القاهرة ـ سعيد فرماوي
ولد مفكر مصر الكبير الراحل الدكتور جمال حمدان، في مثل هذا اليوم 4 فبراير/ شباط من عام 1928، وحمدان واحد من أهم من ساهموا في الكتابة والتدوين عن مصر والعالم العربي في القرن العشرين، ولا تزال مقولاته وأفكاره وكتبه يستعان بها حتى الآن في كل مناحي الحياة، ليست فقط "الجغرافيا" التي كانت شاغله وهمه الأكبر، لكن في كل ما يخص مصر وعلاقاتها المتشعبة بمنطقتها العربية والأفريقية. وتمر اليوم الأحد ذكرى ميلاده الـ90، ففي قرية ناي في محافظة القليوبية شمال العاصمة القاهرة، وولد جمال محمود صالح حمدان، لأب يعمل في القضاء "فصل بعد ذلك وعمل بالتدريس"، واستقر بأسرته الحال في حي شبرا، وهناك تلقى جمال حمدان تعليمه، وكانت النقطة الفارقة في دراسته وهو صغير، أنه التقى بأستاذه لمادة الجغرافيا، محمود جمال الدين، الذي كان سببا في أن يعشق الصغير وقتها جمال حمدان الجغرافيا، ليصبح العالم الذي يتحدث ويكتب عن ارتباط الإنسان بالجغرافيا إلى مماته.
درس بعد ذلك جمال حمدان الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وعين معيدا في الكلية لتفوقه الدراسي، وبعدها سافر وحصل على الدكتوراة من بريطانيا عام 1953، ثم عاد للتدريس في مصر. وتعرض جمال حمدان لتفاصيل كثيرة لم تعجبه في الجامعة منها ترقية أحد الأساتذة لدرجة الأستاذية قبله، ونقله إلى فرع الجامعة بالخرطوم، ما أدى به للاستقالة منها. وكانت الاستقالة بمثابة بداية حياة جديدة في عمر جمال حمدان العلمي والبحثي، فرغم أنها كانت بداية عزلته التي عرف فيما بعد بها حتى الوفاة، إلا أن هذه الفترة هي التي شهدت ظهور أهم مؤلفاته العلمية.
لجمال حمدان 29 كتابا، منها "دراسات في العالم العربي"، و"العالم الإسلامي المعاصر"، و"بترول العرب" و"قناة السويس"، و"استراتيجية الاستعمار والتحرير"، و" 6 أكتوبرفي الاستراتيجية العالمية"، ويعتبر مؤلفه "شخصية مصر.. دراسة في في عبقرية المكان" أهم وأشهر كتاباته عن مصر، فقد صدرت موسوعة "شخصية مصر" في 4 مجلدات، وبها 245 مرجعا عربيا، و791 مرجعا أجنبيا، واستغرق العمل فيها من عام 1975 إلى 1984.
ومن الأشياء الغريبة التى حدثت معه تقديرا لعلمه ورفضها جميعا أن عرض عليه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عقدا لكي يكتب للأهرام بـ25 ألف جنيه مصريا شهريا، ورفضه، وعرض عليه الدكتور عبد العزيز كامل وزير الأوقاف المصري الأسبق عندما عمل بالكويت أن يدرس في إحدى جامعاتها مع تنفيذ كل شروطه فرفض، وطلبه الرئيس الليبي السابق معمر القذافي لكي يرأس مركزا بجامعة طرابلس لكنه رفض أيضا، حسب صحيفة الأهرام المصرية.
ومن أهم أقواله عن نهر النيل وعلاقته بمصر:"مثلما هو نهر متفرد بين الأنهار، فإن مصر متفردة في حوضه أيضا". وعن السد العالي في أسوان يقول:"السد العالي صنع جغرافية جديدة لمصر". وقال عن الناصرية "نسبة إلى الرئيس جمال عبد الناصر":"الناصرية هي المصرية كما ينبغي أن تكون… أنت مصري إذن أنت ناصري… حتى لو انفصلنا عنه (عبد الناصر) أو رفضناه كشخص أو كإنجاز". وعن مصر والعرب قال:"انطلاق مصر نحو الدولة العصرية التكنولوجية الصناعية المتقدمة، كفيل في ذاته بأن يحل المعادلة الصعبة في التجارة بين العرب".
منحته الدولة المصرية وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1988، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1986، وجائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 1959، وحصل على جائزة التقدم العلمي من الكويت عام 1992. وتوفي جمال حمدان على نحو غامض في عام 1993، حيث نشب حريق في شقته، وقيل إن مسودات كتب مهمة لها ضاعت وقت وفاته ولم يجدها أحد في شقته.
أرسل تعليقك