كييف ـ سلوى ضاهر
بعد مرور 25 عامًا على وقوع أكبر كارثة نووية في التاريخ الإنساني، كارثة انفجار محطة تشرنوبل النووية الأوكرانية، تحول موقع الكارثة إلى مزار يجتذب السياح الراغبين في التقاط الصور التذكارية لموقع الحادثة الرهيبة.
وفي 1986، تعرض قلب المفاعل الرابع في محطة تشرنوبل النووية إلى الانصهار إثر سلسلة من تعطل الوظائف الأساسية به، وتبع الانصهار انفجاران كبيران وحريق وهو ما أطلق في الجو غبارًا نوويًا ومواد مشعة تفوق بأربعمائة مرة ما نتج عن انفجار قنبلتي هيروشيما ونجازاكي عام 1945، وشيدت السلطات بعد الانفجار منطقة عازلة محظورة حول المحطة بلغ قطرها ثلاثين كيلو مترًا ولم يكن مسموحًا حتى عام 2000، عام إغلاق المفاعل الأخير، إلا لثلاثة آلاف شخص من العاملين على مراقبة المحطة بالدخول إلى هذه المنطقة.
ولم يقف هذا الأمر في وجه السائحين الفضوليين الذين يرغبون في دخول المنطقة لرؤية مدينة الأشباح بأنفسهم، وأحد هؤلاء هو الرحالة وخبير ما يعرف بالـ"سياحة السوداء"، دارمون ريختر، حيث نشر تجربته مع منطقة تشرنوبل على مدونته الإلكترونية، وقال ريختر إن السبب الرئيسي لزيارته منطقة تشرنوبل، هو حبه للتاريخ وفضوله القاتل لرؤية شبح الاتحاد السوفيتي، حيث إن قصة محطة تشرنوبل كان لها تأثيرًا على السياسية والثقافة الحديثة، وأشار إلى أنه اضطر إلى خوض التجربة بنفسه، والرجوع إلى الماضي كي يستحضر ذكريات الانفجار.
وأضاف أنه رتب لزيارة المنطقة من خلال أحد أصدقاءه هناك؛ فقد ذهبا معًا ضمن فوج سياحي روسي وأوكراني، لذا بصفته بريطانيًا وجد صعوبة في فهم اللغة الروسية، وسرعان ما معاد لينضم إلى فوج يتحدث باللغة الإنكليزية، وهو فوج اعتاد أن يذهب رحلات مستمرة إلى منطقة تشرنوبل منذ عشر سنوات، وتبلغ تكلفة الرحلة ليوم واحد حوالي 80 يورو، وليومان حوالي 220 يورو للفرد الواحد، شاملة تكاليف النقل والطعام والإقامة في فندق داخل المنطقة العازلة.
وقال إنه ذهب إلى قلب المنطقة العازلة، حول المفاعل نفسه وهي أكثر الأماكن المشعة وأكثر الأماكن ازدحامًا أيضًا؛ إذ يعمل هناك عشرات العلماء والمهندسين بنظام الورديات المتناوبة كي لا يقضي أحد منهم وقتًا طويلًا في المنطقة الملوثة. ولا تعد تشرنوبل منطقة خطرة إذا كانت رحلتك هناك قصيرة، حيث يكمن الخطر الحقيقي في التعامل مع الجسيمات المشعة التي خلفها انفجار المحطة، لهذا السبب ينُصح الزوار بالبقاء بعيدًا عن الأماكن المهجورة والمتربة، ويحمل المرشدون السياحيون معهم طيلة الوقت أجهزة لقياس مدى الإشعاع.
وأشار ريختر إلى أنه شعر بالإحباط من الرحلة، فهي ليست كما توقعها تمامًا، حيث اكتسب المكان شعبية كبيرة، وهناك تقارير تفيد بأن عدد السائحين الذين يزوروا المحطة سنويًا يبلغ 30 ألف شخصًا، وقد أصبحت مزدحمة للغاية، وأوضح أن زيارة محطة تشرنوبل تجربة رائعة ومثيرة وجديرة بالاهتمام، في تعد بمثابة نافذة على عالم ليس له وجود الآن، لكنها أيضًا تعطي مثالًا قويًا على الخسارة والدمار.
أرسل تعليقك