غزة ـ محمد حبيب
كشفت مصادر فلسطينية مطلعة، أنَّ أكبر ثلاثة فصائل فلسطينية وهي "فتح" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي" باتت تعاني من أزمات مالية خانقة بفعل الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية منذ أعوام، حيث باتت رهينة للتطورات التي تعصف بالمنطقة العربية. واعترف أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" أمين مقبول، بأنَّ "فتح" تعاني أزمة مالية لكنها ليست جديدة، مشيرًا إلى أنَّ الدول العربية التي كانت تمول الحركة توقفت عن تقديم الدعم المالي وحولت أموالها لخزانة السلطة.
وأفادت مصادر فتحاوية مطلعة أن حركة "فتح"، تعاني أزمة مالية خانقة، في ظل شح الموارد المالية والدعم المقدم لها من قبل بعض الدول العربية والأوروبية والشراكات الحزبية مع أحزاب أوروبية، موضحة أنَّ الأزمة المالية التي تعصف بالحركة أضعفت من قدرتها على إتمام ملفات وجهوزيتها التامة في كثير من المواقع التنظيمية.
وأوضحت أنَّ الشح المالي الذي تعاني منه الحركة أثر بشكل كبير على كل مواقعها التنظيمية في أقاليم الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى أنَّ عدم توفر الموارد المالية كما كان في السابق أثر على المصروفات التنظيمية، وهذا ما حدث أخيرًا من شكاوى لجان الأقاليم حول عدم قدرتها على تسديد فواتير مسيرات ومهرجانات أقامتها الحركة في الضفة الغربية.
وكشفت المصادر أنَّ قادة كبار في الحركة أكدوا أنَّه سيتم فتح الملف المالي للحركة خلال اجتماعات مقبلة، للوقوف على أسباب عدم توفر الموارد المالية.
أما حركة "حماس"، فقد كشفت مصادر فيها عن أزمة مالية خانقة لدى الحركة ومؤسساتها تضاعفت في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وحسب المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، فإنَّ أزمة موظفي الحكومة السابقة في القطاع والتابعة لحركة "حماس" انعكست على التنظيم، الذي حاول خلال الأشهر الماضية تغطية بعض السلف التي تم صرفها للموظفين من أموال الحركة.
وبينت المصادر أنَّ الجامعة الإسلامية في غزة، دخلت آتون الأزمة المالية التي تعاني منها كل مؤسسات "حماس" في القطاع، مشيرة إلى أن موظفي الجامعة تلقوا خلال الأشهر الثلاث الماضية أنصاف رواتب بسبب الأزمة، وتوقعت أن تشتد الأزمة خلال الفترة المقبلة في ظل الوضع السياسي الصعب الذي تشهده الحركة مع التحولات "الخطيرة" التي تجري في المنطقة.
وأشارت إلى أنَّ الأزمة امتدت لمؤسسات الحركة كافة بما فيه الإعلامية والمكاتب الحركية التي تمس القيادات والذين تم تخفيض موازنات العمل فيها لأكثر من النصف، موضحة أن خصومات وصلت إلى 40% و60% في بعض الأشهر جرت على رواتب موظفي الحركة، في حين تم الاستغناء المؤقت عن عدد من العاملين في حقل الإعلام الحركي.
وعلى صعيد حركة "الجهاد الاسلامي" فقد أوضح القيادي فيها محمد الهندي أن حركته تعاني من "ضائقة مالية"، باعتبارها جزءًا من الشعب الفلسطيني في غزة الذي يعاني من أزمات وحصار مشدد منذ أعوام عدة، قائلًا إنَّ "استمرار تشديد الحصار على قطاع غزة وتردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والسياسية سيوصل القطاع إلى حالة من الانفجار".
ونشرت وسائل إعلام فلسطينية وعربية، الأسبوع الماضي، أنباء حول أزمة مالية خانقة تعاني منها حركة "الجهاد الإسلامي" ومؤسساتها في قطاع غزة بسبب خلافات مع إيران حول الموقف من عملية "عاصفة الحزم" في اليمن.
ولا تكشف حركة "الجهاد الإسلامي" عن مصادر تمويلها، أو طرق وصول الأموال إلى مؤسساتها في قطاع غزة؛ لكن العديد من المراقبين يعتقدون أنها تحصل على دعم ثابت من إيران، التي تربطها بها علاقات وثيقة.
وأجمع محللون على أن الأطراف التي كانت تقدم الدعم للفصائل الفلسطينية، أوقفت دعمها لاعتبارات عدة أهمها مواقف الفصائل الفلسطينية مما يجري في المنطقة، متوقعين أن تستمر هذه الأزمة لبعض الوقت وتؤثر على كافة أنشطة الحركات.
وأوضح المحلل السياسي حسن عبدو، أنَّ غزة كانت في الماضي ورقة مهمة لكل اللاعبين الإقليميين ولكل من لديه الرغبة في أن يكون له دور مركزي في الشرق الأوسط كقطر وإيران وتركيا، وبين أن التحولات والتطورات الخطيرة في الإقليم جعلت هذه القوى الإقليمية تنشغل بذاتها وأصبحت لديها أولويات تفوق ورقة غزة التي أهملت في الفترة الأخيرة.
ولفت إلى أن ذلك انعكس سلبا على غزة فبقي الحصار والإغلاق وتراجعت الموارد لغالبية الفصائل الفلسطينية، منوها بأن ذلك أثر بشكل مباشر على واجبات الفصائل تجاه عناصرها وجمهورها، وأعلنت ذلك صراحةً.
واعتبر عبدو أن فلسطين أكبر من كل المحاور في العالم، وهو ما تدركه الفصائل الفلسطينية وتبحث عمن يعوض أهالي الشهداء ويعمل على إعادة إعمار غزة أو من يريد تقديم الدعم للقضية الفلسطينية، دون أن يكون لذلك الدعم أثمانا سياسية.
وفي ذات السياق، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة، إلى أن إيران الممول الأساسي لحركات المقاومة الفلسطينية، أصبحت مشغولة بما يحدث في سورية والحلفاء الآخرين لها في المنطقة الحوثيين و"حزب الله".
وأكد أبو سعدة أنَّ الأزمة المالية أعقبت سقوط الرئيس المصري السابق محمد مرسي، حيث بدأت عملية تجفيف الموارد المالية، وتمثل أهمها في إغلاق النظام المصري الحالي للأنفاق، ناهيك عن الحملة الدولية التي تقودها أميركا وأوروبا لمراقبة التحويلات المالية إلى فلسطين.
ورأى أنَّ "حماس" تحاول أن تعوض الضائقة المالية التي تمر بها من خلال فرض الضرائب على المواطنين، وهو ما لا يتوفر لحركة "الجهاد الإسلامي"، وتوافق أبو سعدة مع سابقه في أنَّ الأزمة المالية ستنعكس على الأحزاب والحركات من ناحية التدريب والإعداد وجلب عناصر جديدة.
أرسل تعليقك