غراس عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  شانيل نمبر 5الأسطوري
آخر تحديث GMT 19:08:29
 فلسطين اليوم -

على موعد مع موسم قطف الياسمين في أيلول من كل عام

"غراس" عاصمة العطور الفرنسية صاحبة "شانيل نمبر 5"الأسطوري

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - "غراس" عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  "شانيل نمبر 5"الأسطوري

مدينة غراس
باريس - فلسطين اليوم

تعتبر "غراس"، عاصمة العطور الفرنسية، من الأماكن التي تفرض نفسها على الذاكرة والوجدان ولا يمكن أن تُنسى. إن لم تُخلف صوراً لا تمحوها السنون، فإنها بروائحها التي تتغلغل في الحواس، تبعث الحياة في ذكريات بعيدة جدا ترتبط بمكان أو شخصية ما.

تقع "لغراس" على بعد 15 كيلومترا من مدينة "كان"بشواطئها اللازوردية. الطريف أنه عند ذكرها قلما يتبادر إلى الذهن أهميتها السياحية أو اسم ابنها الرسام الشهير "فراغونار"، بقدر ما يقفز اسم عطر "شانيل نمبر 5" إلى الأذهان. ففيها وُلد هذا العطر الأسطوري، الذي لا بد أن تكون كل امرأة قد جرّبته في مرحلة من مراحل حياتها.

عندما تصل إلى غراس، فإنك ستشعر كما لو أن الكون يرقص على سيمفونية من الألوان المختلفة والروائح المدغدغة للحواس. يقوى هذا الإحساس في فصل سبتمبر / أيلول موسم قطف الياسمين. فالحقول تبدو من بعيد وكأنها لوحة فنية مرسومة بالأبيض والأخضر. تقترب أكثر فتتراءى لك رؤوس تُغطيها قبعات واسعة لسيدات من جنسيات مختلفة خصورهن مشدودة بأكياس يضعن فيها ما يقطفنه بحركات دقيقة ومحسوبة وكأنهن ينقرن على آلة موسيقية.

تبدأ العملية بالنسبة لهن في الصباح الباكر؛ "لأن الوقت من ذهب، وأي تأخير من شأنه أن يؤثر على جودة الزهرة ورائحتها" حسب شرح جوزيف مول، صاحب هذه المزارع، الذي أصبح شريكا لـ"شانيل" منذ عقود. يقول هذا وهو يستعرض طريقة القطف بنفسه. يقطف كل زهرة بإصبعين بعد أن يثنيها من العنق بخفة. بعد ذلك يشير إلى الجذور حيث تظهر براعم صغيرة جدا تتأهب للتفتح، شارحا بأن الدور سيكون عليها في اليوم التالي حين تبدأ العملية من جديد

على مقربة من هذه المزارع يوجد معمل التقطير. ويعيد مول قوله إن الوقت من ذهب، إذ يجب أن تبدأ عملية التقطير بسرعة ومباشرة بعد القطف. كل شيء يسير بانتظام داخل المعمل من الألف إلى الياء، أي إلى أن تتم تعبئة خلاصة الياسمين في قارورات صغيرة جدا مركزة لا يحتاج منها العطار سوى إلى نقط قليلة للحصول على تركيبة غنية.

تحت تأثير الروائح والألوان الغنية التي تغطي الحقول، يشير أوليفييه بولج، عطار "شانيل"، حول إن كان المكان لا يزال يثير بداخله كل الأحاسيس التي يثيرها في نفوس زواره لأول مرة. "يمكنك القول إنها إثارة من نوع يختلف. لست معميا عن جمالها، لكني ربما لم أعد أراها بالحماس الشاعري نفسه. فهي جزء مهم من حياتي الخاصة والمهنية على حد سواء. لقد وُلدت هنا، كما أحضر إليها بشكل منتظم بحكم عملي، بحثا عن خلاصات ومكونات جديدة... لهذا يمكنني القول إني أراه من زاوية مختلفة".

أوليفييه بولج ينتمي إلى الجيل الرابع في دار "شانيل". تسلم المشعل من والده جاك بولج، الذي تسلمه من هنري روبير، علما بأن أول من قام بهذا الدور كان إرنست بو. يعيش أوليفييه حاليا في باريس، وفيها يستلهم أفكاره وتتبلور عطوره، لكن الأفكار، كما يقول: "لا تكتمل من دون زيارة غراس للبحث أو التأكد من المكونات واختيار الأنسب منها ثم تقطيرها وتحضيرها للمزج".

ويشير إلى أن نكهة الزيارة تختلف من موسم إلى آخر، فمواسم قطف وردة أيار أو المسك الرومي مثلا تختلف ألوانا، لكنها لا تقل إثارة ولا جمالا. لكن يبقى لموسم الياسمين أهميته الجمالية والعطرية والتاريخية. فهو أكثر ما يرتبط بالدار، كما أنه فريد من نوعه هنا، نظرا لتربة ومناخ المنطقة. إنه ملكية خاصة لـ"شانيل" أو بالأحرى لعطر "شانيل نمبر 5"، حسب توضيح أوليفييه: "من المستحيل أن تُستعمل غلته هذه في أي عطر سواه. إن أردت إدخاله في أي عطر آخر، عليّ أن أستورده إما من مصر أو مدغشقر أو الهند". السبب أن الطلب كبير على العطر بينما الغلة قليلة.

والحقيقة أن تاريخ العطر وكيف وُلد وما يحققه من نجاح منذ عام 1921، يُبرر هذا الاحتكار. فما عدا أنه في كل 30 ثانية تباع قارورة منه، حسبما يُشاع، فإنه غيّر مفهوم صناعة العطور إلى حد كبير. لم يكن أول عطر بمفهوم جديد وعصري أبدعته مصممة أزياء فحسب، بل وُلد من فكرة قد تكون رائجة حاليا، إلّا أنها كانت ثورية في زمنها، ألا وهي تمكين المرأة ومنحها الثقة والقوة من خلال عطر أو قطعة أزياء أو إكسسوار. فلسفة أو استراتيجية لا تزال سارية إلى الآن. فهدف "كوكو شانيل" كان ابتكار عطر يتحدى الزمن ويعزز قوة المرأة، وهو ما نجحت فيه.

بدأت قصة هذا النجاح في العشرينات من القرن الماضي. حقبة كانت روائح الجلد والبنفسج هي الغالبة، بينما كانت الآنسة كوكو شانيل تطمح إلى عطر مفعم بالنعومة والأنوثة تلعب فيه الأزهار والورود دور البطولة. طلبت من العطار الشهير إرنست بو أن يجسد رؤيتها. كان لقاؤهما لقاء بين عملاقين، إذ كان إرنست بو المفضل لقياصرة روسيا، وله باع طويل في هذا المجال، الأمر الذي جعله أفضل من يترجم رؤيتها الثورية. تقول القصة إنه ابتكر 5 تركيبات عطرية، لم تشعر بالرضا سوى عندما قدم لها الخامسة. كانت مزيجا من الياسمين وباقة مشكلة من الأزهار والورود المختلفة، لكن الأهم أنه استعمل، لأول مرة في تاريخ صناعة العطور، مادة الألدهيد أو الغوليد.

يشرح أوليفييه بولج أن التقنيات التي استعملت فيه كانت سابقة لأوانها في 1921، و«الدليل أنها لا تزال تُستعمل إلى اليوم مع بعض التطويرات الطفيفة، كذلك الأمر بالنسبة للخامات التي كانت جديدة آنذاك، ولا نزال إلى الآن نحرص عليها بحمايتها من عوامل المناخ وتغيرات البيئة وغيرها».

لا ينكر أوليفييه أن مهمته سهلة، لأن سيناريو عطور «شانيل» مكتوب بوضوح، «فالياسمين شكل شخصية عطور الدار منذ عشرينات القرن الماضي بحيث لا يكتمل أي منها من دون خلاصات الورد، خصوصا من مدينة غراس». وعندما شعرت الدار أن مزارعها أصبحت مهددة بسبب زحف العقارات وما شابه في الثمانينات من القرن الماضي، تدخلت بربط شراكة مع عائلة "مول" التي تملكها حتى تضمن بقاءها، ومن ثم حصولها على أجود الأنواع.

يُذكر أن زهرة الياسمين استوردت إلى فرنسا في القرن السادس عشر، ورغم أنها متوفرة في بلدان أخرى فإنها في جنوب فرنسا تحديدا تكتسب خصوصية فريدة تغلب عليها نفحات من شاي المتة. زهرة الياسمين المصريّة يغلب عليها الجانب الحيواني ما يمنحها دفئا أكبر.

السرّ في ذلك يكمن في تربة بيغوما الغنيّة وخبرة عائلة مول Mule التي تتولّى زراعة هذه الزهرة منذ أجيال، وأصبحت شريكة لدار شانيل، تعمل معها حصريا منذ 1987.

ومع ذلك لا بد من القول إن لكل عطار بصمته ووردته المفضلة. فرغم أن أوليفييه يعرف أهمية الياسمين ويُقدرها فإنه شخصيا يفضل مسك الروم، بدليل أنه كان من أوائل من أدخلوه إلى الدار في عطر "غابرييل".

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غراس عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  شانيل نمبر 5الأسطوري غراس عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  شانيل نمبر 5الأسطوري



إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday