ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، أنَّ عشر سنوات مرت على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ( ومقرها في لاهاي) تجاه جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الضفة الغربية، وعدم شرعيته. ووفقا لـ"أوتشا" فإنه تم بناء 62% من الجدار، بما في ذلك (200) كيلومتر منذ صدور رأي المحكمة عام 2004، بحسب ما ذكر راديو الأمم المتحدة، السبت.
وكان قرار المحكمة الذي صدر في التاسع من تموز/ يوليو عام 2004، قد طالب إسرائيل بإزالة الجدار من كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس الشرقية وضواحيها مع تعويض المتضررين من بناء الجدار.
وبتاريخ 9/7/2004م، نشرت محكمة العدل الدولية، رأيًا استشاريًا حول قضية قانونية الجدار؛ تلبية لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 3/12/2003م.
ورفضت إسرائيل التعاون مع هذا الرأي؛ مدعية عدم وجود صلاحية للمحكمة للبحث في هذه القضية، وزاعمة أن إطار بحث هذه القضية هو العلاقات الثنائية ما بينها وبين الفلسطينيين.
وقد ردّت المحكمة، بأغلبية الأصوات، إدعاء إسرائيل عدم صلاحية بحث هذه القضية.
وتوصل أحد القضاة، من أصحاب رأي الأقلية، إلى استنتاج مفاده أنَّ المحكمة لا تملك المعلومات الكافية من أجل بلورة رأيها حول القضية، ولهذا؛ فإن المحكمة لا تملك الصلاحية لبحث القضية.
وقبل بحث الأمر؛ أوضحت المحكمة أنَّ رأيها يقتصر فقط على المقاطع الخاصة من الجدار الفاصل، التي أقيمت أو سيتم إقامتها وراء الخط الأخضر.
وأضافت أنَّ الجانب الأول والمركزي الذي يتعاطى معه الرأي هو تبعات وآثار الجدار الفاصل على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وفي هذا السياق؛ سجلت المحكمة الوعد الذي قطعته إسرائيل في استعمال الجدار الفاصل كوسيلة أمنية مؤقتة، ومع هذا فقد أشارت المحكمة إلى وجود مخاوف كبيرة؛ من أن يؤدي مسار الجدار الفاصل، إلى إيجاد "حقائق على الأرض"، تؤدي إلى الضم الفعلي للمساحات والأراضي؛ ما يؤدي إلى التأثير على الحدود المستقبلية ما بين إسرائيل والدولة الفلسطينية.
وترى محكمة العدل الدولية أن الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل يشكل خرقا لحق تقرير المصير.
أما الناحية الأخرى التي تناولها الرأي الاستشاري، فقد كانت قانونية الجدار الفاصل استنادا إلى القانون الإنساني الدولي، وفي البداية ردت محكمة العدل الدولية ادعاء إسرائيل بأن وثيقة جنيف الرابعة لا تسري على المناطق الفلسطينية، إذ لم تكن الضفة الغربية وقطاع غزة مرة من المرات جزءًا من دولة ذات سيادة.
وفي هذا السياق حددت المحكمة أنه "نظرًا لكون المناطق الفلسطينية سقطت في أيدي إسرائيل نتيجة لحرب مع دولتين موقعتين على الوثيقة، فإنه يتوجب أن تتفق سيطرة إسرائيل على المناطق الفلسطينية مع وثيقة جنيف".
ووجدت المحكمة أنَّ بناء الجدار الفاصل يهدف إلى خدمة المشاريع الاستيطانية، التي تشكل خرقًا للبند 49 من الوثيقة، كما أشارت المحكمة إلى أنَّ القيود على السكان الذين تبقوا ما بين الجدار الفاصل وبين الخط الأخضر، قد يؤدي إلى رحيلهم، وهذا أيضًا مخالف لنفس البند من الوثيقة.
كما قرر الرأي الاستشاري، أن السيطرة على الأراضي الخاصة والمرتبطة بإقامة الجدار الفاصل، يشكل مسًا بالأملاك الشخصية؛ مما يعدّ خرقًا للبنود 46 و- 52 من لوائح (هاج) للعام 1907م، والبند 53 من وثيقة جنيف الرابعة.
أما الناحية الثالثة من الرأي الاستشاري، فإنها تتعلق بقانونية الجدار الفاصل، على ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي هذا السياق، حددت المحكمة بصورة جازمة،"بخلاف رأي إسرائيل"، أنَّ هذا القانون يسري بأكمله على الأراضي المحتلة.
وترى محكمة العدل الدولية أنَّ الجدار الفاصل، يمس مختلف الحقوق المقننة في الاتفاقات والمواثيق التي وقعت إسرائيل عليها، وهي: الحق في حرية الحركة، الحق في عدم التدخل في خصوصية البيت والعائلة، والمقننة في البنود 12 و- 17 من الميثاق الدولي بخصوص الحقوق المدنية والسياسية، أما حقوق العمل، والحق في مستوى حياة لائق، الحق في الصحة والتعليم، وهي مقننة في البنود 6، 11، 12 و- 13 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والحضارية.
يُذكر أنَّ الرأي الاستشاري يتناول بصورة مقتضبة، ذريعة إسرائيل الأمنية التي تنتهك بها بهذه الحقوق، طبقا للقانون الدولي.
وقد أشارت المحكمة إلى أنَّه من حق إسرائيل، ومن واجبها، حماية مواطنيها من أعمال العنف، غير أنه يتوجب أن تتفق وسائل الحماية التي يتم استعمالها، مع تعليمات القانون الدولي.
وجاء في الاستنتاجات الخاصة بالرأي الاستشاري، أنه يتوجب على إسرائيل التوقف عن إقامة الجدار الفاصل، وتفكيك أجزائه التي تمت إقامتها في الضفة الغربية، وإلغاء الأوامر التي صدرت بخصوص إقامته وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا جراء ذلك.
كذلك ناشدت محكمة العدل الدولية المجتمع الدولي، الامتناع عن مساعدة إسرائيل في حالة استمرار الوضع غير القانوني الذي نشأ في أعقاب إقامة الجدار الفاصل، واتخاذ الوسائل القانونية من أجل إيقاف الخروقات الإسرائيلية، وضمان تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.
أرسل تعليقك