غزة – محمد حبيب
فجّرت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة أزمة ثقة عميقة، وحربًا وصفها ضباط كبار بـ"حرب عالمية"، بين الجيش الإسرائيلي ممثلاً برئيس الأركان، وجهاز "الشاباك" ممثلا برئيسه يورام كوهن.
وكشفت صحيفة "هأرتس" العبرية، الأربعاء، عن مخاطبة رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس لرئيس الوزراء نتنياهو، عبر رسالة خطية، اشتكى فيها رئيس "الشاباك" يورام كوهن، وحذر من أزمة ثقة حادة تسود العلاقة بين الجيش والشاباك، وطلب من نتنياهو أن يدعو كوهن إلى الانضباط.
ووصف ضباط وموظفون كبار، على علم بنبأ رسالة رئيس الأركان، العلاقات السائدة بين الجهتين (الجيش والشاباك) بأنها عبارة عن "حرب عالمية".
ويقف في خلفية الصراع والأزمة بين الجهتين اتهامات حساسة في شأن الادعاء بأنَّ "الشاباك" قدم للجيش إنذارًا وتحذيرًا من مغبة اندلاع الحرب مع "حماس"، منذ الصيف الماضي، إضافة لاتهامات نقل المعلومات الاستخبارية اليومية أثناء الحرب نفسها.
وتفجرت الأزمة بكامل قوتها أثناء جلسة الكابينت الأولى، التي أعقبت وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب على غزة، حيث دار نقاش حاد وصل حد الصراخ بين رئيس الاستخبارات العسكرية "آمان" الجنرال افيف كوخافي، ورئيس "الشاباك" يورام كوهن، وعلى مسمع من بقية الوزراء، عن السؤال "هل فعلاً قدم الشاباك إنذارًا في شأن نية ومخطط حماس المبادرة للحرب في تموز/يوليو الماضي"، حينها ادعى كوهن بأنَّ "الشاباك نقل إنذارًا وتحذيرًا في هذا الأمر"، الادعاء الذي رفضه كوخافي، الذي أكّد أنَّ "أمرًا كهذا لم يحدث مطلقًا"، وأيده بعض الوزراء، الذين قالوا لرئيس "الشاباك" أنهم لا يتذكرون إنذارًا من هذا القبيل.
وعمقت التحقيقات الجارية داخل المؤسستين (الجيش والشاباك)، إضافة للاستجوابات التي تجريها لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، حرب الادعاءات والاتهامات، حيث وصل التوتر، في الشهرين الماضيين، درجة الانفجار، الذي وقع فعلاً هذا الأسبوع .
وكان برنامج "عوفداه"، الذي بثته قبل أيام القناة الثانية العبرية، السبب الرئيسي وراء رسالة رئيس الأركان الغاضبة، التي خاطب فيها نتنياهو، حيث ظهر في البرنامج مسؤولون كبار في "الشاباك" مكررين الادعاءات، ومؤكدين أنّهم أرسلوا إنذارًا قبل شهرين من اندلاع الحرب في غزة، ونقلوا تقاريرًا ومعلومات في شأن خطط ونوايا "حماس" عن مبادرتها للحرب، وشن حربًا استباقية ضد إسرائيل .
ونفى الناطق باسم الجيش موتي الموغ، الذي تحدث هو الأخر للبرنامج المذكور، هذه الادعاءات، وأكّد أن "معلومات كهذه لم تنقل مطلقًا للاستخبارات العسكرية".
وتوصف رسالة رئيس الأركان بـ"غير المسبوقة"، ما يؤشر إلى أي عمق الأزمة قائمة بين كبار قادة الجيش والشاباك، هذه الأزمة التي وصلت إلى ذروتها في الأيام القليلة الماضية، وباتت تهدد منظومة التعاون بين الجهتين، في ضوء الوضع الأمني المتوتر في الضفة الغربية، وما يحمله من إمكانات التطور نحو انتفاضة ثالثة.
وادعى مسؤولون كبار في الجيش والشاباك بأنَّ التعاون اليومي بين الجهتين متواصل رغم التوتر الشديد، ويعمل ضباط الجيش والشاباك في الضفة سويًا لإحباط العمليات "الإرهابية".
أرسل تعليقك