في مؤشر جديد يؤكد انتعاش القطاع الخاص غير النفطي في المملكة السعودية، كشفت بيانات بحثية دقيقة عن زيادة النشاط التجاري في البلاد بوتيرة هي الأسرع منذ ديسمبر (كانون الأول) من عام 2017، مما دفع بمعدلات التوظيف في القطاع الخاص إلى النمو بأعلى مستوى في 18 شهرًا.
وكشفت معلومات استطلاعية صادرة عن مجموعة “آي إتش إس ماركت” - الشركة العالمية المختصة ببحوث الأسواق الأساسية ومؤشرات الأعمال - عن تحسن ظروف العمل في السعودية بأسرع وتيرة، بحسب بحوثها المُجراة في سبتمبر (أيلول) الماضي، مشيرة إلى أن بيئة العمل دفعت إلى تحسن ملموس وصفته بـ”أسرع وتيرة” خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
وأشارت بيانات شهر سبتمبر الماضي الصادرة عن “ماركت” إلى تحسن في الأوضاع التجارية على مستوى القطاع الخاص غير المنتج للنفط في السعودية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مبررة ذلك باستمرار زيادة الأعمال الجديدة الواردة من كل من السوقين المحلية والأجنبية.
أقرأ ايضــــــــاً :
اقتصاد السعودية في أسرع وتيره له منذ أوائل 2016
وأفادت البيانات المستقاة من استطلاعات إحصائية واسعة لمديري المشتريات في القطاع الخاص السعودي بأن مستوى الإنتاج التجاري شهد توسعًا بأسرع معدل منذ شهر ديسمبر 2017، مما سمح للشركات بضم موظفين جدد بأكبر معدل في 18 شهرًا.
وتتسق هذه البيانات مع النتائج الربعية التي أعلنتها المملكة مطلع الأسبوع الحالي، حيث أظهرت نمو اقتصاد السعودية 0.5 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي 2018، وسجل القطاع غير النفطي حضورًا بارزًا في مؤشرات الحسابات القومية؛ إذ ارتفع 2.9 في المائة، وهو ما يعزز منهجية اعتماد السعودية في “رؤية 2030” على تحفيز القطاع الخاص وزيادة مساهمة الإيرادات غير النفطية، ضمن استراتيجية التحول الاقتصادي التي تسعى لتحييد النفط مصدرًا لدخل البلاد.
وكان وزير المالية محمد الجدعان قد توقع الشهر الماضي أن يرتفع الناتج المحلي غير النفطي 3 في المائة؛ أي بأكثر من المقدر له وهو 2.9 في المائة، مستندًا على أداء القطاع الخاص المتصاعد، ومؤكدًا في الوقت ذاته استمرار تنامي الإيرادات غير النفطية خلال النصف الأول من العام بنسبة 14.4 في المائة، مع تحسن النشاط الاقتصادي واستمرار تنفيذ الإصلاحات والمبادرات الرامية لتنمية الإيرادات وتنويع مصادرها.
ورغم ارتفاع تضخم تكاليف الإنتاج لمستوى هو الأكبر منذ عام، متأثرًا بزيادة أسعار المشتريات وتكاليف التوظيف، بحسب مجموعة “آي إتش إس ماركت”، فإن مؤشر مديري المشتريات الرئيسي (PMI) في السعودية سجل ارتفاعًا من 57.0 نقطة في شهر أغسطس (آب) الماضي إلى 57.3 نقطة في سبتمبر الماضي، فيما وصل المؤشر إلى أعلى مستوياته في 3 أشهر نتيجة استمرار تحسن زخم الإنتاج.
وتؤكد مجوعة “آي إتش إس ماركت” في نتائج البيانات المعتمدة على مؤشر مركب - معد ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط - تسارع معدل نمو طلبات التصدير الجديدة من شهر أغسطس الماضي، واصفة إياه بـ”القوي”، مشيرة إلى الأدلة المتداولة من أعضاء اللجنة المعنية بإجراء الاستطلاع الذي يطبق في 40 دولة، من أنهم لاحظوا تحسنًا عامًا في معدل الطلب الأجنبي خلال سبتمبر الماضي، مقرونًا بنمو حجم ازدياد الأعمال غير المنجزة في القطاع الخاص غير المنتج للنفط للمرة الأولى منذ يونيو (حزيران) الماضي.
من جانبه، لفت أمريتبال فيردي، الباحث الاقتصادي في المجموعة، إلى أنه “رغم جميع النتائج الإيجابية، فإنه لا ينبغي التقليل من شأن تأثير الهجمات الأخيرة على منشآت معالجة النفط المهمة في بقيق وخريص، والتي أسفرت عن خفض إنتاج المملكة من النفط إلى النصف”، موضحًا أن بيانات أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تعدّ أول فرصة لرؤية مدى تأثير الأمر على الاقتصاد السعودي بشكل عام.
وبحسب البيانات التي تم جمعها في سبتمبر الماضي، تتفاءل الشركات السعودية بقوة بشأن توقعات النمو المستقبلي؛ إذ توقعت نسبة تقرب من 38 في المائة من الشركات المشاركة أن يزداد النشاط التجاري خلال الـ12 شهرًا المقبلة مع تأثير الاستثمارات التجارية المنتظرة وجذب المشروعات الجديدة.
أرسل تعليقك