صنفت العاصمة الماليزية بورنيو ضمن أهم المدن الأسيوية الجاذبة للسياح حيث الطعام الشهي والفنادق الرائعة العامرة، فيما تمتاز بخفة حركة المرور فيها مع القليل من المباني العالية؛ وهو ما قد لا يلاقى محبي الأجواء العصرية في التنزه.
وأصبحت مدينة جورج تاون، عاصمة ولاية بينانق في ماليزيا والتي تقع في الطرف الشمالي الشرقي من جزيرة بينانق أهم المدن الأسيوية الجاذبة للسياح في الأعوام القليلة الماضية، لكن في الآونة الأخيرة برز نجم مدينة "كوتشينغ" القريبة من النهر وعروس ولاية ساراواك في جزيرة بورنيو، حيث تعددت الأقوال في سبب تسمية مدينة كوتشينغ بهذا الاسم، فربما تعود التسمية إلى أن اسم "كوتشينغ" هو اسم كلمة قطة في اللغة الملايو، لكن جزور الاسم ترجع لعائلة السير جيمس بروك التي بنت المدينة وحكمتها كأول حكام لها لمدة قرن من الزمان. وكانت مياه المدينة راكدة منذ عشرين عامًا مضت وقلما كان ينزل بها السائحون وهم في طريقهم للغابات المطيرة في بورنيو والمنتزهات الوطنية هنالك.
وتشبه مدينة كوتشينغ المدن الأسيوية الكبرى قبل أن يغمرها الزحام المروري وناطحات السحاب والتلوث. فتحفل المدينة بالتراث المعماري للفن الصيني العتيق بالرغم من أنها خارج مظلة الحماية لمنظمة اليونسكو حيث لا تزال بها بعض المباني العالية التي تحجب أفاق مدينة كوتشينغ. ويميز المدينة أيضا طعام الشارع المذهل الموجود في كل مكان بجانب احتفائها بالبارات والحانات الرائعة. كما تتميز المدينة أيضا بتوفر سبل الإقامة بها من فنادق البوتيك والفنادق الصغيرة رخيصة الثمن. كما يتسم شعب مدينة كوتشينغ بالألفة والترحاب حيث يحب أهل كوتشينغ استقبال المسافرين والسائحين القادمين لجزيرة بورنيو.
يعرف الناس مدينة كوتشينغ بواجهتها البحرية التاريخية، حيث يمكن للسائح الاستمتاع في نزهة عند الغروب على طول كورنيش المشاة على نهر ساراواك. وبجانب مياه المدينة الهادئة يوجد قصر فورت مارجريتا القديم وقصر الراجح الأبيض لكنهم أقزام صغيرة بجانب مبني البرمان الهائل الذي يشبه سفينة الفضاء بلونه الذهبي. كما تحفل مدينة كوتشينغ برحلاتها النهرية الممتعة في مراكبها الصغيرة والتي يبلغ ثمنها دولار واحد للفرد.
وكما تقام الحفلات الموسيقية بجانب السجن القديم الذي يعتبر الآن واحدًا من المطاعم الأنيقة حيث يعتبر جوهرة في تاج مدينة كوتشينغ خلال فترة الاستعمار، كما يقع بجانبه دار المحكمة القديمة ومدرجاتها المظللة التي يرجع تاريخها للقرن التاسع عشر والتي أصبحت فيما بعد رمزًا للثقافة الماليزية بعد سيطرة الشعب الماليزي عليها وتحويلها مركزًا للفن البوهيمي للترفيه. وفي الوقت الحالي يستضيف دار المحكمة القديمة العديد من المعارض والمسارح وعروض الشعر والحفلات الموسيقية، فضلا عن محلات الملابس الصغيرة والمقاهي والمطاعم. كما تتراص جنبا إلى جنب على قارعة شارع بازار الرئيسي بالتوازي مع طول ساحل مدينة كوتشينغ محال بيع المنتجات اليدوية التي تصنعها القبائل الماليزية المختلفة. ويوجد في شوارع الحي الصيني الخلفية العديد من المعابد المليئة بعبير البخور والمقاهي ومحال الأطعمة وورش الحياكة والنجارة بضوضائها المعهودة.
ويوجد في مدينة كوتشينغ متحف ساراواك الرائع الذي لم تطاله التغيرات منذ افتتاحه لأول مرة عام 1891، حيث يحفل المتحف بمجموعة من نباتات ماليزيا وحيواناتها، فضلا عن تعريف السائح بالقبائل الأصلية الذين استوطنوا غابات بورنيو المطيرة. كما يشتغل أهل مدينة كوتشينغ في العديد من الحرف كالحياكة وصناعة الملابس والحقائب والإكسسوارات. كما يشتغل عدد كبير من أهل مدينة كوتشينغ في حرفة رسم الوشم الذى يعد جزء لا يتجزأ من ثقافة وتراث الشعب الكوتشينغي.
تعتبر مدينة كوتشينغ جنة للأطعمة وما لذ وطاب ولا سيما أطعمة الشوارع والتي يبلغ ثمن أطباقها أقل من جنيه أسترليني للطبق. فيحفل الحي الصيني في المدينة بالعديد من الأطباق كطبق "السنغ كي" الشهي وشربة الأسماك وعصيدة لحم الخنزير وعصيدة الأرز الصيني بالبيض والخضراوات، وأطباق الولائم كطبق أضلع الخنزير وأمعائه. وبالقرب من شارع بادويجان تتراص محال المكرونة اللذيذة التي تقدم في صحن "الكلو مي" وهو الطبق المفضل لأهل مدينة كوتشينغ المكون من لحم الخنزير المفروم والمكرونة الرفيعة.
ويتزاحم الناس، في المساء، في شارع بوكيت ماتا لشراء الأطعمة الشهية ويستمتعوا بأكلها في الهواء الطلق بساحة "التوب سبوت" التي يتوفر بها 500 منضدة عشاء وأماكن لوقوف السيارات، حيث يشترى الناس أطعمة البحر اللذيذة كالسرطانات والجمبري والمحار والحبار، وأسماك الوقار.
كما تتميز مدينة كوتشينغ بمطاعمها الرائعة التي تحي تراثها كمطعم "ليبو" و "دايك"، حيث تقدم أطباق الدجاج الشهي بالخلطات الملحية وأطباق المأكولات البحرية وأطباق الخضراوات الشهية. وعلى مقربة من شاطئ نهر سكرانغ في ساراواك في شارع "تنكو عبد الرحمن" يمكن لزائر المدينة احتساء أكواب الشاي أو العصائر في أوقات الغروب أو بعد الظهيرة. فيما يفضل أهل مدينة كوتشينغ احتساء القهوة الطازجة التي يقمون بتحميصها بأنفسهم بعد قطف حباتها من مزارع ولاية ساراواك.
وتضم مدينة كوتشينغ العديد من فنادق الخمس نجوم، لكن الإقامة في البيوت التراثية أو فنادق البوتيك هي الأكثر متعة، حيث تتزين بالأنتيكات الأثرية والمشغولات اليدوية. وتضم أيضا كوتشينغ العديد من الفنادق الصغيرة رخيصة الثمن كفندق في الحي الصيني بالمدينة.
ويمكن لسائح مدينة كوتشينغ الذهاب لأماكن عديدة كغابات بورنيو القديمة، والحدائق العامة "باكو" التي تعتبر واحدة من أقدم الحدائق العامة في ماليزيا وأصغرها على الأطلاق. كما يمكن الاستمتاع في جملة نهرية بنهر نهر سرواك. كما يمكن أخذ جولة في أدغال بين النباتات الاستوائية والمستنقعات القريبة من الغابات المطيرة والاستمتاع برمال الذهبية لشواطئ بحر الصين الجنوبي. ويمكن الذهاب أيضا لمنتزه سيمنجوه مركز الحياة البرية، حيث يستمتع زائر المنتزه برؤية إنسان الغاب وتقاليد حياته اليومية، ورؤية أنواع من الحيوانات والطيور. كما يمكن لزائر المنتزه الاستمتاع في جولة في أدغاله بين الأشجار العالية وزقزقة العصافير. كما توجد العديد من الأماكن الأخرى كسوق مدينة سينيوان القديمة الذي يرجع تاريخه إلى القرن التاسع عشر.
أرسل تعليقك