كشف الكاتب والإعلامي المصري مفيد فوزي، أن العمل في الصحافة والإعلام مرتبط بالموهبة، وأن جمعية الصحافة المدرسية ساعدته في تعلم الكثير، مؤكدًا أن مستقبله الورقي مستمر، ولن يموت الكتاب، حتى لو تطورت التكنولوجية.
وأشار إلى أن مصطفى أمين، هو من أعظم كتّاب مصر، الذين أخرجوا للصحافة قيمة أساسية، هي الكلمة الحية والمثيرة، ومصطفى أمين، كان يراقب الناس، أكثر ما يراقب الندوة.
وأضاف فوزي في الحوار الذي أجري معه على هامش فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي أسدل الستار عليه، السبت، قائلًا "المعرض يعدّ شغفًا للقارئ الإماراتي، المحب للثقافة، فهو يدعو الجميع إلى تمجيد الكلمة، لأن القراءة هي الغذاء الحقيقي للإنسان، وهذا ما شاهدته أيضًا عندما حضرت معرضًا في ألمانيا، ورأيت عبارة "الإنسان القارئ لا يهزم"، لأنه يمكنه استيعاب المشاكل التي تحيط به، أقل من الإنسان الذي لا علاقة له بالقراءة، فالثقافة الحقيقية هي الكتاب".
وتحدث الكاتب عن طفولته، قائلًا "أنا فخور بأن والدتي عندما كنت في الثامنة أو التاسعة من عمري، كانت تحرضني على الذهاب إلى الكتَّاب في بلدتي "بني سويف"، وهي إحدى مناطق الصعيد المصرية، وكنت استعين بكتابين أو ثلاثة لأنه لم يكن هناك أي شيء سوى الكتب، وكانت القراءة هي غذائي في ذلك الوقت.
وفي عمرالـ11 انتقلنا إلى القاهرة، وأتذكر أنه لأول مرة أشارك في وضع "جريدة الحائط " في المدرسة، وأنجزتها مع زملائي وكانت بألوان الأحمر و الأخضر والأصفر، وورقة كبيرة وطويلة، ونصدرها كل يوم سبت في المدرسة".
وتابع فوزي "أذكر أنني عبر هذه الجريدة استخرجت مشاعري، عندما كان الحسين افندي سليم، مدرس اللغة الفرنسية، وهو يوجه مجموعة من الضربات على أصابعنا، من أجل عدم معرفتنا بتصريف فعل باللغة الفرنسية، فكتبت بالحرف الواحد، جملة "ليس هكذا التربية يا حسن افندي"، لكن ناظر المدرسة أحضر ورقة سوداء، ووضعها على المقال، فكانت أول مرة في عمري أعرف ما معنى الرقابة.
ثم دارت الأيام وقابلت المفكر سلامة موسى، وكان ذلك حين ذهبت إلى كلية الإعلام، لأسأل مجموعة من الطلبة عما يعرفون عن العقاد، فكانت الإجابة صادمة بالنسبة لي، وتخلصت في اسم شارع عباس العقاد في مصر الجديدة، وطرحت عليهم سؤالًا آخر، من هو سلامة موسى؟ فكانت الإجابة هو اسم محل تجاري في منطقة المعادي، واستنتجت أن الكتّاب المعروفين في الزمن القديم، مجهولين بالنسبة للجيل الحالي".
وأكد الإعلامي المصري أن الفنان عبد الحليم حافظ، من أكثر الشخصيات التي أثرت في حياته، وأنه الصديق الحقيقي في زمن بلا أصدقاء، مضيفًا "أذكر أنني كتبت يومًا في "صباح الخير" مقالًا عن وزير الزراعة في عام 1964، أقول فيه أن وزير الزراعة ذهب إلى قرية في مصر اسمها "صالحجر"، وهو لا يعرف أن الطريق إليها تم تزفيتها قبل يوم من الزيارة، وأن الجدران وقفت قبل الزيارة. وقلت إن الوزير كان هناك في ديكور، وفي اليوم التالي، أمسك الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالمجلة في مجلس الوزراء ورماها على الطاولة، قائلًا "خلوا إخراج الأشياء أفضل". وكانت هذه العبارة كافية لأن يتم إيقافي من المجلة. وفي الصباح توجهت إلى المجلة ولما وصلت، أخبروني أني مطرود من العمل، وأول مرة أسمع كلمة "م. ر. ف. و.د" في حياتي، ثم خرجت من المجلة، وذهبت سيرًا على الأقدام إلى "الزمالك"، حيث منزل أحد الأصدقاء، فطرقت الباب، وخرج لي شاب بقميص أبيض، وهو يمسح عينيه من النوم، فقال لي ماذا بك يا مفيد ماذا هناك؟ فقلت له لقد تم رفدي من الشغل ثم أنهمرت بالبكاء بين ذراعيه، لقد كان النجم الراحل الفنان عبد الحليم حافظ".
وواصل فوزي حديثه "ذهب معي عبد الحليم حافظ إلى شخص اسمه صلاح ناصف ،هو اسم مرعب لأنه يمثل المخابرات المصرية، فقال له عبد الحليم حافظ إن كان مفيد ضد النظام فهو ضد النظام في بيتي، ولو كان فيكتب منشورات ضد الرئيس عبد الناصر فهو كتب في بيتي، وأن كان يكتب على أله كاتبة فهو يكتب في بيتي، وقال إنه مستعد أن يمضي ورقة يتحمل فيها المسؤولية أن ثبت أنه ضد النظام".
وأعلن أن هذا الحديث كان قبل وفاة العندليب بيومين فقط، متابعًا "أذكر أيضًا أن عبد الحليم طلب مني أن أكلم مدير ديوانه بأن يحجز لي تذكرة إلى لندن من أجل أن أزوره في المستشفى فقلت له أنني لا يمكنني أن اترك الجريدة، فقال لي ليس هناك فرصة من أن أشوفك مرة أخرى، فقلت له أنك ستعود إلى مصر الأسبوع المقبل. قال لي إنه لا يقدر أن يتنفس، فأحسست بهذا الوصف، وكلمت الطبيب فقال لي أن حليم سيودع الحياة".
وتذكر في أحد حواراته مع الرئيس السابق حسني مبارك، بأنه وجه له سؤالًا عن موعد وصول طائرة اليمن؟، فقال الرئيس مبارك لمدير ديوانه أن يعرف توقيت الطائرة متى؟، فقال مفيد له لا داعي لأن يسأل في المطار، لأنه طلب قهوته مند حوالي نصف ساعة، فأن كانت شحنت لوصلت إلى هذا المكان، فضحك الرئيس مبارك وأصبح يحكيها لكل من يلتقي به.
وبيّن مفيد فوزي أهمية تعلم الأطفال حب القراءة، عن طريق إعطاء ورق لهم وتركهم يكتبون ما يحلو لهم، مضيفًا "أنا لا يوجد شيء أساسي في حياتي إلا القلم، وهذا القلم دائمًا يصاحبني، وأنا لا أعرف غير القلم، حتى "إيميل" الرسائل الإلكترونية لا أجيدها، فعندي زميلة هي التي تقوم بهذه المهمة.
واستطرد "أنا نظرت إلى الناس في المعرض الدولي للكتاب في الشارقة، وهم يشترون كتبًا، فقمت بسؤال أحد الزوار ما هي الكتب التي تقتنيها؟ فقال لي أن الكتب المتخصصة في علم النفس تباع بكثرة، ثم قمت بجولة في المعرض فوجدت شخصًا يبحث في التراجم، وهناك كل حسب ما يحتاجه من معلومات التي تشبعه من خلال القراءة".
واختتم الكاتب حديثه قائلًا "أنا منذ كنت في سن 21 عامًا، كنت أنزل الشارع، ومعي كاميرات، وأضافت إلى حياتي رصيدًا مهمًا من التجارب والخبرات، فقمت بتنفيذ "برنامج مفاتيح"، والذي اعتز به، ويعتبر من أنجح البرامج التي قمت بتقديمها، وأنا أرغب حاليًا أن أقدم برنامجًا يوميًا لمدة 10 دقائق فقط، اسمه "الأيام وإن رُوت"، هذا هو حلمي الذي أريد تحقيقه إن احتضنته وقبلت به أحدى القنوات المصرية، وستكون تجربة العمر فيها بمعنى أن البرنامج أقدم فيه تجربة الناس، وخلاصته أن الإنسان، والمرأة، والصداقة، والكتاب واحد".
أرسل تعليقك