أثارت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن قرار بتطبيق رسوم حمائية على واردات الصلب والألمنيوم ردود فعل واسعة من البلدان المصدرة لهاتين السلعتين إلى السوق الأميركية، وهو ما ينذر بحرب تجارية وشيكة بين القوى الاقتصادية الكبرى.
وكان ترمب أعلن، الجمعة، عن أن بلاده ستفرض تعريفات جمركية قدرها 25 في المئة على واردات الصلب و10 في المئة على الألمنيوم المستورد، في خطوة تهدف لحماية الصناعة المحلية من المنافسة الدولية، واعتبر روبرتو أزيفيدو، مدير عام منظمة التجارة العالمية، أن قرار الرئيس الأميركي «ينطوي على تصعيد حقيقي.. وأي حرب تجارية ليست في صالح أحد.. وستراقب منظمة التجارة العالمية الموقف عن كثب».
وقالت المفوضية الأوروبية، الجمعة، إنها «لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء قرار يضرب صناعات دول الاتحاد الأوروبي»، ووصفت الإجراءات الأميركية بأنها «غير عادلة"، وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو أو مير «إن حربًا تجارية بين الأميركيين والأوروبيين لا يخرج منها أي طرف رابحاً»، وفي ذلك تهديد غير مبطن، أما وزير خارجية ألمانيا، سيغمار غابرييل، فطلب من الاتحاد الأوروبي ردًا حازمًا على الولايات المتحدة التي ستضرب بقرارها هذا آلاف الوظائف الأوروبية. وفي ألمانيا أيضًا ندد اتحاد صناعات الحديد والصلب برفع الرسوم الأميركية، معتبرَا إياها «غاصبة لقواعد منظمة التجارة العالمية»، وأكد أن عدم الرد يعني أن الأوروبيين سيدفعون «ثمن ترف الحمائية الأميركية المستجدة».
وعبرت بريطانيا على لسان سفيرها في واشنطن عن قلقها لأن رفع الرسوم سيكون له نتائج سلبية على صناعات الفولاذ والألمنيوم في بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وفي موسكو صدر بيانًا تضامنيًا مع الأوروبيين، وقال «إن روسيا تدرس الوضع بعناية لجهة إعادة النظر بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة»، فيما يشبه استغلالًا سياسيًا للموقف.
إلى ذلك رفضت كندا الإجراء الأميركي مشيرة إلى أنها أول مورد للفولاذ والألمنيوم إلى الولايات المتحدة، وسيدفع صناعيوها ثمن إجراءات حكومتهم. وتأييدًا للموقف الكندي طالب صناعيون أميركيون باستثناء الواردات من كندا بالنظر إلى أهميتها الإستراتيجية في قطاعاتهم، لكن وزير التجارة الأميركي، ويلبور روس، قال إن التعريفات الجمركية المزمعة على واردات الصلب والألمنيوم «يبدو» أنها تنطبق على جميع الدول.
وحذرت وزارة التجارة الأسترالية من فوضى تجارية عالمية، ومن خسارة عشرات آلاف الوظائف، ما سيستدعي حتمًا إجراءات انتقامية تتخذها الدول المتضررة، والمفارقة تكمن في أن وزارة التجارة الأميركية وفي سياق تبريرها لرفع الرسوم أشارت إلى الصين تحديدًا على أنها «تمارس التجارة بلا عدالة»، علمًا بأن التصدير الصيني للفولاذ والألمنيوم إلى أميركا لا يشكل إلا 2 في المئة من إجمالي الاستيراد الأميركي من المعدنين، لذا قالت المصادر الصينية أن رفع الرسوم لن يكون له أهمية بالنسبة لبكين التي جددت مطالبتها بكبح جماح الاندفاعية الحمائية الأميركية «غير المبررة».
أما كوريا الجنوبية التي تعد ثالث مصدر للفولاذ والألمنيوم إلى أميركا بعد كندا والبرازيل فدعت إلى حوار عميق مع واشنطن، وكذلك الأمر بالنسبة لليابان التي تتريث في رد فعلها حتى الآن، لكن الرئيس ترمب يبدو مصرًا على القرار وقال في تغريدة ما معناه «إن الحرب التجارية ستكون سهلة وسيفوز الأميركيون فيها، لا سيما مع دولة تتبادل معها الولايات المتحدة تجاريًا ثم يتبين أن الميزان الأميركي عاجز بـ100 مليار دولار لمصلحة تلك الدولة، فإن تلك الحرب أو القطيعة ستكون في مصلحة الولايات المتحدة حتمًا».
وكانت وزارة التجارة الأميركية أوصت الرئيس ترمب الشهر الماضي بفرض قيود صارمة على واردات الصلب والألمنيوم من الصين ودول أخرى، وبررت فرض الحماية بتهديد تلك الصادرات للأمن القومي للبلاد مستندة لقانون أميركي يعود لعام 1962، واقترحت الوزارة فرض رسوم بنسبة 24 في المئة على واردات الصلب، وبنسبة 7.7 في المئة على الألمنيوم.
ونقلت وكالة "رويترز" عن بيان لوزارة التجارة الأميركية الأسبوع الماضي قالت فيه إن رسومًا مضادة للإغراق وأخرى تعويضية سيتم فرضها على عدد من الشركات الصينية، في ظل وجود هامش للإغراق بين 48.64 في المئة إلى 106.09 في المئة ومعدلات من الدعم للسلع الصينية تتراوح بين 17.14 في المئة إلى 80.97 في المئة.
وفي يناير/ كانون الثاني، أعلنت واشنطن فرض تعريفات استيراد مرتفعة على الغسالات ومعدات الطاقة الشمسية لحماية الوظائف المحلية، وتتماشى تلك الخطوة مع السياسة التجارية لرئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب «أميركا أولًا»، وسوف يتأثر بهذا القرار صُناع الألواح الشمسية في الصين، ومنتجو الغسالات الكهربية في كوريا الجنوبية بشكل بالغ.
وقد سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى فرض هذه الرسوم بعد أن وجدت لجنة التجارة الدولية بالبلاد أن المصنعين المحليين يتعرضون لأذى بسبب انخفاض الواردات من المنتجات المحلية. ووصلت الرسوم على الغسالات الكهربية إلى نسبة 50 في المئة، بينما هي أقل من ذلك في الألواح الشمسية.
أرسل تعليقك