ما زالت مدينة روابي الفلسطينية، التي أقامها القطاع الخاص الفلسطيني، في دائرة الاستهداف الإسرائيلي، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلا أن الإصرار الفلسطيني على البناء والتعمير والصمود على الأراض ما زال هو الصخرة التي تتحطم عليها المخططات الإسرائيلية.
وحاولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أخيرًا إثارة أزمة بشأن تزويد تلك المدينة الحديثة بالمياه، عبر تصريحات الوزير الإسرائيلي سلفان شالوم، بأن سماح الاحتلال بوصول المياه لتلك المدينة الحديثة، الواقعة شمال رام الله، مرتبط بتغذية المستوطنات المنتشرة في المنطقة بخط المياه.
وأبرزت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أنَّ "وزير البنى التحتية الإسرائيلي سيلفان شالوم أوعز إلى ممثله في لجنة المياه المشتركة بين إسرائيل والفلسطينيين طلب تطوير مخطط مد مستوطنات الضفة الغربية بالمياه كشرط لموافقة الطرف الإسرائيلي على مد مدينة روابي الفلسطينية بشبكة المياه، وأن مستوطنتين تم الموافقة على ربطهما بخط المياه الخاص بمدينة روابي الحديثة".
ونفى رئيس سلطة المياه الفلسطينية مازن غنيم جملةً وتفصيلاً هذه الادعاءات، مبيّنًا أنّ "ادعاء ربط مستوطنات بخط المياه الواصل لروابي غير صحيح"، ومؤكدًا، في بيان لسلطة المياه، أنّ "تلك الأنباء الإسرائيلية لا تتجاوز كونها بلبلة إعلامية، فموقف الحكومة الفلسطينية يدعمه موقف الشرعية الدولية، التي لا تقر بشرعنة الاستيطان، وبالتالي لا يوجد هناك إمكان لقبول أي مشاريع تؤكد واقع وجودها على الأراضي الفلسطينية".
ولفت إلى أن "هذا الموقف لا يتعلق فقط بسلطة المياه الفلسطينية، إنما أيضا بموقف الحكومة الفلسطينية الرافض لاستخدام القضايا الخدماتية بشكل عام، لاسيما المياه، لتحقيق أغراض سياسية، لم يستطع الاحتلال تحقيقها عبر المفاوضات".
وأضاف "إن دور سلطة المياه يقتصر على الجانب الفني وإيجاد الحلول المناسبة لتطوير هذا القطاع، وإيصال الخدمة لأبناء شعبنا دون استثناء، بعيدًا عن المهاترات السياسية ومحاولة استخدام المياه لتحقيق أية قضايا سياسية".
وأردف غنيم "من حق مدينة روابي بصفتها تجمعًا فلسطينيًا، كأي تجمع فلسطيني آخر، الحصول على المياه دون أن تكون هناك مساومات وابتزازات من الجانب الإسرائيلي، لفرض أمر هو مرفوض منذ البداية"، موضحًا أنه "يتم العمل على إنشاء خط ناقل لخدمة المناطق الغربية في محافظة رام الله والبيرة، وسيتم تزويد مدينة روابي بالمياه خلال الفترة المقبلة".
ومن جهتها أعلنت رئاسة مدينة روابي أن "سياستها هي مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية تحت كل الظروف".
وتابعت، في بيان صحافي، أنّ "سياسة روابي المعلنة والمنفذة على الأرض منذ اليوم الأول هي مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية تحت أي ظرف من الظروف"، مشددة على حقها في الحصول على المياه.
وأبرز البيان أنَّ "المساعي الحثيثة لتزويد مدينة روابي بالمياه أثارت بلبلة إعلامية بدأتها مصادر إسرائيلية متطرفة سعياً لتأخير الموافقة على تمديد خط المياه الناقل للمدينة".
وأشار إلى أنّ "ما هذه الشائعات وغيرها العديد من الأخبار الكاذبة التي تناولت روابي أخيرًا إلا زوبعة من أعداء المصلحة الفلسطينية والحاقدين، وهي ما نفاها رئيس سلطة المياه الفلسطينية جملةً وتفصيلاً".
وذكر البيان "لقد أخّر موضوع المياه انتقال السكان، وأدى إلى تباطؤ أعمال البناء فيها، إلاّ أنّنا لا نزال متمسكين بحقنا في المياه، ساعين لحل هذه المشكلة بكل ما لدينا من وسائل دون المساس بالمصلحة الوطنية. نأمل أن نتمكن من الشروع بأعمال تمديد خط المياه الناقل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، الأمر الذي سيستغرق حوالي أربعة أشهر يتم بعدها تسليم مئات الوحدات السكنية لمالكيها".
وجاء الإعلان الإسرائيلي بشأن اشتراط ربط المستوطنات بخط مياه روابي مع اقتراب موعد تسليم العديد من الشقق السكنية لمالكيها في المدينة.
وكشفت مصادر مطّلعة، أنَّ "لجنة المياه المشتركة الفلسطينية الإسرائيلية سوف تجتمع قريبًا، وعلى رأس جدول الأعمال ربط الخط الرئيسي للمياه لمدينة الروابي، والذي دونه لن يستطيع أحد مالكي الشقق السكنية العيش دون ماء، وسوف يشترط الجانب الإسرائيلي موافقة الجانب الفلسطيني على عشرات مشاريع المياه للمستوطنات المقامة في الضفة الغربية، والتي كانت ولا زالت تواجه رفضًا فلسطينيًا".
وأكّد بعض المقربين من الوزير شالوم أنّه "يعتبر تزويد مدينة الروابي بالمياه في الوقت الذي يعارض الجانب الفلسطيني مشاريع تطويرية لمياه المستوطنات غير مقبول، ويجب على الجانب الفلسطيني الذي يريد المياه أن يسمح بتطوير مشاريع مياه المستوطنات، الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون".
يذكر أنَّ روابي هي مدينة فلسطينية نموذجية، تعدّ أكبر مشروع أطلقه القطاع الخاص في فلسطين، حيث جرى تصميم هذا المشروع وفق تخطيط حضري، وتصميم هندسي واكب أحدث ما توصل إليه فن العمارة والممارسات البيئية المستدامة.
وستبلغ الكلفة الإجمالية لمدينة روابي أكثر من 850 مليون دولار أميركي، فيما تضم الحدود التنظيمية للمدينة 6,300,000 متر مربع من الأراضي التي تقع غالبيتها في المنطقة (أ)، الخاضعة لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو، تبعد عن العاصمة الأردنية عمان نحو 70 كلم شرقًا، فيما تتوسط روابي الطريق بين مدينتي القدس ونابلس حيث تقع على بعد 25 كيلومترًا شمال مدينة القدس، و25 كيلومترًا جنوب مدينة نابلس، وتقع روابي على بعد 9 كيلومترات إلى الشمال من مدينة رام الله، ونحو 3.5 كم شمال بيرزيت.
وصمّمت مدينة روابي وفق مخطط هيكلي يعتبر بمثابة خارطة مستقبلية تضمن الازدهار والاستدامة للمدينة حيث قام بإعداد هذا المخطط خبراء عالميين من شركة AECOM العالمية، ذات الخبرة الواسعة في مجال تخطيط المدن وخبراء فلسطينيين.
وستضم مدينة روابي 23 حيًا سكنيًا، تشتمل على 5,000 وحدة سكنية، سيتم بناؤها وفق تسعة تصاميم مختلفة، كما ستضم المدينة مركزًا تجاريًا وفندقًا وقاعةً للمؤتمرات ومدارس خاصة وحكومية، إضافة إلى مرافق طبية ومساجد وكنيسة ومتنزهات خضراء، فيما سيبلغ عدد سكان مدينة روابي 25,000 نسمة عند اكتمال مراحل البناء الأولى، بينما سيصل عدد سكانها إلى 40,000 نسمة لدى اكتمال البناء في الحدود التنظيمية لمدينة روابي.
أرسل تعليقك