القاهرة _إسلام خيري
تعتبر مهنة المسحراتي في شهر رمضان من المهن الرئيسية في شهر رمضان فلا يمكن أن ننسى كلمات أغنية سيد مكاوي وربعاياته التي يقول فيها " أصحى يانايم وحد الدايم .. رمضان كريم " التي قدمها للمسحراتي خصيصا لما تشكل هذه المهنة من أهمية كبيرة للغاية .
ويعتبر المسحراتي علامة من علامات شهر رمضان المبارك ودوره هام جدا وهو تنبية الناس لتناول وجبة السحور قبل آذان الفجر وقد ارتبطت شخصية المسحراتي في مصر بالزينة والفوانيس، كما ارتبطت بالسير والحكايات الشعبية مثل "ألف ليلة وليلة" و"ابو زيد الهلالي" .
وقد كان بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام يقوم بمهمّة إيقاظ النّاس للسّحور، حيث يؤذّن فيتناول النّاس السّحور، وأول من نادى بالتسحير عقبة ابن اسحاق ســنة 228 هـ وكان يذهب ماشيًا من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي النّاس حيث لاحظ أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، ، فتطوع هو بنفسه لتنبيه الناس بموعد السحور، حيث كان يطوف على قدميه قائلا "عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة" ، وأول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر، أما أهل بعض البلاد العربيّة كاليمن والمغرب فقد كانوا يدقّون الأبواب بالنبابيت، وأهل الشّام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد خاصّة برمضان، اما فى عهد الدولة الفاطميةفقد أصدر الحاكم بأمر الله أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويقوموا بايقاظ الناس للسحور ، ومع مرور الوقت تم تعين شخص للقيام بدور المسحراتي و كان ينادي"يا أهل الله قوموا تسحروا"، ويدق على أبواب البيوت بعصاً كان يحملها في يده تطورت مع الأيام إلى طبلة صغيرة تسمى بازة ثم تحولت بعد ذلك الى طبلة كبيرة . وفى العصر العباسى فى بغدد كان "ابن نقطة موكلا بايقاظ الخليفة الناصر لدين الله العباسى وعندما مات ابو نقطة خلفه ابنه فى هذا العمل. هذا وقد انتشرت مهنة المسحراتى فى جميع البقاع الاسلامية ففى عمان يوقظ المسحراتي النائمين على الطبلة أو بالناقوس وهو يقول "يا نائمين الليل قوموا تسحروا .. يا مسلمين السحور يا صائمين" ، أما في السعودية فيوقظ المسحراتي النائمين بقوله " ربي قدرنا على الصيام واحفظ إيماننا بين القوم ". وفي السودان يطرق المسحراتي البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوسا ودفتر به أسماء أصحاب البيوت حيث ينادي عليهم بأسمائهم قائلا " يا عباد الله وحدوا الدايم ورمضان كريم" .
ومن هنا فالمسحّراتي صورة لا يكتمل شهر رمضان بدونها، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بتقاليدنا الشّعبية الرّمضانيّة، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحّراتي جولته الّليلية في الأحياء الشّعبية موقظاً أهاليها للقيام على ضرب طبلته وصوته الجميل يصدع بأجمل الكلمات مما يضفي سحرا خاصّا على المكان، ومن العبارات المشهورة للمسحّرين قولهم:"اصحى يا نايم وحّد الدّايم يـا غافي وحّـد الله أصحى يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم"، ويقوم بتلحين هذه العبارات بواسطة ضربات فنّية يوجّهها إلى طبلته، وقديمًا كان المسحّراتي لا يأخذ أجره، وكان ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل منزلاً منزلاً ومعه طبلته المعهودة ، فيوالي الضّرب على طبلته نهار العيد لعهده بالأمس في ليالي رمضان، فيهب له النّاس بالمال والهدايا والحلويّات ويبادلونه عبارات التّهنئة بالعيد السّعيد ومن الأهمية القصوي لدور المسحراتي نجد أن العديد من فوانيس رمضان اصبحت تكون علي شكل مسراحتي ويردد ما يقولة المسراحتي في المواقع نظرا لمدي اهمية هذا الرجل في المجتمع ومدي فرحة الأطفال به .
ورغم ظهور الأجهزة الذكية والمنبهات فإن المصريين يفضلون سماع طبلة وصوت المسحراتي في ليالي رمضان، كما يقول المسحراتي في شوارع القاهرة عادل العيسوي في تصريحات صحافية خلال جولاته: "رمضان من غير مسحراتي مينفعش" لأنه يعرف بين المصريين من زمن.
يطلون من الشرفات والنوافذ عند سماع الطبلة ويبدأون بالتهليل والمناداة بأسمائهم التي أصبحت أحفظها كل عام في هذا التوقيت عن ظهر قلب. ويختلف شكل المسحراتي في بعض المناطق في مصر من البحراوي والبدوي والصعيدي فهو ينادي بالمدائح النبوية في المناطق الصحراوية ويطوف شوارع القاهرة مردداً الأناشيد والأغاني الرمضانية ويدق أبواب سكان الحي في الأسكندرية. وبدأت مهنة المسحراتي تأخذ مسارًا جديدًا بداية من أربعينيات القرن الماضي، واتخذت بعداً فنياً على يد الشاعر فؤاد حداد والموسيقار سيد مكاوي فمن أشهر وأجمل البرامج الرمضانية التي وثقت لتلك المهنة، برنامج "المسحراتي" الذي ما زالت كلماته تتردد في القلوب منذ الطفولة: "اصح يا نايم.. وحد الدايم.. وقول نويت.. بكره أن حييت.. الشهر صايم… والفجر قايم… أصح يا نايم.. وحّد الرزاق".
لكن رغم ذلك تراجع دور المسحراتى الآن ومع مرور الوقت مما قدر ينذر بإختفائه وارجعوا ذلك لوجود وسائل عصرية تساعد على ايقاظ الافراد لتناول السحور ومنها المنبه والتليفون المحمول والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأختفى المسحراتي من العديد من الأحياء مما يهدد بإختفاؤه نهائيًا، ويقول الحاج سيد المسحراتي في حي " السيدة زينب" مهنة المسحراتي ورثتها عن أجدادي لذا أتجول في أنحاء الحي وأنادي الأطفال بأسمائهم لإيقاظهم وفي الأغلب يكونوا مستيقظين وينتظرون أن أمر لكي أنادي على أسمائهم التي يكتبونها على جدران العمارة التي يسكنون فيها، وعلى الرغم من أنني أتحصل على مبالغ ضئيلة جدا بعد أنتهاء شهر رمضان الان الا انني مازلت مستمر في هذه المهنة التي أعشقها ، فللأسف لم يعد الناس يقدرون أهمية المسحراتي وهذا ما يجعلني أشعر بالحزن .
أرسل تعليقك