تسعى منذ أعوام، سوق دبي للسلع، المعروفة باسم "دي إم إي"، لإيجاد مكان لها على خريطة بورصات النفط العالمية، لكن هذه المحاولات يبدو أنها لن تجدي نفعًا في المستقبل مع قيام بورصة لعقود النفط الآجلة في شنغهاي، والتي تفوقت في أول ثلاثة أيام لها على بورصة دبي، إذ بلغ عدد العقود التي تم تداولها على البورصة الصينية في أول يوم لها، يوم الإثنين 26 مارس/ آذار، نحو 12 ضعفًا للعقود التي تم تداولها على بورصة دبي عندما انطلقت في عام 2007.
وقبل يومين أصدرت شركة "فاكتس غلوبال إنيرجي" تقريرًا توقعت فيه أن يكون برميل النفط في بورصة شنغهاي لتسليم شهر سبتمبر/ أيلول، قد تم تداوله في أول يوم بعلاوة سعرية قدرها دولاران عن السعر في دبي، فيما قالت "فاكتس"، إن بورصة شنغهاي قد تجذب إليها المزيد من تجار النفط العالميين إذا ما ظلت عقود النفط الآجلة فيها تتداول بعلاوة سعرية عن باقي البورصات الدولية مثل دبي، لكن "فاكتس" حذرت من أن قرار الصين السماح للشركات الصينية باستخدام بورصة شنغهاي قد يتسبب في ارتفاع أسعار اللقيم في السوق المحلية، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض في هوامش التكرير في الصين.
وأقفلت عقود النفط عند التسوية يوم الأربعاء في شنغهاي على سعر 406 يوانات للبرميل "64 دولارًا منخفضة بنحو 4.7 في المائة عن الجلسة السابقة، لتقترب بذلك من الحد الأعلى للتذبذب المسموح به نحو الأسفل وهو 5 في المائة، وعلى الرغم من تفوقها على دبي بشكل كبير، إلا أن الطريق أمام شنغهاي لا تزال طويلة للحاق ببورصة "آيس" في لندن أو"نايمكس" في نيويورك، إذ تظل هاتان البورصتان مركز تداول عقود النفط في العالم.
وقال،الخميس، مصرف "غولدمان ساكس"، إن البورصة الصينية تحتاج إلى وقت طويل حتى تجذب المستثمرين الأجانب، إذ إن تكاليف المعاملات لتسوية لعقود فيها عند 3.2 دولار للصفقة، بينما في نيويورك التكلفة هي 1.5 دولار للصفقة، ومع هذا، فقد تم تداول عقود نفط أكثر على بورصة شنغهاي خلال أول ساعتين ونصف الساعة لها في يوم الافتتاح مقارنة بعقود برنت في لندن.
وأظهرت أرقام وكالة "بلومبيرغ"، أن هناك نحو 15 ألف صفقة تم تداولها خلال هذه الفترة الإثنين، مقارنة بنحو 9 آلاف صفقة لبرنت خلال خمس ساعات ونصف الساعة ضمن الساعات الآسيوية. وفي اليوم نفسه، تفوقت بورصة نيويورك، إذ تم تداول 80 ألف صفقة هناك.
ولا تزال هناك الكثير من التساؤلات بشأن مدى نجاح البورصة الصينية الجديدة وحجم التهديد لتجارة النفط بالدولار، لكن يبدو أن المسألة سوف تأخذ وقتًا طويلًا حتى يصبح هناك تهديد حقيقي للنفط المقوم بالدولار، إذ لم يبدِ أي من كبار المنتجين في العالم رغبتهم في تحويل مبيعاتهم إلى اليوان، أو حتى تسعير خاماتهم على أساس سعر شنغهاي.
وأطلقت الصين تداولات العقود الآجلة المقومة باليوان للنفط الخام، في التاسعة صباحًا من 26 مارس الحالي، في بورصة شنغهاي للطاقة الدولية التابعة لبورصة شنغهاي، وفي الأسبوع الماضي، ذكر لو فينغ، وهو مسؤول في البورصة للصحافيين، أن هناك 19 سمسارًا من خارج الصين سجل لتداول عقود الآجلة للنفط في البورصة.
وتسعى الصين إلى أن توفر من خلال هذه البورصة آلية للتحوط ضد المخاطر وإدارتها، وأن تساهم في تسعير النفط عالميًا بعيدًا عن أعمال المضاربات الكبيرة التي تشهدها لندن ونيويورك، إضافة إلى ذلك، فإن الصين تريد أن تجعل اليوان من العملات الرئيسية في تجارة النفط إلى جانب الدولار، وإن كان هذا أمرًا قد يحتاج إلى فترة طويلة من الوقت، حتى وإن كانت الصين حاليًا هي أكبر مستورد للنفط في العالم.
وتنوي الصين، بحسب تقرير نشرته "بلومبيرغ" الأسبوع الماضي، أن تحد من المضاربة والفقاعات التي تنشأ من خلال هذه الأنشطة، وذلك بجعل تكلفة تخزين النفط للتجار في الصين ضعف سعرها في باقي العالم، وفيما يتعلق بتكلفة التخزين في هذه المخازن، فقد أعلنت بورصة شنغهاي، 20 مارس، أن الكلفة ستكون "0.2" يوان لكل برميل، وسيدفعها مالك السلع أو وكيله.
وكشف بيان صدر مؤخرًا عن البورصة، أنه تم تحديد هوامش التداول عند 7 في المائة من قيمة العقود، في حين يبلغ الحد الأعلى والأدنى لتعويم القيمة 5 في المائة. أما بالنسبة إلى اليوم التجاري الأول فيبلغ الحد 10 المائة من الأسعار المرجعية، وستشمل العقود الآجلة 7 أنواع من النفط الخام، بما فيها 6 من منتجات النفط الخام من منطقة الشرق الأوسط، وهي خام عمان، وخام دبي، وخام زاكوم العلوي من أبوظبي، ونفط قطر البحري، وخام المسيلة من اليمن، وخام البصرة الخفيف.
وستستخدم العقود الآجلة للنفط الخام 6 مخازن محددة لتسليم السلع، تنتشر في منطقة دلتا نهر اليانغتسي، ومنطقة دلتا نهر اللؤلؤ، وشبه جزيرة جياودونغ، وشبه جزيرة لياودونغ، وتعد هذه المناطق سهلة لعمليات النقل البحري، إلى جانب قربها من مصانع كبيرة لتكرير النفط وكونها مراكز لتجارة النفط، وتتضمن المخازن الستة مرافق تخزين لشركتي "ساينوبك" و"سي إن بي سي"، بحسب بيان يوم 14 مارس صادر من بورصة شنغهاي، وأحد هذه المخازن موجود في داليان، إضافة إلى نينغبو وزانجيانغ. وتبلغ السعة التخزينية الاسمية لهذه المخازن الستة 5.95 مليون متر مكعب، أما سعتها التشغيلية فهي 3.15 مليون متر مكعب، ويتجاوز عدد المؤسسات الأعضاء المسجلة في بورصة شنغهاي للطاقة الدولية 150 مؤسسة حاليًا، إلى جانب بضع مؤسسات من منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وبنك "دي بي إس" السنغافوري.
أرسل تعليقك