" على إرسال دوريات إلى بعض المناطق في الضفة المحتلة لحفظ الأمن.
أرسل تعليقك