نابلس – آيات فرحات
بخطوة واحدة تتحرك فيها قدماك متخطية عتبة الباب الكبير لقصر الكايد، تعود بك الحياة إلى ما قبل 300 عام، عندما كان هذا المكان هو المتحكم في أحوال الفلاحين الفلسطينيين في عشرين قرية محيطة به.
قصر الكايد أحدى أهم المعالم الأثرية في قرية سبسطية التاريخية الواقعة غرب مدينة نابلس، ويعود بناؤه إلى فترة عرفت باسم "قرى الكراسي" خلال الحكم العثماني لفلسطين، وبين الأقواس الحجرية، والفنون المعمارية، ما زالت رائحة وأصوات عائلة الكايد التي كانت تسكن هذا القصر، لتحتل كل أسرة غرفة فيه، يجمعهم كل مساء ساحاتها وأروقتها وعلى رأسهم صاحب القصر ومؤسسه الشيخ أحمد كايد، والذي بعد وفاته وانقضاء فترة حكمه ضاق القصر بأبنائه، ليقرروا هجره والتوسُّع لمواكبة الحياة العصرية.
هُجر القصر ما يقارب الخمسين عامًا، حتى أصبح مكانًا مخيفًا لأهالي القرية، وأشبه ببناءٍ آيلٍ للسقوط، حتى عام 2007، حين قرر نشطاء القرية وبعض المؤسسات فيها إعادة ترميمه.
ويروي مدير القصر والناشط المجتمعي أحمد كايد لـ"فلسطين اليوم"، أنه في الوقت الحالي يعد القصر بيت الضيافة الثالث في الترتيب على مستوى الضفة الغربية، مضيفاً لأته الآن منارة مجتمعية لكل القرى المحيطة بسبسيطة، ففيه يتم العمل على الكثير من المشاريع التنموية، وهو أيضًا مكان ملائم لأنشطة المؤسسات المحلية، وفيه غرف وصالات مناسبة لعقد الدورات والندوات.
وأكدت ممثلة نادي لجنة المرأة الشبابي عناية الكايد، أن أحد أهم المشاريع التي يتم العمل عليها في الوقت الحالي هو مشروع "نساء تدير المقاصف المدرسية"، ويتم العمل فيه من خلال توفير مطبخ كبير ومجهز لعدد من السيدات لصناعة الأغذية الصحية لطلبة المدارس في القرية والقرى المحيطة بها، ممشيرة إلى أن هذا المشروع يعيل ما يقارب الـ20 أسرة.
وأشارت الكايد لـ"فلسطين اليوم" إلى أن "هناك جزء من القصر يعتبر فندقًا سياحيًا نستقبل خلاله الزوار ونقدم لهم الخدمات الفندقية"، وأنه "يعتبر القصر اليوم مزارًا للتجربة الناجحة التي أحيته، والتي نتمنى أن تشمل كافة المباني والأماكن الأثرية في القرية المهددة باندثارها كباقي الآثار الفلسطينية، بسبب عنجهية المحتل وسياساته الجائرة".
يضيف أحمد الكايد أن "سبسيطة عاصمة الشمال الفلسطيني، والتي تعود لأزمان غابرة، فهي عباره عن 6 حضارات فوق بعضها البعض، ما يعني أننا نقف على تلة تمثل كنزًا أثريًا".
واستكمل "نقيم سنويًا مهرجان سبسيطة، الذي يتطوع فيه كل أهالي القرية، فسبسطية ليست مكانًا أثريًا فقط، إنما هي طبيعة فلسطينية رائعة، تزخر بنوع من سياحة المقاومة، فهناك توأمة بينها وبين بلدة "هنويل" في برطانيا، ما يجعلها محج لكثير من السياح الأجانب الذين ينقلون قصص تهويدها لبلادهم، ولا ننسى أن أول مظاهرة نسوية خرجت في الضفة بعد عام 1967 كانت على هذه الأرض".
أرسل تعليقك