افتتحت وزارة السياحة والآثار في غزة الخميس مشروع وصيانة متحف قصر الباشا الواقع في حي الدرج في البلدة القديمة في مدينة غزة, وذلك بتمويل من مؤسسة UNDP برنامج الامم المتحدة الانمائي وذلك ضمن مشروع ( خلق فرص عمل – المرحلة الثانية ) في كل من قطاع غزة والضفة.
وبين خلة أن هذا المشروع يهدف إلى صيانة المبنى وإعادة إحيائه على طرازه القديم وإصلاحه من الأضرار التي لحقت به نتيجة لعوامل الرطوبة والتعرية, بالإضافة إلى إعادة تهيئته لاستقبال الوفود والزائرين, مشيرا إلى الدور الذي سيحققه هذا المشروع من تعميق الشعور بالمسؤولية المجتمعية تجاه القطاع الأثري لدى أبناء المجتمع الفلسطيني.
ونوه خلة إلى أن الوزارة تسعى جاهدة إلى توظيف كافة إمكانياتها من اجل الحفاظ على المباني الأثرية وإعادة ترميمها وذلك ضمن برنامج سجل الحفاظ الوطني القائمة عليه, مؤكدا على انها تحاول فتح باب للتعاون والتواصل مع كافة الجهات والمؤسسات ذات العلاقة لإشراكها في مشاريع القطاع الأثري.
ومن جانبه أوضح م. احمد البرش مدير دائرة الآثار في الوزارة أن هذه المرحلة من المشروع ستتضمن معالجة جدران القصر الداخلية والخارجية, ومن ثم القيام بقصارتها ودهانها بصورة تحفظ لها طابعها الأثري القديم, مبينا ان الفترة الزمنية المقررة للمشروع هي شهرين.
واوضح البرش ان الحاجة الى المشروع جاءت من ضرورة القيام بصيانة دورية للمباني الأثرية ومعالجة الاثار والأضرار التي تطرأ عليها نتيجة لعوامل طبيعية وبشرية مختلفة, مؤكدا على حاجة مبنى قصر الباشا للترميم والاصلاح نتيجة للأضرار التي لحقت به مؤخرا جراء الحرب الصهيونية الأخيرة بالإضافة الى تعرضه لعوامل طبيعية عدة انهكت جدرانه من شقوق ورطوبة وتهشم اخشاب الأبواب والنوافذ وسقوط القصارة التقليدية للمبنى الأمر الذي هدد بقاء المبنى بأكمله.
يذكر أن المرحلة الأولى من ترميم متحف قصر الباشا كانت في عام 2012 وشملت على انشاء سور وبوابة خارجية للقصر واجراء تصليحات وتعديلات خفيفة على المبنى داخليا.
وتعود أبنية هذا القصر إلى العصر المملوكي في مدينة غزة جنوب الساحل الفلسطيني على البحر الأبيض المتوسط، وكان مقراً لنائب المدينة في العصرين المملوكي والعثماني. وهو الآن يستخدم كمتحف.
ويعد قصر الباشا النموذج الوحيد المتبقي للقصور في غزة، ويمثل في تصميمه ومحتواه المعماري فلسفة وطابع العمارة الإسلامية، وهو يقع في حي الدرج بالجهة الشرقية من البلدة القديمة فيها– وهذا الحي يعد من أغنى أحيائها بالمباني التاريخية التي تبرز عراقة تاريخ غزة على مر العصور، ولا توجد لوحة تأسيسية تؤرخ لبناء هذا المبنى، ويقال : إن بناءه يعود للعمارة الإسلامية المملوكية ودل على ذلك وجود رنك (شعار) الأسد، على المدخل الرئيس للقصر؛ وهو عبارة عن أسدين متقابلين اُتخذ للدلالة على انتصار المسلمين على الخطرين المغولي والصليبي.
وقد سُمي قصر الباشا بالعديد من التسميات التي عُرف بها خلال مراحل تاريخية مختلفة مرت بها مدينة غزة، فقد أطلق عليه خلال العصر المملوكي (658- 922هـ/1260-1517م) لقب (مقر نيابة غزة)؛ وهو لقب الذي كان يطلق على حكام الولايات خلال ذلك العصر، أما في العصر العثماني (922- 1341هـ/1517-1923م) فقد أطلق عليه (قصر الباشا)، و(دار السعادة) ، و(قصر آل رضوان)؛ نسبة إلى أسرة آل رضوان الغزية التي حكمت غزة خلال العصر العثماني بين عامي(963-1101هـ/1556-1690م)، وقد تعرض قصر الباشا للاحتلال من قبل الحملة الفرنسية لبضع أيام أثناء اندحارها مهزومة من مدينة عكا سنة(1213هـ-1799م)، لذلك أطلق عليه العامة تسمية خاطئة باسم (قلعة نابليون)، ثم استمر القصر يؤدي وظيفته كمقر لوالي غزة خلال العصر العثماني، حتى مجيء الاحتلال البريطاني لفلسطين سنة (1336هـ/1918م)، حيث تحول القصر إلى مركز لشرطة الاحتلال البريطاني وسُمى (بالديبويا)، وأثناء حكم الإدارة المصرية لغزة بين عامي (1367-1386هـ/1948-1967م) اُستخدم كمبنى لإدارة مدرسة الأميرة فريال – وهي أخت الملك فاروق-، وبعد انتهاء (ثورة 23 تموز (يوليو) 1952م)، تغير اسم المدرسة إلى مدرسة الزهراء الثانوية للبنات – تيمناً باسم فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم-، ثم بعد ذلك آل إلى وزارة السياحة والآثار؛ التي قامت بترميمه وتوظيفه كمتحف أثري يعرض آثار غزة منذ أقدم العصور وذلك سنة2010م.
ويتكون القصر من مبنيين منفصلين، شكلا فيما بينهما حديقة، ويقع المدخل الرئيس للقصر في الواجهة الجنوبية للمبنى الشمالي، وهي من أجمل الواجهات بناء وزخرفة، حيث زُينت بزخارف هندسية جميلة نُقشت بالحجر.
وزُينت المداخل والواجهات بالعديد من العناصر المعمارية والزخرفية المميزة ، كالعقود والأطباق النجمية، التي تدل على رقي وازدهار فن العمارة الإسلامي.
وبدوره أكد الوكيل المساعد للوزارة د. محمد خلة أن مشروع ترميم القصر يعد أحد أهم المشاريع في القطاع الأثري كونه يساهم في الحفاظ على المباني الأثرية ويعمل على إعادة إحيائها وضمان بقائها كشاهد عيان على الحضارة التاريخية التي نشأت على أرض فلسطين.
أرسل تعليقك