واشنطن ـ يوسف مكي
يعاني اليورو من أطول موجة هبوط له مقابل الدولار، منذ أن جاءت العملة الموحدة إلى حيز الوجود في عام 1999، وانخفض اليورو بنسبة 0.5 في المائة في التعاملات الآسيوية، ليصل إلى 1.582 دولار، وتبلغ العملة الأوروبية أدنى مستوى لها منذ الثالث من كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وأدى انتصار دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، إلى هزة كبيرة في السوق العالمي، وهو الأمر الذي وصفه محللون يعملون لدى "بنك أوف أميركا"، بأنه عملية دوران عنيف. ومازال الرئيس الأميركي الجديد، لم يدخل حتى الآن إلى البيت الأبيض، إلا أن المستثمرين يعتقدون أن برنامجه القائم على التخفيضات الضريبية والإنفاق على البنية التحتية، سيؤدي إلى زيادة النمو وارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، بينما تكون سياسات الحماية من المتوقع أن تضر بالأسواق الناشئة.
وشهدت الأسواق المالية تحسنًا كبيرًا في المرحلة الراهنة، بينما سوق السندات مازال في مرحلة التدهور، وشهد هذا الأسبوع أكبر قدر من التفاوت بين الأسهم والسندات مقارنة بأي وقت مضى. ونال سوق الأسهم أكبر تدفق أسبوعي منذ عامين، وتمكن من تحقيق حوالي 28 مليار دولار، في حين أن تدفقات السندات وصلت إلى 18 مليار دولار، لتكون في أعلى مستوياتها منذ ثلاثة أعوام ونصف. وتسيطر حالة من عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية الأميركية في المرحلة المقبلة، وستشهد زيادة في النمو، تزامنًا مع ارتفاع سياسات الحماية إضافة إلى تشديد السياسات التي من شأنها تعزيز الدولار مقابل سلة من العملات.
وعرف سعر صرف الدولار تحسنًا ملحوظًا في مقابل مجموعة من العملات الأخرى، ولكن مع صعود التيارات الشعبوية، تحول التركيز على التطورات السياسية في أوروبا بصورة أكبر. والتصويت في بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي أصاب الأسواق الأوروبية بصدمة عنيفة، بينما كان صعود دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، بمثابة الطامة الكبرى بالنسبة لها.
ويهيمن التردد على كافة التجار، فيما يتعلق باتخاذ خطوات جدية لتطوير أعمالهم في منطقة اليورو، في ظل تزايد الرهانات ضد العملة الموحدة، في حين أن المستثمرين اختاروا الانتظار لمعرفة ما سيسفر عنه اجتماع البنك المركزي الأوروبي، والذي من المقرر أن ينعقد في يوم 8 كانون الثاني/ديسمبر المقبل.
وأكد رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي، أن الانتعاش في منطقة اليورو، يبقى معتمدًا بصورة كبيرة على مجموعة من شروط التمويل، والتي تعتمد بدورها على استمرار الدعم المالي، موضحًا أن البنك المركزي كان حريصًا على الحفاظ على درجة كبيرة من الاستقرار النقدي. وبعيدًا عن التناقص الكبير في شراء السندات، يقول جولدمان ساكس إن البنك المركزي يريد حماية السندات الأوروبية من معدلات الزيادة الموجودة في نظيرتها الأميركية، وذلك بإرسال إشارة حول أن السياسة ستكون توافقية إلى حد كبير، وذلك من خلال مد برنامج شراء السندات، والذي تصل قيمته إلى حوالي 800 مليار يورو، إلى ما بعد آذار/مارس 2017.
ومن المتوقع أن يؤدي النمو الأقوى والتضخم إلى تمهيد الطريق أمام رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بصورة أكبر، وأن التباعد في السياسة النقدية بين الولايات المتحدة وأوروبا، سيؤدي إلى مزيد من تعزيز الدولار في مقابل العملة الأوروبية الموحدة في المرحلة المقبلة.
وهناك توقعات عديدة تدور حول وصول اليورو إلى نقطة التكافؤ مع الدولار في المرحلة المقبلة، وكانت أخر مرة تساوى فيها الدولار مع اليورو في عام 2002. وأكد أوليفر كوربر، المحلل الاقتصادي في بنك سوستيه جنرال، أن المخاطر التي تحيط بمنطقة اليورو تبدو مخيفة، موضحًا أن صعود الدولار أمام اليورو ربما يستمر في ظل التطورات السياسية السيئة التي تشهدها أوروبا في المرحلة الراهنة، موضحًا أن الاتجاه الهبوطي لليورو، يعكس مخاوف كبيرة من جراء احتمالات حدوث مفاجئات سياسية سيئة في المستقبل القريب، ستترك تداعيات كبيرة على مستقبل القارة. وأضاف أن الاستفتاء الذي ستشهده إيطاليا في كانون الأول/ديسمبر المقبل، تطبيق المادة 50 في بريطانيا، موضحًا أن تلك الإجراءات ستنطوي على كم من العواقب غير المعروفة.
وتتمثل التواريخ المهمة التي ستؤثر بصورة كبيرة على اليورو في أوروبا، في الاستفتاء الدستوري في إيطاليا، والمقرر يوم 4كانون الأول/ ديسمبر، ويتزامن مع الانتخابات الرئاسية في النمسا، والانتخابات الهولندية في 15 آذار/مارس، والانتخابات الفرنسية، وهي تعدّ أحد أهم الأحداث في أوروبا، وستجرى في شهر نيسان/إبريل من العام المقبل. والانتخابات الألمانية كذلك من المقرر أن تجرى في عام 2017.
أرسل تعليقك