القاهرة ـ إسلام خيري
فقدت السينما المصرية والعربية واحدًا من أبرز و أهم المخرجين في تاريخها، وهو المخرج محمد خان عن عمر يناهز 74 عامًا إثر تعرضه لأزمة صحية، ويعد خان من أبرز مخرجي السنيما الواقعية في مصر، حيث تناولت أعماله الواقع السياسي والاجتماعي المصري، ومن أبرزها"زوجة رجل مهم" و"أيام السادات" و "ضربة شمس" الذي حصل على جائزة من مهرجان القاهرة السينمائي في أولى دوراته عام 1979، بالإضافة إلى فيلم "فتاة المصنع" الذي حصد العديد من الجوائز العربية والدولية .
ولد خان في حي السكاكيني الشعبي بالقاهرة لأب باكستاني وأم مصرية في في أكتوبر/ تشرين الأول عام ورغم تميزه كمخرج ومشاركت أفلامه في المهرجانات الدولية حصل على الجنسية المصرية بقرار جمهوري منذ عامين فقط، بدأ مشواره وهو في العشرينات من عمره حيث روي في أحد لقاءاته أن رحلة الفن استهلت بعبثية، عقب تبادل التحية مع جاره السويسري في بريطانيا التي سافر إليها لدراسة الهندسة المعمارية، بعدها أخبره هذا الجار بأنه يدرس السينما فقرر ترك الهندسة، ثم عاد المخرج الراحل بعد تخرجه إلى مصر في العام 1963، وعمل في الشركة العامّة للإنتاج السينمائي العربي، تحت إدارة المخرج صلاح أبو سيف في قسم “قراءة السيناريو”، لكنه لم يستطع الاستمرار لأكثر من عام حيث سافر إلى “لبنان” ليعمل مساعد مخرج مع العديد من المخرجين اللبنانين مثل “يوسف معلوف، وديع فارس، كوستا، وفاروق عجرمة”، لكن حدوث نكسة 1967 جعله يسافر إلى لندن مجددًا، ليعود مرة أخيرة إلى مصر عام 1977 ويبدأ مشواره كمخرج بفيلم “ضربة شمس” 1978. قدم العديد من الأفلام مكونًا تيار سينمائي جديد مثل “طائر على الطريق، الحريف، خرج ولم يعد، زوجة رجل مهم، أحلام هند وكاميليا، سوبر ماركت، أيام السادات، في شقة مصر الجديدة، كما ساهم بالقصة والسيناريو لفيلم “سواق الأتوبيس” للمخرج عاطف الطيب. بينما ظهر كممثل في أفلام “ملك وكتابة، بيبو وبشير، عشم”وتزوج محمد خان عدة مرات، كانت الأولى من سيدة خارج مجال السينما أنجب منها ابنته المخرجة، نادين خان، ثم تزوج من وسام سليمان كاتبة السيناريو لفيلميه بنات وسط البلد و في شقة مصر الجديدة، وحصلت أفلام خان على جوائز عديدة من مهرجانات عالمية، من بينها جائزة التانيت الفضي، وجائزة أفضل ممثل ليحيي الفخراني عن فيلم "خرج ولم يعد" من مهرجان قرطاج السينمائي الدولي 1984، وجائزة السيف الفضي وجائزة أفضل ممثل لأحمد زكي عن دوره في فيلم "زوجة رجل مهم"، من مهرجان دمشق السينمائي الدولي 1987,وحصل فيلمه "أحلام هند وكاميليا" على جائزة أفضل ممثلة لنجلاء فتحي في مهرجان طشقند الدولي بالاتحاد السوفييتي 1988,ثم حصل فيلمه "فتاة المصنع" على جائزة الصحافة الدولية لأفضل فيلم روائي طويل من مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة، كما حصل خان علي العديد من الجوائز وكان من أول المهرجانات التي كرمت محمد خان هو "مهرجان وهران السينمائي الدولي" الذي أقيم بالجزائر في الفترة من 22 إلى 27 يوليو من الشهر الجاري، حيث أعلن محمد علال المدير الفني للمهرجان ان محمد خان قامة فنية كبيرة يعتز بها الجزائريون ويقدرونه، وأكد أن هذا التكريم لقامة فنية وعربية مهمة مثل الراحل محمد خان لهو أقل شيء يقدم واحدا من أهم مخرجي السينما العربية، مشيرة إلي أنه تكريم رمزي وسيتم تسليم التكريم لأحد المخرجين المصريين المشاركين في المهرجان, بالاضافة إلي إلقاء كلمة تحية عن المخرج الكبير الراحل.
وأعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي منح جائزة فاتن حمامة التقديرية والتي كانت من المقرر أن تمنحها للمخرج محمد خان إلى أسرته وذلك بعد رحيله، وقررت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والذي تترأسه الدكتورة ماجدة واصف منح المخرج الكبير محمد خان جائزة فاتن حمامة التقديرية، وهي الجائزة التي انطلقت بمبادرة من أسرة فاتن حمامة مع كل دورة جديدة، وعلق المخرج محمد خان وقتها أن منحه جائزة تحمل اسم الفنانة القديرة فاتن حمامة شرف كبير في حد ذاته، إضافة إلى أن تكريمه من مهرجان عريق بقيمة وقدر مهرجان القاهرة السينمائي شرف آخر.
وأعلن الأمير أباظة رئيس مهرجان الاسكندرية السينمائي، عن أول قرار اتخذته ادارة المهرجان عقب اعلان خبر رحيل المخرج الكبير محمد خان، هو تكريم اسم الراحل محمد خان، عن مجمل أعماله ومساهمته في صناعة تاريخ السينما المصرية، بالإضافة إلي إقامة احتفالية خاصة للمخرج الكبير محمد خان في الدورة الثانية والثلاثين لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط 21_27سبتمبر المقبل"، ويأتي في مقدمة الشخصيات التي اثرت في مسيرة الراحل المخرج الكبير محمد خان المخرج صلاح أبوسيف حيث يعد من أوائل الشخصيات الفنية التي أثرت في حياة المخرج الراحل محمد خان حيث بدأ أول تجاربه السينمائية معه حيث عمل بقسم السيناريو في شركة إنتاج سينمائي تحت إشرافه، ثم ما لبث أن غادر إلى لبنان وعمل مساعد مخرج قبل أن يعود ويتعاونا في فيلمه الشهير" ضربة شمس" كما يعد المخرج عاطف الطيب محطة مهمة في حياة المخرج الراحل حيث شاركه أول عمل سينمائي لاقى نجاحا كبيرا ويعد من علامات السينما المصرية ومن أبرز أعمال الفنان الراحل نور الشريف وهو "سواق الاتوبيس" عام 1982 لم يكن خان فيه مخرجا بل كان كانت أولى تجاربه الناجحة في مجال السيناريو.
ويعد الفنان الراحل احمد زكي من الشخصيات التي آثرت بقوة في حياة خان حيث قدم خان أهم أفلامه التي جسد زكي دور البطولة فيها كفيلم "أيام لسادات" والذي كتب قصته الكاتب أحمد بهجت والذي سلط الضوء على حياة الرئيس الراحل أنور السادات، وفيلم "زوجة رجل مهم" الذي يعد أيضا من علامات السينما المصرية وكذلك فيلم "مستر كارتيه" وفيلم "أحلام هند وكاميليا"، كما تعد الفنانة مرفت أمين من أبرز الفنانات اللاتي جسدت أدوار البطولة في أفلام للمخرج الراحل محمد خان وكان أهمها أمام الفنان الراحل أحمد زكي في فيلمي "زوجة رجل مهم" عام 1987 وفيلم "أيام السادات" عام 2001 كما لعبت دور البطولة في فيلمه "عودة مواطن" عام 1986، كما لعبت الفنانة سعاد حسني دور البطولة في فيلمين من إخراج محمد خان وهما "موعد على العشاء "عام 1981 مع الفنان أحمد زكي والفنان حسين فهمي، كما لعبت دور البطولة بفيلم "فارس المدينة" عام1993، كما شاركت الفنانة نجلاء فتحي دور البطولة في فيلمين للمخرج محمد خان وهما، "أحلام هند وكاميليا" عام 1988، مع الفنان أحمد زكي، و"سوبر ماركت" عام 1990 مع الفنان الراحل "عادل أدهم".
والتقت الفنانة مديحة كامل بالمخرج محمد خان في فيلمين هما، "الرغبة" عام 1980، مع الفنان نور الشريف، والفنانة مديحة كامل، وفي فيلم "مشوار العمر أمام الفنان فاروق الفيشاوي عام 1986، كما جسدت الفنانة نبيلة عبيد دور البطولة في فيلم واحد من المخرج الراحل محمد خان هو فيلم "الغرقانة"، الذي لعبت بطولته عام 1993 أمام الفنان محمود حميدة، كما شاركت الفنانة شريهان بعمل سينمائي واحد مع الراحل محمد خان، هو فيلم "يوم حار جدا" الذي لعبت بطولته عام 1993 ، وقامت الفنانة ليلى علوي ببطولة فيلم "مشوار عمر"، للمخرج محمد خان، أمام الفنان يحي الفخراني عام 1984 والتقت الفنانة فردوس عبدالحميد بالمخرج محمد خان في فيلمين هما، "طائر على الطريق، عام 1981، مع الفنان فريد شوقي، وأحمد زكي، وأثار الحكيم، كما قامت ببطولة فيلم "الحريف" مع الفنان عادل إمام عام 1985وقامت الفنانة ليلي فوزي ببطولة فيلم "ضربة شمس" عام 1980 مع الفنان نور الشريف، ونورا، ونجوى فؤاد، وتوفيق الدقن.
و حصل خان على الجنسية المصرية بعد انتظار 71 عامًا، وبالتحديد في العام 2014 بعد أن أصدر الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور قرارًا جمهوريًا قال بعده خان "الإحساس بالانتماء للوطن يأتي من الناس لا من الأرض، فأنا أحب مقولة أحد الأصدقاء بأن الجنسية المصرية جاءتني بعد استفتاء شعبي، وأفلامي هي السبب في ذلك، وكان لخان مواقف محددة تجاة بعد الموضوعات حيث قال عن أفلام السبكي انه لست ضد هذه الأفلام، ولكني ضد أن تكون هي النوعية الوحيدة المفروضة على المشاهد، ممارسة الاحتكار هي الكارثة، لأن لعبة غير نظيفة تحدث، فهناك مثلًا منتجون يذهبون إلى دور العرض ويأمرون أصحابها أن لا يعرضوا أفلاما غير فيلمهم، ولكني أرى الأمل في السينما المستقلة، فكلما زاد عدد الأفلام المستقلة بكثافة أصبحت أمرًا واقعًا وستفرض نفسها على دور العرض، ومن ثَم سيجدها الجمهور بجوار النوعيات الأخرى من الأفلام، كما قال عن رأيه في الأعمال التي تقدمها السينما خلال الفترة الاخيرة قبل وفاته انها تحتوي على “الهلس، والجيد والتجاري”، وتخاطب جيمع الفئات، ففي أميركا نجد أكثر من 500 عمل ينتج في العام من بينهم عدد قليل صاحب هدف، ويستحق المشاهدة، أما المسرح برأيه، ليس موجودا في المرحلة الاخيرة بشكل كافٍ، ولكن يوجد شباب منتشرون يجب أن يستمروا، أما الدراما فهي في الفترة الأخيرة ما هي إلا حقل تجارب للفنانين مدفوع الأجر، وعن المرأة أوضح: بشكل عام أرى أن المرأة مظلومة، فمن يضع القوانين هو الرجل، ومن ينفذها هو الرجل أيضا، لذلك تظل المرأة مظلومة ويتم قهرها، حتى لو وصلت لأعلى المناصب، ويكفي أن هناك دولا في منطقتنا العربية، لا تستطيع الفتاة أو المرأة فيها أن تقود دراجة، حتى لو تبدو تلك تفصيلة “تافهة” ، لكنها تعكس وضعا اجتماعيا مترديا يعامل المرأة على أنها مواطن درجة ثانية.و يعد فيلم
"قبل زحمة الصيف" آخر أعمال الراحل محمد خان السينمائية على صعيد الإخراج والقصة والمضمون والذي شارك من خلاله في أكثر من مهرجان سينمائي حول العالم حيث شارك فيلم "قبل زحمة صيف"، في أول عرض له بمهرجان دبي السينمائي الدولي، بالامارات، ولاقى ردود أفعال إيجابية للغاية خاصة من بعض النقاد العالميين، بسبب قصته الواقعية والمشوقة خلال أحداثه، والتي كانت حول شريحة من شرائح المجتمع المصري، التي تجتاح الساحل الشمالي عندما يزدحم في فترة الصيف بالبرجوازيين , كما عرض فيلم "قبل زحمة صيف"، ضمن فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في أواخر شهر مارس الماضي، وذلك ضمن المسابقة الرسمية للفيلم المصرى، وقد وجد حالة خصبة ومشوقة للمتواجدين والمشاركين في المهرجان ,شارك فيلم "قبل زحمة صيف"، في الدورة الـ19 لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة في المغرب، أحد أبرز المهرجانات السينمائية في القارة السمراء، وذلك في الفترة من 16 إلى 23 يوليو الجاري، وذلك للمنافسة على جائزة الأفلام الروائية الطويلة والتي كانت تحتوي على 15 فيلمًا من 12 دولة إفريقية.
* نجوم الفن ينعون محمد خان
و سادت حالة من الحزن الشديد على نجوم الفن، إثر سماعهم خبر وفاة المخرج الكبير محمد خان حيث نعت النجمة الكبيرة شريهان، محمد خان، بكلمات مؤثرة، قائلة : “وداعا محمد خان، بصمة إبداعية سينمائي مصرية فريدة ووحيدة، حفرت وكتبت بإبداع على جدران التاريخ، لن ولم تتكرر”.
ونشرت الفنانة القديرة ليلى علوي، عبر صفحتها الرسمية على موقع “فيسبوك”: “وداعا إيها الصديق الفنان محمد خان، مش عارفة أقول عنك أيه لاني لحد دلوقتي مصدومة ومش مصدقة, حقيقي كلنا راحلون ولكن أسوء ما في الرحيل هو المفاجاة، وبغيابك سافتقد الكثير وأيضا السينما المصرية خسرت مخرج كبير وموهوب, الله يصبر أهلك ومحبيك ويصبرني علي فراقك يا من تعلمت علي يده وتشرفت بأنني كنت ومازلت تلميذة في مدرسته، عزائي لزوجته العزيزة وأبنته الغالية ، البقاء لله، وداعا صديقي الغالي”، وعلق المؤلف تامر حبيب : “دلوقتي عرفت انا ليه امبارح بالصدفة اتفرجت علي احلام هند و كاميليا، وزوجة رجل مهم، وقبل زحمة الصيف… كنت باودعك يا أستاذ”، بينما أضاف الفنان خالد الصاوي : “المرحوم المخرج الكبير محمد خان وابتسامة من القلب فور صدور بطاقته المصرية. رحم الله رجلا مرحا احب مصر وانتمي لها و لاهلها ليس فقط بالمولد او جنسية الام ولكن بقلبه وروحه. وكان مع مصر في لحظاتها الصعبة و ظروفها المؤلمة و صبر وكافح فيها مبتدئا مشواره الفني من الصفر ولم تحبطه العقبات ولم تهزه الازمات و الصعاب حب مصر في قلبه، تمنى محمد خان الجنسية المصرية وحقق الله امنيته في بلده مصر التي كافح فيها سنوات عمر طويله ليصل الى قمة حلمه بينما يلفظ اخرون جنسيتهم المصرية”.
وأعربت الفنانة التونسية هند صبري عن حزنها، قائلة ” محمد خان ، شكرًا أنك شاركتنا إبداعك وهوسك بالسينما والحياة ، شكرًا على فيلم لا ينسى شرفت فيه بالعمل معك، شكرًا على صداقتك، شكرًا”، وعبر الفنان الشاب محمد إمام، عن جزنه على رحيل المخرج محمد خان، بكلمات حزينة عبر صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك"، قائلا: "إنا لله وإنا إليه راجعون، البقاء لله في وفاة الأستاذ محمد خان، كما نعى الفنان هاني عادل، الذي شارك محمد خان، في فيلم "فتاة المصنع" عام 2013، عبر صفحته اشخصية على"فيسبوك"، قائلا: "توفي منذ قليل المخرج الكبير محمد خان عن عمر يناهز 74 عاما من العطاء والابداع والتميز، ومحظوظ اني اتعاملت معاه في فيلم فتاة المصنع وكانت تجربة رائعة وتعلمت منه الكثير."
أرسل تعليقك