القدس-فلسطين اليوم
يدّعي الكثيرون في المغرب، أنهم يمتلكون أعشابًا طبيّة "سحرية" قادرة على علاج كل الأمراض، حتى المستعصية منها، يمكن مصادفتهم أثناء الخروج من المسجد بعد أداء الصلاة، أو في الأسواق الأسبوعية في القرى، ودكاكين العطارة، وحتى على قارعة الطريق، ويلجأ الكثير من المواطنين إلى بائعي الأعشاب من أجل الحصول على علاج بأقل التكاليف، إما بسبب ضيق ذات اليد وغلاء الأدوية في الصيدليات، أو لاقتناعهم بوجود "طب بديل" يزاحم الطب العصري.
وأصبح العلاج بالأعشاب في المغرب، ظاهرة وصل صداها إلى قبة البرلمان، عندما تعهّد وزير الصحة السابق، الحسين الوردي، بسن قانون ينظّم هذا المجال ومحاربة العلاج العشوائي بالأعشاب، كما تم وقف برنامج إذاعي يروّج إلى التداوي بالأعشاب ويقدّم وصفات، قيل إنها مجرّبة، وقادرة على علاج مجموعة من الأمراض، لكن في انتظار خروج قانون إلى الوجود، فإن الفوضى تعم مجال العلاج بالأعشاب.
ووقفت سيدة يبدو من ملامحها أنها في الأربعين من عمرها أمام دكان عطارة صغير، في سوق شعبي في حي درب السلطان في مدينة الدار البيضاء، تشرح إلى صاحب المحل بصوت خافت يعتريه اليأس حالة ابنتها المتزوّجة، التي لم تنجب بعد طفلها الأول بعد مرور 3 سنوات عن زواجها، يسألها "العطار" عما إذا كانت ابنتها قد جرّبت وصفات لعلاج العقم في السابق، فتهز الأم رأسها بالإيجاب، وتشرع في تقديم تفاصيل إضافية "قبل حوالي سنة من اليوم زارت طبيبة متخصّصة في أمراض العقم، وصفت لها مجموعة من الأدوية، لكنها لم تعط أيّ مفعول، وجربت مجموعة من الوصفات الطبيعية التي نصحتني بها جارتي، لكن بدون جدوى"، وقبل أن تكمل السيدة كلامها، قاطعها العطار "خير إن شاء الله"، وبدأت يداه في جمع أعشاب مجففة، وبنبرة كلها ثقة استفاض في شرح طريقة إعداد الوصفة ومدة العلاج وحذّرها من تجاوز الجرعات المحددة، وقام العطار بلف الخلطة السحرية في كيس بلاستيكي، فمدت الأم يدها إلى جيبها وسلمته ورقة نقدية من فئة 20 درهمًا وانصرفت إلى حالها.
ويبيع العطار بمفهومه التقليدي في المغرب، البهارات المحلية والمستوردة، وزجاجات ماء الورد والحناء وغيرها من مستحضرات التجميل الطبيعية، لكن في السنوات الأخيرة، أصبح الإقبال الكبير على العلاج بالأعشاب يفرض على فئة مهمة من هؤلاء البائعين التوجّه صوب هذا المجال، بدون دراسة أو تكوين أو دراية كافية بوظائف الجسم البشري ومدى خطورة بعض الأعشاب على صحة الأشخاص.
ويدّعي العطار أو "العشّاب"، كما هو متداول أكثر في المغرب، أنه يملك الوصفة المناسبة لكل مرض، تجدهم في القرى والمدن، داخل دكاكين أو في خيام متنقلة في المواسم الاحتفالية أو في الأسواق الأسبوعية، بعضهم يكتفي بإعطاء زبائنهم وصفات للعلاج بالأعشاب، بينما يستعمل آخرون طرقا أخرى مثل العلاج بالكيّ وغيرها من أساليب العلاج التقليدي، في المغرب، يمكن تقسيم العطارين إلى مستويات، فيهم العالمون بمجالات استعمال الأعشاب الطبية ومخاطرها، ويمثلون الفئة الأقل، وفيهم كذلك المدعون المجتهدون من دون علم، وبعد أداء صلاة المغرب، يتجمهر العشرات من الرجال حول بائع أسمر البشرة، يرتدي جلبابًا أزرق اللون وطاقية بيضاء، تفضحه ملامحه ولكنته الصحراوية، يفترش حصيرًا باليًا على بعد أمتار من الباب الرئيسي لمسجد مجاور لحي درب غلف الشعبي، ويصيح بأعلى صوته "من يعاني من أمراض المعدة والغازات في البطن والربو والعقم وآلام المفاصل، فالعلاج موجود عندي بإذن الله".
ويحاول الشاب إثارة انتباه المصلين والمارة بشكل أكبر وهو يمسك بيده اليمنى حزمة من الأعشاب، التي يدعي أنها تعالج المشاكل الجنسية لدى الرجال، وغير بعيد، يقف رجل اشتعل رأسه شيبا خلف عربة وضع فوقها عشرات الزجاجات البلاستيكية بعناية، تحتوي على مساحيق وأعشاب ومراهيم لعلاج عشرات الأمراض، فمن "البرودة" أو آلام المفاصل، إلى الربو، مرورا بالأمراض الجلدية والضعف الجنسي وسرعة القذف، ويتجمهر بعض الزبائن والكثير من الفضوليين حول العربة. أشخاص مسنون، شباب، موظفون، بعضهم يبدو من خلال هيئته وطريقة كلامه أن مستواه العلمي محدود، والبعض الآخر يبدو عكس ذلك تمامًا، فالأمر هنا لا يتعلق فقط بالمستوى المادي ومستوى الوعي ودرجة التعليم لدى الأشخاص، وإنما بوجود قناعة لدى العديد من فئات المجتمع المغربي بوجود "طب بديل" قادر على صنع المعجزات وتحدي الأدوية الصناعية التي تباع في الصيدليات.
ويُجمع بائعو العطارة"ن على أن الأعشاب الجنسية هي التي تلقى إقبالا أكبر مقارنة بباقي المعروضات التي يقومون ببيعها، وأوضح العربي، الذي ورث حرفة بيع الأعشاب عن والده، أنّ الفئة الأوسع التي تطلب أعشابًا ونباتات ترفع من القدرة الجنسية، هي الرجال الذين يتجاوزون الخمسين أو الستين من عمرهم، مضيفًا أنّه "يتم الطلب في أغلب المرات عبر التلميح وليس بشكل مباشر، فلا يوجد رجل سيقف أمامك ليخبرك بوضوح بأنه يعاني من عجز أو عطب جنسي. هناك العديد من المصطلحات التي يتم استعمالها لوصف الحالة، مثلا هناك من يقول لي بأنه يريد أعشابا أو خلطة لعلاج "برودة النفس"، كما أن هناك أسماء جديدة تطلق على علاج الضعف الجنسي لدى الرجال، مثل "الفياغرا" الشعبية"".
ويتجنّب أغلب الرجال الذهاب إلى أطباء مختصين في الأمراض الجنسية، ففي مجتمع ذكوري يرفض فيه الرجل رفضًا باتًا أن تُمس "رجولته"، يكون العطار أو "العشاب" هو الملاذ، وأغلب بائعي الأعشاب الذين يتنافسون لاستمالة الزبائن، يسعون عمدًا إلى تغليف كلامهم بمسحة من الغموض لإثارة الانتباه، كما أن لكل واحد منهم عشرات القصص الغريبة التي يصعب تصديقها، وقادت تحرّيات الكاتب إلى مركز العلاج بالرقية الشرعية والحجامة النبوية والأعشاب الطبيعية، ويوجد في مدن عدة في المغرب كالدار البيضاء وطنجة وفاس ووجدة ومراكش وأغادير.
ورفض المشرف على المركز في فرع الدار البيضاء، الكشف عن التفاصيل كاملة، واكتفى بالكشف عن توفّر أعشاب محلية نادرة وأخرى مستوردة من دول عربية ومن الصين، كنبتة الكبابة أو "حب العروس"، مشيرًا إلى أنّه "يملك العديد من الأعشاب التي أثبتت بالتجربة فوائدها في علاج المشاكل الجنسية، من ضعف الانتصاب إلى القذف السريع والبرود الجنسي فالعقم، وأنّ الأمر لا يقتصر فقط على الذكور، فهناك أعشاب ومواد يمكن للمرأة أن تتناولها لتحسين العملية الجنسية مع شريكها".
وتُقبل الفتيات بشكل كبير على "العطارة"، الذين يعرضون العديد من الوصفات المغرية لعلاج تساقط الشعر وتكبير الأرداف وبعض المناطق في الجسم، إلى جانب الزيوت ومواد إزالة حب الشباب والكلف وتبييض المناطق الحساسة، وفي سوق "جميعة" في حي درب السلطان في الدار البيضاء، تقف شابتان في العشرين من عمرهما أمام محل للعطارة جاء في مكان استراتيجي مطل على واجهتين، تطلب إحداهما كريمات ومراهم لتبييض الإبطين والمناطق الحساسة، فيما تتفحص صديقتها بعض الزيوت من مستخلصات الأعشاب قبل أن تسأل عن سعر زيت يخفف من انتشار حب الشباب في الوجه.
وتعتبر النساء المقبلات على الزواج، بمثابة صيد سهل بالنسبة إلى بائعي الأعشاب، فكل واحدة منهن ترغب في أن تبدو في أبهى حلة في اليوم المعلوم، وتكون مستعدة لإنفاق الكثير من أجل إخفاء عيوب في الوجه أو التخفيف من اسوداد ما بين الفخذين أو الإبطين، بل منهن من تقصد العطار أو "العشاب" من أجل الحصول على وصفة سحرية لتكبير مناطق حساسة من جسمها أو لتقوية شعرها والحد من تساقطه، والاستخدام التقليدي للأعشاب ليس وليد اليوم، بل تعود جذوره البعيدة إلى الأزمنة الأولى لظهور البشر على الأرض. واتسعت معرفة الشعوب بالخصائص العلاجية للأعشاب شيئا فشيئا عبر الأجيال والقرون إلى أن بات يحظى باعتراف واسع من المراجع العلمية في العالم.
وبحسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فإن مصطلح "الأدوية العشبية" يشمل الأعشاب، والمواد العشبية، والمستحضرات العشبية، والمنتجات العشبية الجاهزة التي تحتوي على عناصر نباتية فاعلة أو على مواد أو تركيبات نباتية أخرى، وتعرف أدبيات المنظمة الأعشاب بكونها المواد النباتية الخام مثل الأوراق، أو الزهور، أو الفواكه، أو البذور، أو الجذوع، أو الخشب، أو اللحاء، أو الجذور، أو الأجزاء النباتية الأخرى، التي قد تكون في شكل مكتمل أو مسحوق، أما المواد العشبية فتشمل إضافة إلى الأعشاب، العصائر الطازجة وأشكال الصمغ والزيوت الثابتة والمساحيق العشبية الجافة. ويمكن إعداد هذه المواد في بعض البلدان، باتباع إجراءات محلية مختلفة مثل التبخير، أو التحميص، أو الطهي في الفرن بالعسل أو بالمشروبات الكحولية أو بمواد أخرى.
وتعهّد وزير الصحة المغربي السابق الحسين الوردي، في شهر أبريل/نيسان 2014، بمحاربة ظاهرة التداوي بالأعشاب بشكل عشوائي، مشيرًا إلى أنّ الوزارة تنكب على سن قانون جديد إلى جانب إطلاق عمليات توعية بخطورة هذه الظاهرة، ويوجد في المغرب رسميًا بعض القوانين التي تقنن عمل "العشابين" ومنها ظهير 19 فبراير/شباط 1960، "تنتظم بمقتضاه مزاولة مهن الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان والعقاقريين والقوابل"، وكذلك ظهيرا 27 فبراير/شباط 1923 و20 أغسطس/آب 1926، لكنها قوانين قديمة لا تملك الوضوح الكافي وينبغي تحيينها، بما يسمح لها بتنظيم قطاع أصبح يشمل فضلا عن العشابين التقليديين، الإذاعات الخاصة والصحف والقنوات الفضائية وغيرها.
وكشف المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية (هيئة حكومية تابعة لوزارة الصحة) في تقريره للفصل الرابع من سنة 2014 عن تسجيل 381 حالة تسمم مصرح بها، بينها خمس وفيات، بتسجيل ارتفاع يصل إلى 50 في المائة مقارنة مع سنة 2013، حيث تم رصد أقل من 300 حالة تسمم بينها 7 وفيات، ووضع التقرير جهة الدار البيضاء الكبرى في مقدمة المناطق الأكثر تسجيلا لحالات التسمم بالأعشاب، متبوعة بمنطقة مراكش تانسيفت الحوز، أما في ما يتعلق بأعمار المصابين بتلك التسممات فحددها التقرير بما بين 5 و41 عامًا، وتشكل فئة المراهقين منها نسبة 38 في المائة.
ويوجه المركز الوطني لمحاربة التسمم، وبعض الباحثين الجامعيين في المغرب أصابع الاتهام في حصول حالات التسمم إلى كل من القنب الهندي، ومجموعة من الأعشاب التي يجري تداولها على نطاق واسع، مثل "المخينزة"، و"الحرمل"، و"الداد"، و"برزطم"، و"الدغموس"، والحناء السوداء، وبذور الخروع. إذ غالبا ما يتم خلط هذه الأعشاب مع سوائل معينة أو مع العسل أو زيت الزيتون، كما أن طريقة حفظ هذه الأعشاب وتخزينها يكون له أثر كبير في حدوث حالات تسمم، وتباع مجموعة من الأعشاب الخطيرة في الأسواق وبدون رقابة، مثل "برزطم" التي تعطل وظائف الكلى ويتم وصفه من قبل بائعي الأعشاب الذين يفتقدون إلى التكوين للنساء المصابات بسرطان الثدي، كما كشف مصدر من المعهد الوطني للأنكولوجيا في مدينة الرباط أن نبتة "برزطم" تُستعمل من طرف ثلث مرضى المصابين بالسرطان، اعتقادا منهم بأنها تساهم في علاج السرطان، لكنه الدراسات العلمية تقول أنها تعطل علاج المرضى بالسرطان.
وقالت رئيسة المركز المغربي لمحاربة التسممات واليقظة الدوائية، البروفيسور رشيدة السليماني بن الشيخ، إنّ المركز أطلق مطلع سنة 2014 نشرة تحذيرية، عقب توصل وزارة الصحة بمجموعة من المعطيات حول تعرض مواطنين لمشاكل صحية، بسبب تناولهم أعشاب تم تحضيرها بشكل ذاتي، مشيرة إلى أنّه "يسود اعتقاد لدى فئة من المغاربة بأن الأعشاب تشفي من أمراض مستعصية، ويقبلون على شرائها من عند بائعين يفتقدون إلى الصفة التي تسمح لهم ببيع هذا النوع من الأعشاب، علما أنهم لم يقوموا بأي دراسات في هذا المجال ولا يملكون الدراية اللازمة بمدى خطورة بعض الأعشاب التي قد تتسبب في الوفاة".
وسجل المركز الوطني لمحاربة التسمم وفاة طفلين في منطقة تاونات جنوب المغرب، بعد تعرضهما للتسمم بواسطة نبتة "الداد" التي تتميز بخطورة كبيرة، إذ كانا ضمن 9 أطفال آخرين، تعرض أغلبهم للتسمم، وأوضحت مسؤولة المركز أن اللجوء للتداوي بالأعشاب لا يخلو من مخاطر، لأن الأعشاب تتكون من أجزاء سامة، والمواطن العادي يجهل نوعية وطبيعة النباتات التي يقتنيها من الأسواق العمومية، وذكرت البروفيسور السليماني بن الشيخ أن قلة الوعي الصحي ترفع فرص التداوي بالأعشاب، بينما ضعف المستوى الثقافي والمالي، لا يكون دائما سببا في اللجوء إلى التداوي بها، إذ يقبل على استعمالها الأثرياء كما الفقراء، ويستعملها حتى المرضى الذين يمتلكون علاجات مجانية في المستشفيات، ومنهم مرضى السكري.
وكشف اختصاصي الطب التكميلي البديل والأستاذ الباحث في النباتات الطبية، أمين أمواجي، أنّه "لا بد للمريض أن يمر من مرحلة أولى عبر الطب الحديث، لأنه وحده قادر على تشخيص المرض، أما الشخص الذي يعالج بالأعشاب فلا يمكنه أن يشخص المرض. بالنسبة إلى التداوي بالأعشاب، فلا يمكن لأحد أن ينكر النتائج المذهلة التي حققها، خاصة فيما يتعلق بالأمراض الوظيفية، من قبيل الأمراض الجلدية كالصدفية والاكزيما وقرحة المعدة وتساقط الشعر أو الأمراض السرطانية، وغيرها"
وأشار أمين أمواجي، إلى أنّه "لا بد للمريض أن يعرف أصل الداء والطب الحديث هو الذي يشخص المرض. بعد ذلك، يجب على المريض الذي يرغب في العلاج بالأعشاب أن يتوجه إلى مختصين و"عشابين" حقيقيين، وألا يقصد الدخلاء الذين لم يدرسوا هذا المجال من كافة جوانبه، أعتقد أن العديد من المغاربة وجدوا راحتهم في التداوي بالأعشاب، كما أنه غير مكلف من الناحية المادية مقارنة بالطب الحديث الذي قد يستنزف الكثير من ميزانيتهم. سأعطيكم هنا مثالا حول النساء اللواتي يقبلن بكثرة على اقتناء مستحضرات التجميل، فأكثرهن لا يرغبن في شراء منتجات كيميائية، ويفضلن الحصول على كريمات أو زيوت أو مواد للاستحمام مستخلصة من الأعشاب، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العلاج بالأعشاب الطبيعية جزء لا يتجزأ من الطب الحديث، وقد تشكل بديلا جيدا للأدوية الكيميائية، وإذا نظرنا إلى أكبر الدول الآسيوية مثل الصين أو الهند، سنجد أن التداوي بالأعشاب بات من أهم الضوابط في الطب الحديث".
وعن المواصفات التي يجب أن تتواجد في الشخص الذي يمتهن بيع الأعشاب الطبية، أفاد بأنّه "يجب على الناس أن يفرقوا بين العطّار و"العشّاب"، فالأخير هو المؤهل لإعطاء العلاج المناسب، شريطة أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط المهمة، ومن الواجب أن يكون المعالج بالأعشاب الطبيعية ملمّا بالإسعافات الأولية وأن تكون له شهادات ودراسات معمقة حول المركبات الكيميائية للأعشاب وعلم الأمزجة والتصنيع الكيميائي للأعشاب وطريقة قطفها وتجفيفها وتخزينها، والتكوين هنا يبقى ذا أهمية قصوى، علما أن هناك معاهد تدرس علم الأعشاب في المغرب، وفي هذا الميدان هناك الصالح والطالح، هناك أساتذة ودكاترة في العلاج بالأعشاب، وهناك أشخاص دخلاء للأسف، يصفون أعشابا للمرضى قد تلحق أضرارا بالجسم البشري. مجال العلاج بالأعشاب عميق ومتشعب، وهناك عدة تفاصيل مهمة يجب على "العشاب" أن يكون ملما بها، مثل الأجزاء التي يجب أن تُقطف من النباتات، لأن هناك بعض الأعشاب التي تتكون على أجزاء سامة يمكنها أن تحدث تلفا في وظائف الجسم، كما أن "العشاب" المتمرس يكون على دراية بطريقة قطف الأعشاب والموسم الذي يجب أن تُقطف فيه، إلى جانب طريقة التخزين والتجفيف، والدخلاء على هذا الميدان لا يعرفون الكثير من هذه الأمور التي تحتاج إلى دراسات".
وأعلن أمواجي، أنّ "الدخلاء يضرون بمجال التداوي بالأعشاب، لأنهم يعطون صورة سلبية حول هذه الطريقة في العلاج، ويجب هنا على المواطن أن يتحمل مسؤوليته، فلا يعقل أن يقصد عطارا أو شخصا يفتقد إلى التكوين وأن يشتري منه أعشابا بثمن بخس دون أن يعرف الانعكاسات السلبية التي يمكن أن تنتج عن ذلك، وفي المقابل، هناك دكاترة وأطباء متخصصين في العلاج بالأعشاب لهم اسم وسمعة في هذا المجال، وأفنوا سنوات من عمرهم في دراسة النباتات الطبية وعلم الأمزجة، في هذا الموسم الذي نعيشه مثلا والذي يصاب فيه عدد كبير من الأشخاص بالزكام والكحّة، يقبل كثيرون على علاج الأنفلونزا بالزنجبيل والكمون أو عسل البرتقال، عوض الأدوية الكيميائية، وهذا ليس إلا مثالا بسيطًا بشأن ما يمكن أن يعطيه التداوي بالأعشاب من نتائج مُرضية. أما الأضرار، فيمكن تلخيصها فيما قلناه سابقا عن وجود أشخاص دخلاء يتطفلون على هذه المهنة ويتسببون في إصابة المواطنين بتسممات وأمراض، بسبب افتقادهم للتدريب العلمي في هذا المجال".
أرسل تعليقك