الرباط - فلسطين اليوم
حين فكّر كلٌّ من المحجوب فريات وأسامة الشهبي وعثمان عشقي في إنشاء مجموعة على "فيسبوك" تُعنى بتشجيع الكتب والقراءة، لم يتوقعوا إقبالاً كبيراً عليها كما هو حاصل الآن، حيث يقول الإعلامي المغربي المحجوب فريات، مؤسس مجموعة "كتوبتنا" على "فيسبوك"، التي تجاوز عدد المنضمين إليها حتى الآن 16 ألف عضو، إنّ المبادرة يقف خلفها عدد من خريجي الجامعات المغربية الذين اتخذوا من "فيسبوك" فضاء للتشجيع على القراءة وترسيخ ثقافتها وتبادل الكتب ومشاركة تجارب القراءة والإبداعات الكتابية. ويؤكد أنّ هذه المجموعة استطاعت منذ انطلاقها لفت أنظار عشرات الطلاب والكتاب والمهتمين بالشأن الثقافي، واستمرت في تطوير محتواها واستراتيجية عملها من خلال برمجة غنية ومتعددة تستهدف استقطاب "جيل قارئ" عبر اقتراحات وأفكار ومراجعات وملخصات لمؤلفات وأعمال أدبية باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، ومناقشة مضامين ومحتويات كتب علمية وفلسفية ومصنفات في شتى المجالات، إلى جانب فقرات مفتوحة لإفساح المجال للإبداع، والقراءات الصوتية المسموعة، فضلاً عن إرسال كتب إلى سجناء وتلاميذ مدارس، ومساعدة الطلاب في بحوثهم الجامعية.
يتابع المحجوب فريات أنّ الفكرة تبلورت خلال جلسة جمعته مع كلّ من صديقيه عثمان عشقي وأسامة الشهبي في مدينة الدار البيضاء (كبرى مدن المغرب)، مساء 26 مايو/ أيار 2018، مضيفاً أنّ "انطلاقة المجموعة كانت محتشمة ومتذبذبة، واتسمت بمساهمات خجولة ونقاشات بين الأعضاء والمنضمين الذين أعجبوا بالفكرة وبالأهداف التي سطرت في ميثاق جرى التوافق عليه، لكنّها سرعان ما أخذت دفعة قوية بعد انضمام أعضاء فاعلين، أذكر منهم بدر الدين أوسليم (الملقب بيدرو)، وأحمد السباعي، اللذين يعتبران من المؤسسين الفعليين للمجموعة، من دون إغفال جهود كلّ من محمد عزا، وسميرة بوزمور، ووفاء الحنكاري".
تهتم "كتوبتنا" بخلق مساحة لتبادل تجارب القراءة والكتابة والنقاش حولها، وحول القضايا الفكرية والأحداث الراهنة، وملخصات الكتب، بالإضافة إلى خلق مبادرات حية تشاركية بين أعضاء المجموعة، منها الترجمة والقراءة الصوتية، إلى جانب حوارات مع مثقفين مغاربة وعرب، كلّ هذا في مراعاة لأدبيات الحوار الهادف واحترام الرأي الآخر، كما يوضح فريات. يتابع أنّ من أهم فقرات المجموعة "ضيف كتوبتنا" وفيها تجري استضافة مثقفين وأدباء من الوطن العربي، من بينهم: عبد الكريم جويطي، وعبد المجيد سباطة، وطارق بكاري، ولطيفة باقة، ورشيدة رقي، وأحمد سعد زايد (مصر)، وغيرهم. كذلك، يتطلع أعضاء "كتوبتنا"، وفقا لمؤسسها، إلى إنشاء مكتبات في قرى ومدارس نائية، والوصول إلى أكبر عدد من نزلاء السجون ومراكز إعادة التأهيل، إلى جانب خلق لجان لتقديم الدعم للطلاب المقبلين على إنجاز أبحاث الإجازة والماستر.
"في كلّ يوم يمر علينا نفكر في ما يمكن أن نقدمه للقراء بشكل جدّي"، يقول العضو في المجموعة والمستشار في التخطيط التربوي أحمد السباعي، الذي عُهدت إليه إدارتها منذ أغسطس/ آب 2018. يتابع: "من هذا المنطلق وإيماناً منا بالرسالة التي نحملها على عاتقنا، سطرنا أهدافاً ومشاريع ثقافية على المدى المتوسط والبعيد لتطوير محتوى المجموعة، أنجزنا منها تسجيلاً صوتياً جماعياً لرواية: قبور في الماء، لمحمد زفزاف، ومجموعة أدونيس الشعرية: أول الجسد آخر البحر، شارك فيهما أكثر من ثلاثين عضواً من المغرب والوطن العربي". يشير السباعي إلى بعض الصعوبات والعراقيل في إدارة المجموعة: "ما دمنا في عالم افتراضي فلا يمكن التحقق من هوية كلّ المنضمين، وإن كانت حساباتهم حقيقية أم الهدف منها فقط إثارة الفوضى والفتنة وتسفيه المقترحات والبرامج، إلى جانب صعوبة التحكم في نقاشات بعض الأعضاء، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بالدين والهوية".
من جهته، يتحدث عثمان عشقي، أحد مؤسسي المجموعة، عن المبادرة التي أطلقتها " كتوبتنا" لصالح نزلاء السجون: "أعلنت المجموعة عن جمع الكتب لصالح معتقلي حراك الريف (حركة اجتماعية احتجاجية في شمال المغرب)، فلقيت هذه الخطوة استحساناً حدا بعدد منهم إلى الانخراط فيها، وهو ما مكّن المشرفين عليها من جمع نحو 150 كتاباً في مجالات مختلفة، تكفل بعض الحقوقيين والمحامين من لجنة دعم المعتقلين وأهاليهم بإيصالها إليهم". يتابع عشقي لـ"العربي الجديد": "رحب السجناء بالخطوة، إذ وجدوا فيها ما يبدد وحشة الزنازين ومرارة الاعتقال". ومن بين مبادرات المجموعة "مساهمات مادية لبعض أعضائها لصالح تلاميذ مؤسسات تعليمية، لتشجيعهم على زيارة المعرض الدولي للكتاب والنشر الذي تحتضنه مدينة الدار البيضاء"، بحسب عشقي.
وبالرغم من أنّ "فكرة المجموعة جيدة والأهداف نبيلة"، لكنّ ذلك لا يكفي، بحسب الكاتب والإعلامي المغربي سعيد منتسب، وهو من المنضمين إلى "كتوبتنا"، مقترحاً من خلال "العربي الجديد"، مجموعة من النقاط لتطوير محتوى المجموعة، أولها منح حيوات أخرى للكتب التي لها وقع كبير على القراء، أي تلك الكتب التي تعتبر "أصلاً" لغيرها، والتي كانت قد أثارت، حين نشرت، جدلاً ثقافياً أو فلسفياً أو سياسياً أو تاريخياً. يضيف منتسب: "أما النقطة الثانية، فهي تشغيل خاصية التصفية، التي تسمح بالحفاظ على مستوى مقبول من المواد التي تنشر، إلى جانب تخصيص مساحة لمراجعة الكتب وتقديمها على نحو يليق بأهميتها، وأن يكون هذا جزءاً أساسياً من عمل المجموعة". ويدعو منتسب الأعضاء إلى "تجاوز السائد والنمطي في القراءة، واكتشاف تقنيات جديدة في الكتابة، وأيضاً إزاحة الحجاب عن كتب أخرى تنتمي إلى ثقافات جديدة"، بالإضافة إلى تنظيم "حفلات قراءة" حول كتاب معين، وتخصيص يوم كامل له، حتى يتسنى تفكيك أجزائه، وأساليب بنائه ومضامينه ومعانيه، لافتاً إلى أهمية تخصيص وسم (هاشتاغ) لجديد الإصدارات، بإحداث توأمة مع دور النشر التي لا ترى مانعاً في ذلك.
في المقابل، تعتبر وفاء الحنكاري، وهي عضو في المجموعة ومهندسة معلوماتية، أنّه "وبالنظر لمحتوى الإنترنت المغربي، يمكن اعتبار مجموعة كتوبتنا، إضافة جيدة جداً للتشجيع على القراءة، ساهمت بالعودة إلى الكتاب والمطالعة". ومن جهته، يقرّ الطالب علي اليوربوعي بأنّه بفضل "ﻛﺘﻮﺑﺘﻨﺎ"، تعرف على كتب ومؤلفات خارج مجال دراسته. من جهتها، تعتبر العضو في المجموعة، سميرة بوزمور، "كتوبتنا" بمثابة "نقطة ضوء في العالم الافتراضي المغربي، إذ يمكن اعتبارها مقهى أدبياً بسيطاً في حي شعبي وسط المدينة يتوافد إليه القراء من مختلف الأعمار والفئات، يتقاسمون شغف القراءة وحب الكتاب".
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
الجامعات المغربية تغيب عن قائمة التصنيفات العالمية في المجالات العلمية
بسيسو يبحث مع نظيره التركي عدة قضايا تتعلق بالشأن الثقافي
أرسل تعليقك