شارك عشرات الأطفال الصم في غزة الخميس، زملاءهم من ذوي الإعاقة، بمسيرة انطلقت من مقر شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، لمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، من أجل المطالبة بحقوقهم التي جاءت في نصوص كل المعاهدات والقوانين.
ولفت الأطفال، أنظار الجميع إليهم عندما تقدموا المسيرة ورفعوا أصواتهم بكلمات لا يمكن أن يفهمها أحد غيرهم، ولكن المتأمل لتلك اليافطات التي يحملونها يفهم أن ما كتب عليها يفسر أصواتهم التي تدعو إلى ضرورة الحصول على حقوقهم.
وصرّح الطفل محمد يوسف، قائلًا "نحن هنا اليوم من أجل المطالبة بحقوقنا كأشخاص ذوي إعاقة بشكل عام وحقوقنا كصم بشكل خاص" وذكر بحضور مترجم الإشارة محمد الغولة، أنَّ الجهات الدولية مطالبة بأن تقدم لنا الدعم في كل المجالات وفي مقدمتها التعليم، والصحة.
وأكد يوسف أنَّ رسالتهم واضحة للجميع ولا تحتاج إلى تفسيرات، موضحًا "نحن نطالب المجتمع الدولي والحكومة الفلسطينية أن ينظروا إلى أوضاعنا وأوضاع قطاع غزة الصعبة وأن يحلوا كل المشاكل فورًا، لكي لا تتفاقم المعاناة بشكل أكبر مما هي عليه حاليًا".
ويطمح يوسف إلى أن يمارس حياته بشكل طبيعي كأي طفل في العالم وأن يتمتع بحقوقه المكفولة وفقًا للقوانين الإنسانية، مشيرًا إلى أنَّ فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة انتهاك واضح للقانون الدولي ويجب رفعه، معتبرًا أنَّ رفع الحصار يشكل بداية تحول في حياة الفلسطينيين بغزة ويخفف جزء من معاناتهم اليومية.
ويتفق يوسف مع رماح التي تشاركه الإعاقة ذاتها، بأنَّ فتح مجال التعليم الجامعي لهم بالمستقبل، أمرًا في غاية الأهمية، معتبرين أنَّ تغيبهم من دائرة التعليم الجامعي شيء مرفوض بالمطلق، ويطالبان نيابة عن كافة المعاقين بضرورة أن تفتح جامعة متخصصة لتعليم الصم.
وتبين رماح عبر مترجم الإشارة، أنَّ المعاق الأصم هو شخص طبيعي ويمتلك قدرات عالية جدًا؛ ولكنه فقد حاسة النطق. وأوضحت أنها تتمني أن تدعم الحكومة الفلسطينية الأشخاص الصم، لأن التعليم الجامعي يحقق أول أهدافهم في الحياة وهو الحصول على وظيفة مستقبلًا.
وأشارت إلى أنَّها تطمح بأن تكون مهندسة في مجال برمجة الحاسوب والشبكات، لأنها تمتلك ميولًا باتجاه ذلك، وتتمنى أن تحصل على تعليم عالي في ذات المجال، وأن تكون متخصصة فيه، لكنها تقول "هذا حلم يتحقق إذا كانت لدينا جامعة متخصصة لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة".
ولفتت رماح إلى أنَّ المؤسسات الحقوقية الدولية مطلوب منها محاكمة مجرمين الحرب الإسرائيليين الذين قتلوا الفلسطينيين خلال العدوان الأخير وخصوصًا الأشخاص ذوي الإعاقة، وتؤكد بأنَّ ذلك أهم مطلب لوقفتهم اليوم أمام مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
ومن ناحيته يؤكد مدير منظمة شبكة المؤسسات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا أنَّ الأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون ظروفًا صعبة بالتزامن مع ما يعيشه الفلسطينيين في قطاع غزة من أوضاع مأساوية عقب العدوان الإسرائيلي الأخير، إضافة إلى استمرار الحصار المفروض منذ ما يزيد عن سبعة أعوام بشكل متواصل.
وبيَّن الشوا أنَّ الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة استهدف ثمانية مؤسسات عاملة في مجال ذوي الإعاقة ودمرها بالكامل، موضحًا أنَّ مؤسسة الرحمة لتأهيل المعاقين استشهد بداخلها ثلاثة معاقين جراء استهدافها بشكل مباشر من قبل الطيران الإسرائيلي.
وأشار إلى أنَّ عدد كبير من الأشخاص ذوي الإعاقة فقدوا أدواتهم المساعدة تحت ركام منازلهم التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي ، مؤكدًا أن العدوان الإسرائيلي الذي استهداف المدنيين بشكل مباشر رفع نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة.
وأبرز أنَّ استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني يفاقم معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة، معتبرًا أن عدم تسلم حكومة الوفاق الوطني عملها في قطاع غزة، يؤخر تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول على حقوقهم التي نص عليها قانون المعاق الفلسطيني وفي مقدمتها "بطاقة المعاق".
ونفى الشوا حدوث أي تقدم اتجاه ملف انجاز "بطاقة المعاق"، مؤكدًا أن كل الوعود التي حصلوا عليها سواء من حكومتي غزة والضفة سابقًا أو حكومة الوفاق الوطني حاليًا لم يتحقق منها شيء، متأملًا أن تستلم حكومة الوفاق عملها في غزة، ليتمكنوا من الضغط في اتجاه الحصول على قرار بشأن البطاقة.
و"بطاقة المعاق" بطاقة شخصية تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية للأشخاص من ذوي الإعاقة، وتعتمد كمستند رسمي دالًا على أن حاملها معاق، بما يكفل له الحقوق والخدمات المبينة في قانون الأشخاص ذوي الإعاقة الاتحادي رقم (29) لعام 2006م واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا له.
وطالب الشوا الأمم المتحدة بضرورة تحقيق العدالة بشكل حقيقي للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار عن الفلسطينيين في قطاع غزة، بالتزامن مع مساءلته حول جرائمه، والعمل باتجاه توفير مقومات الحياة الكريمة للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة العربية.
أرسل تعليقك