القاهره ـ فلسطين اليوم
بشر لهم مواصفات النبات، تراهم في قمة الوداعة والبراءة، ونبات له مواصفات البشر تراه حالماً مع قليل من الخُبث يطل من عينين شبه مغلقتين.تلك هي المفارقة التي ينسج حولها الفنان محمود حمدي، مغامرته التشكيلية في معرضه الجديد «عبر النهر» المقام حالياً بغاليري «آرت مزاج» في حي المعادي بالقاهرة. الصورة التذكارية التي تلتقطها عائلة مكونة من أربعة أفراد ستجدها هنا، لكن مع لمسة من التجريد، فقد تلاشت الملامح المميزة على وجوه الأم والأب والولد
والبنت كما تخرج من رؤوسهم أغصان نبات من هذا النوع الذي نجده في نباتات الظل. نفس الفكرة ستتكرر في لوحة أكبر تبدو كما لو كانت جدارية مع عدد كبير من الناس هذه المرة. ولا يكتفي الفنان بالاشتغال على هذه «التيمة» عبر اللوحات فقط وإنّما هناك أيضاً تماثيل ومنحوتات مثل تلك المنحوتة التي يبدو فيها صاحبها غير مبالٍ يتطلع بشرود إلى المجهول بينما عروقه وأوردته عبارة عن عيدان خضراء تتجلى في ذراعيه وصدره كأنّه لا يعيش على الدم وإنما على العصارة الهضمية الخضراء كما هو حال النبات!
ولكن لماذا النهر تحديداً؟ يجيبنا الفنان محمود حمدي مؤكداً أنّنا حين نتحدث عن النيل فنحن نتحدث عن نهر عاش صامداً على مر التاريخ أمام الصراعات البشرية، فتلون بالأحمر مع الحروب، والأصفر مع الطين. ولكن بعد كل رياح عاتية يرجع النهر للونه الأزرق؛ لون السماء الصافية والأحلام البسيطة بعيداً عن الصراعات الوهمية الزائلة على ضفافه. ويضيف: «قضيت الكثير من الوقت في التأمل في سريان ماء النهر وما يحمله من حكايات وأساطير مثل حكاية
مخترع أوروبي دفعه الشغف إلى الحضور إلى مصر على متن سفينة كبيرة عام 1913 بالتزامن مع وصول مستثمر حالم يصل على متن عبّارة نيلية، وفلاح من الصعيد مسافر على مركب شراعي من الجنوب إلى الشمال.اجتمع الثلاثة على حلم أن يطوّعوا ضوء الشمس لتيسير العمل اليومي الشاق في الري الزراعي على ضفاف نهر النيل. استمروا عاماً كاملاً ما بين الأحلام والآمال والصراعات والشغف والدموع والاضطرابات والفشل ثم النجاح، إلّا أنّ أحلامهم تدمرت
بارتطامها ببشائر الحرب العالمية الأولى، فذهبت وجهودهم مع شريان ماء النهر إلى ماء البحر المفتوح». ويؤكد حمدي أنّ هذا المعرض عبارة عن ثلاثة مشاريع دُمجت في معرض واحد هي «النهر» و«شمس 1913» و«الحالمون نهاراً»، مشيراً إلى أنّ هذا هو السبب في ضخامته.وبلغ عدد الأعمال المعروضة 46 عملاً موزعة ما بين التصوير والرسم والطباعة.وسبق لحمدي تنظيم معارض فردية، من بينها معرض بعنون «13 رسالة»، في الجامعة الأميركية بالقاهرة 2006، ومعرض في مركز سعد زغلول الثقافي في 2009، ومعرض «النواة» في قاعة «إيزيس» بمركز محمود مختار الثقافي عام 2014، بالإضافة إلى مشاركته في عدد من المعارض الجماعية المحلية.
قد يهمك ايضا:
70 ألف دولار قيمة نسخة نادرة من رواية "يفغيني أونيغين" للشاعر بوشكين
"حوارات هندسية" في متحف عفت ناجي وسعد الخادم الأحد
أرسل تعليقك