كشف تحقيق جديد استند إلى شهادات من معتقلين فلسطينيين وبيانات لجمعيات حقوقية أهمها اللجنة ضد التعذيب، أنَّ الاحتلال الإسرائيلي كثف عمليات التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين مع ابتكاره وسائل تعذيب وحشية جديدة، أهمها "وضعية الموزة" و"الضفدع" في محاولاته لانتزاع اعترافات كاذبة من المعتقلين.
وأوضح التحقيق الذي أجرته صحيفة "هآرتس" العبرية، أنَّ الاحتلال كثف هذه الوسائل الوحشية في التعذيب منذ النصف الثاني من العام 2014 بعد اختطاف ثلاثة مستوطنين، من قبل خلية مروان القواسمي.
ومارس الاحتلال، حسب التحقيق، أقسى أنواع التعذيب ضد محمد الخطيب، صديق الطفولة لمروان القواسمي، بعد اتهام الخطيب أنه كان جزءًا من عملية الخطف، وبالرغم من خضوع الخطيب للتعذيب وتقديمه اعترافات كاذبة بفعل التعذيب، إلا أن النيابة العسكرية الإسرائيلية قدمت في نهاية المطاف لائحة اتهام مغايرة ضده لا تتعلق إطلاقاً بقضية خطف المستوطنين، تتهمه بإطلاق النار في الهواء والمشاركة في مظاهرات نظمتها حركة "حماس" في الضفة الغربية.
وبيَّن التحقيق أنَّ "الشاباك الإسرائيلي" وجهاز "القضاء العسكري" وضعا تعريفات جديدة، تمكّن من ممارسة هذه الأنواع من التعذيب تحت مسميات مختلفة مثل "تحقيق غير اعتيادي" و"تحقيق للضرورة" و"وسائل خاصة".
ووفقا للمعطيات التي أوردها التحقيق، فقد رصدت الصحيفة خلال العام 2014 أكثر من 56 حالة تعذيب مختلفة بوسائل شتى، مثل منع النوم والضرب والشبْح (التعليق في الهواء)، مقابل 16 حالة تعذيب في العام 2013، و30 حالة في العام 2012، و27 حالة في العام 2011، و40 حالة عنف خلال التحقيق في العام 2010.
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ جهاز "الشاباك الإسرائيلي" حرص على عدم تسريب أية وثيقة بشأن هذه التحقيقات وحالات التعذيب للعلن، ويقدّم في حالات خاصة مذكرة تستعرض أنواع التعذيب للقضاة في المحاكم العسكرية، ولكن لا يسمح للمعتقلين أو محاميهم الاطلاع عليها.
ولفت التحقيق إلى أنَّ الشاباك يعتمد في حمايته عند افتضاح أمر التعذيب على تعبير "التحقيق للضرورة"، ادعاءً بأنه كانت هناك حاجة لممارسة العنف لإحباط عمليات أو حماية للإسرائيليين، وهو مبدأ أقره قضاة المحكمة الإسرائيلية العليا وعلى رأسهم أهرون براك، إلا أنَّ المحكمة وضعت تحفظات تحول دون جعل هذا المخرج قاعدة في أعمال التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين.
ونقل تحقيق "هآرتس" عن مصادر اطلعت على بروتوكولات المحاكم العسكرية الخاصة بهذا النوع من التحقيقات، وما قدمه الشاباك للمحكمة عن وسائل التعذيب، أن هذه الوسائل والطرق تشمل حالات مثل تغطية العينين لوقت طويل ومتواصل حتى يفقد المعتقل القدرة على التفكير، وإحاطة 5 إلى 6 محققين بالمعتقل والصراخ في أذنه لساعات.
وأضافت المصادر في تصريحاتها أنَّ هناك طرقًا أخرى تتمثل في إلزام المعتقل على أن يبقى راكعًا مع إسناد ظهره إلى الحائط ومنعه من الجلوس، وإجبار المعتقل على الوقوف مع فتح يديه على جانبيه لساعات، وتقييد يديه وقدميه إلى الخلف على شكل الموزة، كما يواصل الشاباك استخدام طرق تعذيب قديمة مثل الشبح، وإبقائه مكبلًا على هيئة الضفدع ومنعه من النوم.
وأظهر التحقيق أنَّ الاحتلال مارس التعذيب ضد معتقلي "حماس" الذين تم اتهامهم بالتخطيط لتنفيذ انقلاب ضد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في آب / أغسطس الماضي، بعد الادعاء أن المؤامرة حيكت في تركيا عن طريق القيادي في "حماس"، المبعد إلى تركيا صلاح العاروري وبواسطة رياض ناصر ومجموعته.
وأضاف التحقيق أنه تعرض كذلك للتعذيب أفراد الخلية الذين اتهمهم الاحتلال بالتخطيط لاغتيال وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، خلال العدوان على غزة.
وأبرز أنَّه على الرغم من لجوء الاحتلال إلى هذه الطرق الجديدة من التعذيب، إلا أنها لم تعد على الاحتلال بفائدة، ولم يتمكن محققو "الشاباك" من انتزاع اعترافات يمكن إثباتها في محاكم الاحتلال.
أرسل تعليقك