القدس المحتلة - فلسطين اليوم
يكاد لا يمر شهر دون الإعلان عن اكتشاف أثري جديد يعود للحضارة الرومانية العريقة التي سكنت فلسطين، وقطاع غزة لأكثر من 400 عام.فآلاف القطع الأثرية المتنوعة ما زالت قابعة في متاحف خاصة، يمتلكها أفراد تعود لتلك الفترة، إضافة لقطع ثمينة اكتشفتها الجهات الحكومية، وتحفظت عليها، وكان آخرها تابوت مصنوع من الرصاص، يعود لشخصية هامة، عاشت في تلك الفترة.
وقال الباحث في التاريخ وعلم الآثار الفلسطيني وليد العقاد، مالك متحف العقاد في محافظة خان يونس، إن فلسطين كانت مكاناً سكنته ست حضارات عريقة، منها الرومانية، الفرعونية، البيزنطية، الاسلامية، ومن قبلها الكنعانية، وجميع هذه الحضارات كان لها عصور ذهبية، شهدت تقدماً في العمران، وازدهاراً في التجارة والصناعة، والاكتشافات المتتالية تؤكد ذلك.واعتبر العقاد في حديث مع "الأيام"، أن أهم وأعرق تلك الحضارات كانت الرومانية، التي بدأت في فلسطين عام 63 قبل الميلاد، واستمرت لنحو ٤٠٠ عام متتالية.
ووفق العقاد فقد امتازت تلك الفترة بنهضة عمرانية لم تسبقها إليها أية حضارة، فقد بدأت الحضارة المذكورة بإعادة ترميم مدن قديمة، وبناء مدن جديدة، وقد تركز وجود الرومان على ساحل البحر الأبيض المتوسط، لذلك نجد معظم المدن الرومانية ساحلية، لانشغال الرومان بأعمال التجارة البحرية، وارسال واستقبال القوافل عبر السفن.وبين العقاد أن الرومان استخدموا ببراعة الصخور النارية وصخور البازلت، وهي صخور قوية تحتوي على نسب عالية من الحديد، لذلك نجد بعض المصنوعات والمباني صمدت لآلاف السنين، مثل معاصر الزيتون الحجرية التي يمتلك واحدة منها في متحفه، ومعصرة مشابهة تتواجد حالياً في متحف آخر في بلدة القرارة.
ولفت العقاد إلى أن الرومان برعوا في صناعة واستخدام الأواني الفخارية، ويعود لهم الفضل في تطوير هذا النوع من الاكتشافات، التي استخدمتها حضارات أخرى جاءت بعدها، لذلك هناك اكتشافات فخارية متنوعة، ما زال يحتفظ ببعضها في متحفه.ونوه إلى أن الرومان اهتموا كذلك بشأن الموتى، ودفنوا موتاهم في قبور، والشخصيات الكبيرة في الدولة الرومانية مثل الوزراء، والتجار، كانوا يعاملون معاملة خاصة عند الدفن، ويوضعون في توابيت من الرصاص، مثل التابوت الذي جرى اكتشافه شمال القطاع مؤخراً، وسبق وعثر العقاد على تابوت مماثل، مصنوع من الرصاص اللين يزن 105 كيلوغرامات، وعليه بعض النقوش التي تدل على الحضارة البيزنطية، ما يعني أن هذا الشكل من التوابيت كان حاضراً لدى أكثر من حضارة.
وبين العقاد أن أهم الآثار التي جرى اكتشافها في قطاع غزة وتعود للحضارة الرومانية تتواجد في منطقتين، الأولى شمال القطاع، وخاصة في محيط المدن المصرية الجديدة التي يجري بناؤها حالياً، ومناطق شرق القطاع، خاصة شرق محافظة خان يونس وقبالة مخيم البريج، وقد عثر هو وغيره من الباحثين على آثار رومانية كثيرة في تلك المناطق.وفضل الرومان الإقامة في تلك المناطق نظراً لارتفاعها، ما يشكل حصناً منيعاً، يسهل اكتشاف الأعداء من بعيد، وبالتالي إفشال أي محاولة لغزو المدن.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك