غزة – محمد حبيب
رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء التماس سكان قرية عتير أم الحيران في النقب ضد إخلائهم وهدم بيوت القرية لصالح إنشاء مستوطنة "حيران"، وذلك بغالبية قاضيين مقابل قاضية واحدة.
وكان عدد من أبناء عشيرة أبو القيعان، الذين يعيشون في قرية عتير أم الحيران، قدموا التماسا في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2013، بواسطة مركز "عدالة" الحقوقي لمنع هدم منازل القرية وإخلاء سكانها.
وكتب القاضي إلياكيم روبنشطاين في قراره أن "الدولة هي صاحبة الأرض المختلف عليها، كونها مسجلة باسم الدولة، وأن سكان القرية لم يشتروا الأرض، وإنما سكنوا عليها بعد السماح لهم، الأمر الذي ألغته الدولة بشكل قانوني"، مضيفا أنه "يجب رفض الالتماس بادعاءين أساسيين، الأول لأن ادعاءات الملتمسين تمس بإنشاء مستوطنة حيران، والثاني أن ما أجرته الدولة لا ينطوي على مس بالحقوق القانونية للملتمسين"، وانضم إليه القاضي نيل هندل.
يذكر أن قرية عتير أم الحيران هي واحدة من بين عشرات القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، يقطنها المئات من أبناء عشيرة أبو القيعان، وتقع القرية في منطقة وادي عتير شمال شرق بلدة حورة، وتنقسم القرية إلى منطقتين، هما أمّ الحيران وعتير.
وكان أبناء العشيرة يعيشون في "خربة زبالة" حتى النكبة عام 1948، وعندها أمرهم القائد العسكرية لمنطقة النقب بمغادرة المنطقة والتوجه إلى منطقة اللقية، وتنقلوا في عدة مواقع ولم يسمح لهم بالعودة إلى أراضيهم، بعد التنقل في عدة مناطق، انتقلوا إلى خربة الهزيّل، وفي العام 1956 طالبوا مرة أخرى بالعودة إلى أراضيهم، إلا أن القائد العسكري طالبهم بالتوجه إلى منطقة وادي عتير.
واستقروا منذ العام 1956 في منطقة عتير أم الحيران، وكان عددهم آنذاك نحو 200 نسمة، وبنوا بيوتا حجرية، وشقوا الطرق وحفروا الآبار لتجميع مياه الأمطار وزرعوا الأراضي، وفي العام 1963 بدأت الحكومة الإسرائيلية بتقليص الأراضي التي يفلحونها من خلال وضعها تحت سلطة الككال (الصندوق القومي اليهودي) بهدف تحريش المكان، وإقامة حرش "يتير".
وأبطلت ما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" في بداية ثمانينيات القرن الماضي، تعهدها بتأجير الأراضي الزراعية لأبناء العشيرة، ولم تحظ القرية بأي اعتراف، وبالنتيجة لم يتم ربطها بشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، ولم تحصل على الخدمات الأساسية.
وتجدر الإشارة إلى أن أبناء أبو القيعان قدموا في العام 1973 دعاوى للاعتراف بملكيتهم التاريخية على أراضيهم في وادي زبالة، التي باتت تحت سيطرة "كيبوتس شوفال"، بيد أن هذه القضايا لا تزال عالقة في المحاكم، وفي العقد الأخير عملت جرافات الهدم في القرية عدة مرات، وعرض على سكانها السكن في حورة القريبة، إلا أن أهالي القرية رفضوا تهجيرهم من أراضيهم للمرة الثالثة.
وادعى القاضي روبنشطاين أن "الحديث ليس عن تهجير وإنما عن إخلاء وتعويض وإمكانية السكن في حورة أو في مستوطنة حيران التي ستقوم في المكان".
وأكد المحامي سليم أبو القيعان، الذي يمثل الملتمسين إنه يوجه إصبع الاتهام ضد المؤسسة الإسرائيلية والحكومة والمحاكم التي تتعامل بعنصرية، وأضاف أنّ السكان يواصلون رفض إخلاء القرية والانتقال إلى حورة، مبينًا أنه ستجري دراسة إمكانية التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية للاحتجاج على الظلم الذي وقع بسكان القرية.
يشار إلى أن الالتماس قد ناقش أوامر الإخلاء، ومن المقرر أن تناقش، في نهاية الشهر الجاري، أوامر هدم البيوت في القرية في محكمة الصلح في "كريات غات".
وأوضح مركز "عدالة"، أن المحكمة وفرت الشرعية لمحو قرية كاملة عن وجه الأرض وتهجير سكانها متجاهلة الاعتبارات الإنسانية والسياسية والاجتماعية والتاريخية، مؤكدًا أن السبب الوحيد لاقتلاع سكان القرية هو إنشاء مستوطنة يهودية ومراع على خرائبها.
أرسل تعليقك