نيويورك ـ فلسطين اليوم
يتحتم على الولايات المتحدة الأميركية والعالم أجمع، خفض انبعاثات الغازات بنحو 80% بحلول 2050، وذلك لتقليل المخاطر التي تنجم عن التغير المناخي، الذي تتسارع وتيرته باستمرار، كما أن حدة الجفاف وموجات الحرارة وإغراق الاقتصادات الساحلية الناتج عن ارتفاع مستويات البحار وزيادة حرائق الغابات، ما هي إلا صور مصغرة تعكس حقيقة هذه المخاطر.
وبينما تبدو نسبة 80% كبيرة، توصل تقرير ريسكي بروجيكت عن الاستثمار في اقتصادات الطاقة النظيفة، إلى إمكانية تحقيق هذه النسبة فنيًا واقتصاديًا وخلقها لفرص تجارية ضخمة، ولخفض الانبعاثات والاستفادة من تبني الطاقة النظيفة، على أميركا التخلي عن اعتمادها الكبير على الوقود الأحفوري، والتحول نحو استخدام الكهرباء على أكبر نطاق ممكن وتوليدها من مصادر خالية من الانبعاثات الكربونية تمامًا مثل، الشمسية والرياح، ولتنفيذ ذلك، ينبغي وضع كفاءة الطاقة كأساس لهذا التغيير، للحصول على أفضل النتائج، كما ينبغي أيضًا، استثمار متوسط 320 مليار دولار سنويًا في الفترة بين 2020 إلى 2050، حيث من المتوقع تفوق الفوائد على التكاليف وبنسبة كبيرة والتي تكون في شكل، تخفيض فاتورة الوقود الأحفوري لأميركا بنحو 65 مليار دولار سنويًا في 2020، لترتفع لما يقارب 700 مليار بحلول 2040.
وفي غضون ذلك، تتوافر المزيد من الوظائف، حيث يوفر اقتصاد الطاقة النظيفة نحو مليون وظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، يتركز معظمها في قطاعي الإنشاءات والمرافق، ويعمل الهواء النقي كذلك، على حماية البيئة، حيث لا تقتصر فائدة ذلك على تقليل مخاطر المناخ فحسب، بل تقلل من تلوث الهواء الناتج عن حرق الوقود الأحفوري بأنواعه المختلفة.
ويفصل التقرير، كيفية الانتقال إلى الاقتصاد القائم على الطاقة النظيفة اعتمادًا على ثلاثة محاور تتلخص في استخدام الكهرباء بدلًا من الوقود الأحفوري الذي يتضمن، التبني التدريجي للسيارات الكهربائية ومضخات المياه التي تعمل بالحرارة الكهربائية وسخانات المياه في البنايات، بالإضافة إلى تشجيع العمليات الصناعية لاستخدام الكهرباء بدلًا من الوقود الأحفوري واستغلالها أيضًا لإنتاج الهيدروجين النظيف لقطاعي المواصلات والصناعة.
ويتلخص المحور الثاني، في توليد الكهرباء من مصادر خالية من الكربون، حيث تراجعت تكلفة الطاقة المتجددة بنسبة كبيرة خلال العقد الماضي، ما يمهد الطريق أمام التوسع السريع للمصادر الخالية من الكربون مثل طاقة الرياح والشمسية، ويمكن للطاقة النووية لعب دور مهم أيضًا، بجانب تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه من انبعاثات المحطات العاملة بالوقود الأحفوري.
وأخيرًا، يمكن استهلاك الطاقة بكفاءة أكثر وذلك من خلال تطبيق التقنيات ذات الكفاءة العالية سواءً في المركبات أو المصانع والمساكن، ويؤكد التقرير، أن تحقيق نسبة 80% ممكنة، في ظل توافر التقنيات الداعمة بتكلفة مجدية تجاريًا والأدوات المطلوبة، فضلًا عن المستقبل الذي يبشر بإحراز نجاحات تقنية كبيرة تجعل المهمة أكثر سهولة.
وبينما تدور عجلات اقتصاد نظيف قليل الكربون في أميركا، ينبغي أن تزيد هذه العجلات من سرعتها لتفادي المخاطر الوخيمة والهدامة التي يفرزها التغير المناخي، وفي وجود سياسة واضحة وإطار تنظيمي من قبل الحكومة، يمكن لقطاع الأعمال التجارية، تحويل هدف اقتصاد الطاقة النظيفة إلى حقيقة ملموسة، ما يسفر عن تشجيع للابتكار وإطلاق لأنظمة الطاقة النظيفة.
وفي الماضي، نتج عن الاستثمارات القوية في السكك الحديدية وكهرباء الريف والطرق السريعة بين الولايات الأميركية والاتصالات السلكية واللاسلكية، وغيرها من الصناعات، موجة من الابتكارات والنمو في قطاع الأعمال. وبالتالي، فإن البلاد في حاجة لموجة جديدة تهدف إلى توفير مناخ آمن ومستقر، كما أوضح التقرير، أنه يمكن للاستثمار في الطاقة النظيفة، تعزيز الاقتصاد الأميركي وتسليحه بالمقدرة التنافسية على مدى عقود عدة مقبلة.
أرسل تعليقك