افتتح المتحف الوطني الجديد في سنغافورة على شرف ميلاد البلاد الـ 50، وأخذ المهندسون المعماريون رمزي الإدارة البريطانية السابقة وهما قاعة مجلس المدينة التي تعود إلى العشرينات والمحكمة العليا التي تعود إلى الثلاثينيات، ووصلوا المبنيين بجسور من الألمنيوم، وسقفوا موقف سيارات القضاة بالزجاج، وخلقوا أربعة طوابق مليئة بالضوء.
ويمكن لزوار المتحف الصعود على سطحه واحتساء المشروب في صالة "سكاي لاونج" بتصميمها الذي يعود إلى السبعينات على غرار تصميم شبكات نوافذ "نيامير أوسكار"، ومشاهدة 250 ألف سنغافوري في احتفالات نصف قرن من الاستقلال، أخذوا إجازة مدتها أربعة أيام على شرف الحدث.
ويعرب السنغافوريون عن فخرهم بالتحول الذي حدث في وطنهم في الأعوام العشرة الماضية، والانتقال من الاهتمام بكسب العيش وتربية الأولاد، إلى الاهتمام بالفن والثقافة، وافتتاح متحف بهذا الحجم، وكان تعداد سكان الجزيرة في ذلك الوقت 1.3 مليون شخص.
ومع هذا التغيير، حافظت سنغافورة على الكثير من معالم بداياتها مثل كتل الإسكان الحكومية على طول الطريق من مطار شانغي، والأندية ومطاعم المأكولات البحرية بجوار الشاطئ، وما تزال الأراضي الزراعية الحجر المركزي للبلد.
وتضم الجزيرة واحدة من أجمل التصاميم العامة وهو ما يسمى بالصحن الطائر، أو نصب زهرة اللوتس بجوار المباني الثلاثة الإدارية وهي مبنى المحكمة العليا الجديد، ومبنى الحدائق ومتحف الفنون العلمية، إلى جانب مجمع "ماريانا باي ساندرز" الذي بنته شركة "لاس فيغاس"، ويحتوي على 3000 غرفة فندقية، ومسابح لا متناهية وبارات على السطح في طوابقه الـ 57.
وتعتبر سنغافورة حاليًا وجهة للسياح الغربيين، الذين يشعرون بالدهشة لكفاءة المدينة، مستاءين أحيانًا عن الروح الآسيوية، وعن براعتها في العيش، حيث المباني العملاقة خرجت من مكان كان في يوم من الأيام تغطيه مياه البحر، ومن الأشياء التي احتفظت بها سنغافورة بعد نفضتها الحديثة هي شرفات بيوت التسوق، والمرافق المزينة بأحجار أرت ديكو مثل سينما كاثي، والمدارس.
وفي عام 1992، مع افتتاح مسرح الخليج، حولت الحكومة اهتمامها نحو الثقافة، لتتوجه بالمتحف الوطني الأكثر سحرًا في سلسلة من فتحات الفن.
وأفاد مدير أكاديمية "بيناكوثيك" التي افتتحت مؤخرًا في نقر العسكرية القدم في فورت تعليب رونالد ستونس: "في أوربا قد تكون هذه صفقة كبيرة، ولكن سنغافورة معتادة أن تكون مدينة سريعة، طالما أن عالم الفن معني بذلك، وحان الوقت لها".
وظهرت ثقة جديدة في ثقافة المنطقة، وسلط عليها الضوء في معرض التراث "وبيناكوثيك" من خلال تمثال شخصية الخصوبة الجاوية مع اليدين الحجر تغطيان الأعضاء التناسلية الحجرية، وهو يحدق بدهشة كما فعل منذ 3500 عام، بالإضافة إلى التمائم والقلائد، ومجموعة من 40 قطعة تكشف تأثير جنوب شرق آسيا على الفن الغربي.
وشهد طراز المتحف الجديد تغيرًا كبيرًا عن ما كان عليه في الماضي، ففي الماضي كانت المتاحف مغبرة وقديمة الطراز، أما هذا المتحف بديكوره الذي يعكس حقبة سنغافورة الجديدة، ويحتوي على حجر من القرن الـ 13 جلب من منطقة بالقرب من نهر سنغافورة حتى دمرته الشركة الهندية عندما أقاموا متجرًا هناك، وتوجد خريطة تعود إلى عام 1570 توضح طرق التجارة من جزر التوابل إلى ملقا التي تحولت بسببها سنغافورة إلى ميناء أسطوري.
ويتوسط متحف علوم الفن في سنغافورة بركة من الماء هادئة ممتلئة بالورد الحقيقي مثل اللوتس الأبيض، ويستضيف المتحف معارض وجولات تركز على التعليم والتوعية، فيما الأطفال يقفزون بين المخلوقات الغريبة الميتة، كل هذا بفضل نخبة من العلماء ممن حافظوا عليها وطوروها كي تعرض في المعرض ويحتوي المبنى على كوة مياه الأمطار الخاصة بها لمحاصرة المياه واستخدامها، وإعادة تحويل الفائض إلى النافورة.
وتعاونت سنغافورة التي تمتلك المال مع مؤسسات من جميع أنحاء العالم لتبني مجموعة من الأماكن الراقية والتي تصل إلى الدرجة الأولى، وصمم مدخل المتحف الوطني كي يسمح لضوء الشمس بالدخول من خلال السقف الصغير، والقاعات الرائعة وخصوصًا الطابق السفلي الذي بطنت جدرانه وأرضياته من خشب الساج الآسيوي بلون الفرو البرتقالي أو لون جوز الهند، وأصبحت قبة المحكمة العليا القديمة مكتبة، مدعومة بشرفة داخلية، وأصبحت قاعات المحكمة السابقة معارض، وتحتفظ غرفة مجلس المدينة بوثيقة الاستسلام اليابانية في عام 1945، وأضيفت شرفة على سطح المجلس لتصبح قاعتي "بادانج ديك وسكاي لاونج".
ولم تشتر سنغافورة قطعًا لأقدم الفنون مثل قطع الانطباعيين كما تفعل أي دولة فتية في عالم الفن، ولكنها بدل من ذلك ملأت اثنتين من صالات العرض الرئيسية بمجموعة من الفن السنغافوري وفن جنوب شرق آسيا الذي يصل إلى أواخر القرن الـ 20، إلى جانب معرض "DBS" الذي يحتوي على باكورة الفن المحلي من المطبوعات الاستعمارية واللوحات النباتية من أعمال فنانين من أوائل القادمين من الصين.
وذكرت أمينة المجموعات الدكتورة لاو سوز ويي: "كانت هذه هي المرة الأولى التي خرج فيها الفنانون من مدرسة الفنون، بدلًا من التلمذة المهنية الصناعية، وبدؤوا بجمع تقنيات الحبر الصيني التقليدي مع تقنية اللوحات الزيتية الغربية، وهناك الكثير من الفن المصنوع من الزيت والحبر".
ويحتوي المتحف على لوحات من أسواق السمك والقرى الملايو القديمة أو كامبونغز وزيوت الفنانين ورجال صينيين شباب، ثم جاءت أيقونة جنوب شرق آسيا وهي فن "الباتيك" كمنسوجات من الفنون الجميلة.
وتعتبر حدائق سنغافورة النباتية الكلاسيكية، حديقة استوائية كبيرة مبنية على 183 فدانًا في عام 1859، وأصبحت من مواقع قائمة "اليونسكو" للتراث العالمي في حزيران / يونيو عام 2015، وكانت المكان الأول لزراعة المطاط في شبه جزيرة الملايو، ولها 47 شجرة تراثية وبعض المناطق الخاصة مثل حديقة السحلية الوطنية، تنظم الحديقة مجموعة من العروض الموسيقية وتبلغ سعر تذكرتها خمسة دولارات للبالغين ومجانًا لمن هم تحت سن 12 عامًا.
وتعد حدائق الخليج المعاصرة من صنع الإنسان مذهلة وغريبة في الوقت نفسه، وتحتوي مجموعة من الأشجار الخراسانية العملاقة التي هي في الواقع جدران وستائر تضاء لعروض الصوت والضوء، وتحتوي عددًا من المعاهد الموسيقية، ويبلغ سعر التذكرة فيها دولارين للبالغين، فيما سعر الدخول للمعاهد 28 دولارًا.
ويمكن للسياح تناول الطعام في مراكز "هوكر" الكلاسيكية، حيث قائمة بالطعام الآسيوي مثل "الأرز والدجاج وشاس تي تارك والحلويات"، وفي مطاعم مقسمة وحدات في طريق آدم أو شارع المطار القديم، ولم يبحث عن الترف الأوروبي يمكنه ارتياد المطاعم المعاصرة في "ديمبسي هيل"، وهي منطقة كانت عبارة عن معسكر سابق للجيش، مع أشجار ناضجة ومبان استعمارية وتحولت إلى قرية صغيرة من المحلات والمقاهي والمطاعم.
ويتواجد الشراب بكثرة في الفنادق مثل "الجن وكوانترو والأناناس"، ويمكن زيارة بار "ملايا يومرست موم" الذي يفتح حتى الساعة 12 بعد منصف الليل أيام الجمعة والسبت، أو زيارة بار "لانترنن" في خليج فولرتون، وهو بار على الطابق السابع في مبنى مع إطلالة مذهلة على كل خليج مارينا، وهو مكان مناسب وواسع لأنشطة غير عاطفية من التنس إلى الملاكمة ويفتتح من الثامنة صباحًا وحتى الواحدة من اليوم الثاني أيام الجمعة والسبت.
وتضم الجزيرة العديد من الأماكن المناسبة للعائلة منها الكلاسيكية مثل "فيلا هاو بار"، وهي حديقة سريالية في "باسير بانانجع"، تحتوي العديد من العروض والجولات المصحوبة بمرشدين مقابل 35 دولارًا للبالغين، و 15 دولارًا للأطفال، وتتيح جزيرة "سنوسا" العديد من الأنشطة مثل صعود الحبل وتسلق الجدران وهي مكان مناسب لجذب السياح، ويكلف سعر التذكرة من 15 - 39 دولارًا.
أرسل تعليقك