فاز شاب فلسطيني يبلغ من العمر 23 عاما، بجائزة " الكاتب الشاب" ، ضمن مشروع مِد ريست MED)RESET) الذي يموله الإتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن مقالته بعنوان "الحراقه" في الأدب المغاربي، حيث أن جائزة "الكاتب الشاب" هي جزء أساسي من مشروع مِد ريست الذي يهدف لإعطاء صوت للشباب وخلق مشاريع بحثية مشتركه في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وسلمت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فريديريكا موغريني، الجائزة لعمر الشنطي في حفل تكريم جرى ضمن مؤتمر بعنوان "الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي: حقائق جديدة ، سياسات جديدة". في بروكسيل، وبحضور لفيف من السفراء العرب والأوروبين والكتاب والسياسين والصحفيين. وتم تكريمه عن مقالة كتبها بعنوان "الحراقه" في الأدب المغاربي وتعني الهجرة الغير شرعية، وتناولت الورقه التي فاز بها موضوع الهجرة المتواصله لدى سكان المغرب العربي وتبعاتها الإجتماعية والثقافية والسياسية وحتى النفسية.
ويقول عمر: " كنت أبذل جهدا متواصلا لأسابيع وأصل الليل بالنهار في العمل مابين المكتبة والبحث والدراسة الى جانب عملي اليومي حتى خرجت هذه الورقه الى النور." وقد إقترح عمر إختيار مصطلح "الحرقه " المشتق من كلمة "الحرق" بدل مصطلح الهجرة للدلالة على حجم المعاناة للمهاجرين المغاربه، وإن أول ما يتبادر لذهن القارئ عند الحديث عن الهجرة هو ترك البلد التي يقطن بها، في حين لا يولي أحد الإهتمام للحال التي وصل لها المهاجر، والمعاناة ما بين رحلة الخروج والوصول وحتى محاولة التأقلم والتخفي وتحمل أعباء المطاردات المستمره في البلد التي يهاجر لها ذلك الشخص. ويرى عمر في ذلك تبسيط غير عادل لمعادلة الهجره المتكاملة بكل تبعاتها ومخاطرها، وهو ما تتجاهله وسائل الإعلام والسياسين الأوروبين أثناء مهاجمة هجرة سكان المغرب الى دول أوروبا، كما يتم تجاهل معاناتهم وربما التقليل من قيمتها في معظم الأحيان.
اقراء ايضــــــــــا
أوروبا تحتفل بمدينة "مونز" البلجيكية عاصمة للثقافة 2015
أما عن سبب إختيار دول المغرب العربي بالذات، فذلك بسبب الهجرة الكبيرة التي تحدث من المغرب والجزائر وتونس وما لحقها من تبعات نفسيه وسيكولوجيه وسياسيه واجتماعية على المهاجر وعلى محيطه وأهله، فالمهاجر وان كان ينفر من وضع البلد الذي يعيش فيه ويحاول البحث على حياة أفضل إلا أن ذلك لا يعني بأن البلد التي يلجا لها ستكون عامل جذب أو حتى تقبل له . يقول عمر " اخترت المغرب بالأخص لما لنا كفلسطينين من علاقة وطيدة معه ولحالة الدعم الدائمة على مستوى الشعوب، حتى وإن لم يكن ذلك ملموساً على مستوى القيادات، إلا أن معاناتنا كشعوب هي معاناة مشتركه ".
ويرى عمر أن التجربة المغربية تتقاطع في بعض الأماكن مع القضية الفلسطينية خصوصا فيما يتعلق بالاستعمار والمعاناة والهجرة، وبحسب رأيه لو أجريت مقارنة بين أعمال الكُتاب الجزائريين والكُتاب الفلسطينيين فستكون متشابه الى حد كبير من حيث المحتوى نظراً لتشابه الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، ومن جانب آخر، يعطي عمر مقاربه أخرى ، تتعلق بتعامل الأوروبيين مع المهاجرين المغاربة وتعامل إسرائيل مع المهاجرين الأفارقة من حيث الإجراءات التي تستهدف وجودهم وتعمل على ترحيلهم، وأيضاً إجراءات الأخيرة مع المواطنين الفلسطينيين، فيما يتعلق بمسألة بناء الجدار ورفض عودة اللاجئين.
ومن خلال ورقته، يكشف عمر عن إستنكاره لحصر مسألة الهجرة على الفاعل دون النظر إلى النتيجة التي ستؤول عليه عندما يصبح مفعولاً به، كما يصف، فالخروج من البلد الأصلي بالنسبه له ينطوي على ثلاث دعامات أساسية يعيشها المهاجر ولايمكن النظر لأحد تلك الدعامات دون الأخذ بباقي الأجزاء بعين الاعتبار، وهي: الهجرة، أي الخروج وتبعاته، ثم الوصول وكل ما يحمله من مشقه، والحياة السرية التي يعيشها المهاجر والتي تنطوي على الكثير من الملاحقه والهرب المتواصل، وحالة الإرتباك والخوف إما من مطاردات الشرطه أو موظفين الدولة أو حتى الجيران والمُشغلين في البلد التي يلجأ لها ذلك الشخص.
أما عن مصطلح حرقه بحد ذاته، فهو يمثل حرق الماضي لدى المهاجر وما ينطوي على ذلك من المخاطرة والمجازفة في الحياة والتي هي نتيجة اليأس والإحباط العام الذي يعيشه سكان تلك المنطقه، والتي تؤدي بهم في ـ حال النجاة ـ إلى التنصل من ماضيهم وتاريخهم بحرقهم الفعلي لأوراقهم الثبوتية قبل عبور البحر والوصول الى بلد اللجوء، الى جانب الأثر المعنوي. كما أنه يشير أيضا لحادثة حرق طارق بن زياد لسفنه حتى لا يعود وليحرر الأندلس آنذاك حسب رأيه، وفي النهاية المصطلح يشير كذلك الى الدمار الذي يطول منظومة العلاقات الإجتماعية والشخصية مع بيئة الإنسان الأصلية ومحيطه. فالمهاجر يترك فراغا في المكان الذي يخرج منه، وهذا الفراغ يخل في توازن العائله والمجتمع المغربي بشكل عام.
ومن جانبها، إعتبرت دانيلا هوبر المنسقة العلمية لمشروع مِد ريست المُمول من الإتحاد الأوروبي أن فوز عمر بالورقة التي قدمها لَهُوَ دليل على تحقيق المشروع لأهدافه المرجوة، وهي استقطاب المثقفين والكتاب للبحث والخروج بدراسات قد تفيد مستقبل المنطقة، وأن تطرق الورقة لموضوع الهجرة المغاربية في ظل محدودية فهم المجتمع الأوروبي لها وتعنت الأحزاب اليمينية والمطالبات بطرد هؤلاء المهاجرين، لهو أكبر دليل على أن جهود القائمين على هذه المشروع لم تذهب سدى، بل تم توجيهها في الاتجاه الصحيح.
وأضافت، أنه قد تم تمويل مِد ريست من الاتحاد الأوروبي بمقدار 2.5 يورو ليكون جسم بحثي ودراسي في منطقة الشرق الأوسط ويخلق أفاق بديلة للشراكة الشرق أوسطيه بالإعتماد على الباحثين وقد شارك في جائزة الكاتب الشاب باحثون من لبنان وتركيا وتونس والجزائر والمغرب وإيطاليا وألمانيا وقطر وفلسطين والولايات المتحدة, وقد حقق هدفه في عامه الثالث والأخير متمثلا بخلط وربط سكان المنطقة ببعضهم من خلال فهم أفكارهم وطموحاتهم المشتركة والاعتماد على المثقفين لديهم.
قد يهمك ايضــــــــــــا
اثارة وترقّب في كتاب جديد يرصد صور اللاجئين المهاجرين إلى أوروبا
"الإسلام وأوروبا" مؤتمر يكشف ملامح المستقبل ويؤكد روافد الهوية الأوروبية
أرسل تعليقك