منذ تنصيب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في يناير/كانون الثاني الماضي، وحتى أثناء حملته الانتخابية، غطت التخوفات من الصدام التجاري الذي ينتويه على الآمال في دعم قوة أكبر اقتصاد في العالم، ولكن أسواق المال وقادة الاقتصاد العالمي أظهروا مرونة عالية في تقبل الوافد الجديد الكبير، ومن الواضح أن الاتجاه العام الآن هو مد اليد للسلام، وتقديم أغصان الزيتون لشراكة جديدة بين كبار العالم.
وتقدمت ألمانيا بغصن الزيتون الأول، القلب الصلب لـ الاتحاد الأوروبي، حيث ينتظر مراقبون بشغف اللقاء الأول الذي سيجمع بين المستشارة أنغيلا ميركل والرئيس الأميركي في واشنطن، الثلاثاء المقبل، فيما يراهن منسق الحكومة الألمانية للعلاقات عبر الأطلسي، يورجن هارت، على نجاح كبير للزيارة رغم الخلافات كافة.
وأوضح هارت في مقابلة، السبت، أن الغاية من اللقاء الأول لميركل بترامب هو بناء الثقة، قائلًا "الأهم هو أن تنجح ميركل في إيضاح أنه من الممكن التحدث عن الاختلافات على أساس الشراكة، وليس من منطلق المواجهة"، مثل ادعاء أحد مستشاري ترمب بأن ألمانيا تتلاعب بعملة اليورو.
وذكر هارت، أن ميركل ستستغل كل الوقت خلال زيارتها لواشنطن، التي ستبدأ مساء الإثنين، في تأسيس تواصل شخصي مع الرئيس ترامب ومستشاره الجديد للأمن القومي هربرت ريموند، ومواصلة الحوار البناء الذي أجرته مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنيس، خلال مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن الشهر الماضي.
وأضاف هارت، أن المستشارة ستركز على تمهيد الطريق لتعاون جيد، متابعًا "أعتقد أن الرسالة الرئيسية ستكون رغبة ألمانيا والاتحاد الأوروبي في أن يكونا شركاء أميركا"، موضحًا أن الهدف أن تكون تلك الشراكة ليست فقط في السياسة الأمنية، بل أيضًا في السياسة التجارية والاقتصادية.
وقال هارت: "سيكون نجاحًا كبيرًا إذا قالت ميركل وترامب إن العملية الرامية إلى إبرام اتفاقية تجارة طموحة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مستمرة، وأن يوضحا ما إذا كان سيطلق على الاتفاقية اسم الشراكة التجارية والاستثمارية عبر الأطلسي أم لا".
وكشف هارت، أن الولايات المتحدة تسعى إلى اتفاقية ثنائية مع ألمانيا، موضحًا أن هذا يتطلب خروج ألمانيا أولًا من السوق الأوروبية، بحسب قانون الاتحاد الأوروبي، قائلًا "سيكون ذلك بمثابة انتحار اقتصادي"مشيرًا إلى ضرورة أخذ إعلان ترامب عن إمكانية فرض قيود جمركية على الواردات على محمل الجد، وموضحا أنه في حال فعلت الولايات المتحدة ذلك فسيتعين عليها الخروج من منظمة التجارة الدولية، وهو أمر قد لا تتحمله السوق الداخلية الأميركية، مشددًا على أن المحادثات بين ميركل وترامب من الممكن أن تُساهم في تصفية الخلافات.
من ناحية أخرى، اعتبر رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، الجمعة الماضية، أن المشروع الأميركي لفرض ضرائب على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا سيكون "سيئًا" للبلدين على حد سواء، قائلًا خلال مؤتمر لقطاع النفط في هيوستن في ولاية تكساس الأميركية "فرض ضريبة على الحدود سيكون سيئًا ليس فقط لكندا، وإنما للولايات المتحدة أيضًا".
ويبحث الكونغرس الأميركي إصلاحًا ضريبيًا، ينص في أحد بنوده على فرض ضرائب على الواردات حصرًا وإعفاء الصادرات، وهو ما يعارضه الرئيس دونالد ترامب الذي يفضل نظامًا ضريبيًا آخر، يقوم على فرض رسوم جمركية على واردات محددة، مثل الواردات الصينية أو المكسيكية.
وأكد رئيس الوزراء الكندي، أن مشروع فرض الضريبة على الصادرات إلى الولايات المتحدة هو "أبعد من أن يتم إقراره على ما أعتقد، ونحن ما زلنا لا نعلم بالضبط كيف سيكون شكله؟ أو كيف ستتأثر به كندا؟"، مضيفًا "مما سمعته من الكثير من رؤساء الشركات أو المسؤولين السياسيين"، فإن فرض ضريبة على الحدود أو اعتماد أي نظام حمائي آخر مماثل "ستكون له تداعيات غير متوقعة لم يوضحها على الأرجح مؤيدو تلك الضريبة".
وشدد رئيس الوزراء، على ضرورة حماية "المنافع الهائلة"، المتأتية من "اقتصاد أميركي - شمالي متكامل"، وردًا على سؤال عن إعلان وزير التجارة الأميركي، وليبور روس، أن "الأسابيع المقبلة" ستشهد إطلاق المفاوضات بشأن مراجعة اتفاقية التجارة الحرة في أميركا الشمالية "نافتا"، أكد ترودو، أن الاتفاقية "تم تعديلها وتحسينها على مدى الأعوام العشرين الفائتة"، وأن "حوارًا محترمًا" بين واشنطن وأوتاوا هو الوحيد الكفيل بضمان خروج تلك المفاوضات بفوائد على كلا البلدين.
على الناحية الأخرى من المحيط، ذكر وزير التجارة الصيني، تشونج شان، في بكين السبت، أن حربًا تجارية بين بلاده والولايات المتحدة ستضر البلدين، خلال حديثه على هامش اجتماع سنوي للبرلمان الصيني، قال "إن نزاعًا تجاريًا سيسبب فقط ألمًا للبلدين، مضيفًا أن حجم التجارة الذي بلغ 519.6 مليار دولار بين البلدين، أعلى 200 مرة مما كان عليه، عندما أقامت واشنطن وبكين علاقاتهما الدبلوماسية في عام 1979.
وتابع الوزير، "يفكر الكثير من أصدقائنا في الغرب أن الصين لا يمكن على الإطلاق أن تستغني عن أميركا، ولديهم حق، لكن أميركا لا يمكن أيضًا أن تستغني عن الصين"، فمنذ تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يناير الماضي، كان أسلوبه البلاغي يستهدف الممارسات التجارية الصينية، ويخشى من أن ذلك يمكن أن يؤثر على العلاقات التجارية بين البلدين، اللذين لديهما أكبر اقتصاديات في العالم.
أرسل تعليقك