تتطلع السلطات التونسية إلى اجتماع مع خبراء صندوق النقد الدولي، يوم 28 من الشهر الجاري، للموافقة النهائية على القسط الخامس من القرض المتفق بشأنه مع الصندوق، والمقدر بنحو 250 مليون دولار، على أن يتم صرفه بداية شهر أكتوبر /تشرين الأول المقبل وحصلت تونس إلى حد الآن على مبلغ 1.2 مليار دولار، منذ بدء صرف أقساط القرض في 2016، ومن المنتظر أن تحصل على نصف المبلغ المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي بصرف القسط الخامس، من إجمالي قرض مقدر بمبلغ 2.9 مليار دولار.
وتحصل تونس على هذه المبالغ المقسطة إلى شهر أبريل/ نيسان سنة 2020، وذلك تبعًا لمدى التزام البلاد بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي اتفق بشأنها مع صندوق النقد الدولي.
ووافق مجلس إدارة الصندوق في شهر مايو /أيار من سنة 2016، على إقراض تونس 2.9 مليار دولار ، من خلال برنامج مدته 4 سنوات.
وعلى أثر الزيارة التي أدتها بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس خلال الفترة الممتدة بين 15 و31 أغسطس /آب الماضي، أقر توفيق الراجحي، الوزير التونسي المكلف بالإصلاحات الاقتصادية، بصعوبة التفاوض مع ممثلي صندوق النقد الدولي، نتيجة مطالبته بإيجاد حلول سريعة لفاتورة المحروقات، وتراجع العملة المحلية "الدينار التونسي"، علاوة على البحث عن سياسات اقتصادية مجدية لمجابهة العجز المتزايد على مستوى الميزان التجاري، والتحكم في نسبة التضخم مع المحافظة على نفس نسق النمو.
ووافقت الحكومة التونسية على المراجعة الآلية لأسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر، وهي توصية من توصيات صندوق النقد الدولي.
ويرى خبراء تونسيون، من بينهم عز الدين سعيدان، وجنات بن عبد الله، ومراد بلكحلة، أن بعثة الصندوق ما زالت توجه انتقاداتها إلى السلطات التونسية نتيجة تعطل الإصلاحات الاقتصادية وصعوبة الاستجابة لمطالب الصندوق، خاصة ما يتعلق بتجميد الأجور، في ظل الضغوط المحلية الكبرى الصادرة عن المؤسسات النقابية والمنظمات الاجتماعية المنادية بكبح الأسعار وتحسين مستوى المعيشة، وهذا ما يفسر، على حد تقديرهم، التأخير المتتالي في صرف أقساط القروض خلال السنتين الماضيتين.
ويتمسك صندوق النقد بتنفيذ مجموعة من المطالب والإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، من بينها الحد من عجز الميزانية التونسية ودعم الاحتياطي المحلي من النقد الأجنبي، والحد من التضخم.
وكان تقييم بعثة الصندوق لمختلف هذه المطالب، خلال آخر زيارة لها إلى تونس غير مطمئن، فقد اعتبرت أن الأزمة ما زالت متواصلة، وأن الإصلاحات الاقتصادية المتفق بشأنها لا تحدث التقدم المأمول، وأن حزمة الإصلاحات المتفق بشأنها منذ سنة 2016 ما زالت ضرورية وهي من بين الشروط الأساسية لمواصلة دعم الاقتصاد التونسي.
واقترحت لجنة إصلاح حكومية في تونس، الخميس الماضي، خفض الدعم تدريجيًا عن المواد الأساسية وتحويله نقدًا إلى مستحقيه.
وكشفت اللجنة الحكومية المكلفة بمراجعة الدعم عن مقترح يتمثل في خفض الدعم على ثلاث مراحل تمتد كل واحدة ما بين ستة إلى تسعة أشهر، والهدف من الخفض التدريجي، هو التصدي للاستغلال غير العادل للمواد المدعمة، والوصول إلى الأسعار الحقيقية للمواد الأساسية مقابل تحويل الدعم نقدًا إلى مستحقيه.
وقال يوسف طريفة، المكلف بمهمة بوزارة التجارة لوكالة الأنباء التونسية، إن تحويل الدعم نقدًا لمستحقيه سيحد من تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، وسيشمل رفع الدعم الحليب، والزيوت النباتية، والخبز، والسكر، والسميد، ومواد العجين الغذائية.
وبحسب أرقام حكومية، من المتوقع أن يتخطى حجم الدعم للمواد الأساسية هذا العام، ملياري دينار مقابل 1.5 مليار دينار في 2010، أي قبل اندلاع أحداث الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011.
وتعمل السلطات التونسية على تجاوز اختلافاتها في وجهات النظر مع الصندوق بشأن الوضع الجاري في البلاد من خلال التأكيد على الانتعاشة الاقتصادية، التي شهدتها تونس في الفترة الأخيرة، وتحقيق نسبة نمو اقتصادي لم تسجل منذ سنوات حيث أكد توفيق الراجحي، الوزير المكلف بالإصلاحات الاقتصادية، أن نسبة النمو سترتفع إلى 2.9 في المائة خلال السنة الجارية على أن تكون في حدود 3.5 في المائة خلال السنة المقبلة، وتوقع كذلك خفض عجز الميزانية إلى 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المقبلة، وذلك بعد أن قدرته الدوائر الرسمية بنحو 4.9 في المائة مع نهاية 2018.
وقال مصدر رسمي قال لوكالة "رويترز"، الخميس الماضي، إن البنك الدولي وافق على صرف قرض بقيمة 500 مليون دولار لدعم ميزانية تونس، وزاد المبلغ المصروف احتياطيات تونس من النقد الأجنبي إلى ما يعادل 78 يومًا من الواردات، ارتفاعًا من مستوى يعادل 68 يومًا من الواردات جرى تسجيله في الأسابيع القليلة الماضية، مضيفًا، أن تونس تعتزم إصدار سندات بقيمة مليار دولار في أوائل أكتوبر/تشرين الأول للمساهمة في تغطية عجز ميزانية 2018.
أرسل تعليقك