غزة – محمد حبيب
قرر المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للشؤون الامنية والسياسية "الكابينت" إقامة طاقم وزاري خاص، للعمل على ايجاد آليات الضغط الكفيلة بتحرير الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة واستعادة جثث الجنود القتلى المحتجزة في القطاع، وأمهل وزير الامن الداخلي "غلعاد اردان" الفصائل الفلسطينية مدة شهر واحد لاطلاق سراح الجنود قبل ان يجري نقاش موسع يتعلق بشروط اعتقال الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، في إشارة واضحة إلى نيته تشديد ظروف اعتقالهم؛ ما يحول الأسرى الفلسطينيين عمليا إلى رهائن وورقة ضغط تستخدم لابتزاز الفصائل الفلسطينية، التي تأسر الجنود الاسرائيليين وتحتفظ بجثث القتلى.
:"وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلية، وفقا لما نقله موقع "يديعوت أحرنوت "قلبي مع عائلات الجنود شاؤول وغولدن، وقد التقيت هذا الأسبوع في الكنيست بهذه العائلات واستمعت إلى صرختهم ووعدتهم أن أطرح الأسئلة الصعبة على أعضاء الكابينت قبل أن أتخذ أي قرار وهذا ما فعلته، وعلينا أن نقوم بأكثر من ذلك حتى نعيد الأبناء إلى البيت، لذلك طلبت اليوم من الكابينت إجراء نقاش حاسم يتعلق بتشديد ظروف اعتقال أسرى حماس، وجعل حياتهم أكثر صعوبة، إلى جانب استخدام آليات ضغط أخرى للتأثير على المنظمة لإعادة المفقودين وقد تبنى الكابينت موقفي هذا، وسينعقد خلال عدة أسابيع لبحث تشديد ظروف وشروط اعتقال أسرى حماس".
أضاف: "كنت مترددًا في اتخاذ القرار لكن بعد ان درست حسنات وافضليات هذا الاتفاق وجوانب النقص فيه وجدت أن لاتفاق المصالحة مع تركيا الكثير من الحسنات والمزايا الأمنية والاقتصادية المهمة جدًا، مثل الاعتراف التركي الواقعي بالحصار البحري المفروض على غزة، وتعهد تركيا بإرسال مساعداتها إلى ميناء أسدود ومن خلال المعابر الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وإذا ما خرقت حالة الهدوء السائدة فإن دخول البضائع الى غزة سيتوقف بكل بساطة.
وحاولت حكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال الآونة الأخيرة كسر الجمود الذي يحيط ملف جنودها المفقودين خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وذلك عبر مطالبة وزير حربها بضرورة أن يشمل أي اتفاق مصالحة مع تركيا إعادة "جثث جنوده المأسورين في غزة"، وألمانيا قادت وساطة لإنجاز عمليات تبادل بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، كما بذلت جهودًا للوساطة بين حركة حماس والاحتلال للإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير السابق في غزة.
وتكتفي حركة حماس بالتأكيد على ضرورة استجابة حكومة الاحتلال لشرطها بالإفراج عن محرري صفقة وفاء الأحرار الذين أعادت اعتقالهم قبيل ولوجها في مفاوضات أي صفقة جديدة، وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس قد أعلنت عن تمكنها من أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون خلال تصديها لتوغل إسرائيلي شرق غزة خلال عدوان عام 2014، وتتهمها سلطات الاحتلال بأسر ضابط آخر يدعى هدار غولدن خلال اشتباكات شرق رفح جنوب قطاع غزة، فضلاً عن اتهامها بأسر جندي من أصول أثيوبية ضل طريقه عبر البحر إلى القطاع، فيما تلتزم حركة حماس الصمت حيال ذلك.
ويستبعد مختصون في الشأن السياسي والإسرائيلي إمكانية عقد صفقة تبادل بين المقاومة والاحتلال في الوقت الراهن، مشيرين إلى أن حكومة الاحتلال تتهرب من استحقاقات تخفيف القبضة الأمنية على الضفة المحتلة، ورفع الحصار عن غزة، نحو فتح ملف الجنود المفقودين، ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله، أنه لا يمكن للاحتلال تجاهل هذا الملف طويلاً، مرجحًا أن تكون ظروف حكومة الاحتلال الداخلية قد نضجت، وأنها تحاول جس نبض الطرف الآخر، في إشارة إلى المقاومة في غزة.
ويعتقد أن فتح الاحتلال لملف جنوده المفقودين يأتي في إطار المناورة، لافتًا إلى أنه يحاول في الوقت ذاته الوصول لصيغة تفاهم مبدئية يمكن أن ينطلق من خلالها لعملية تفاوض مع المقاومة، ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور حاتم أبو زايدة مع سابقه، مؤكداً أن الاحتلال يحاول أن يحدث خرق في هذا الملف رغم إدراكه أن الطريق طويلة ومتعسرة، لاسيما مع تمسك المقاومة بشروطها لأي عملية تبادل أسرى مٌقبلة.
ويستبعد أبو زايدة في حديثه إبرام أي صفقة تبادل في الوقت الحالي، مرجعاً ذلك إلى عدم رغبة الاحتلال برفع رصيد المقاومة في الشارع الفلسطيني من خلال صفقة تبادل جديدة، وبالعودة إلى الكاتب عطا الله، فقد أوضح أن طلب الاحتلال من ألمانيا الوساطة يرجع لخبرة الأخيرة في صفقات التبادل، خاصة وأنها كانت حاضرة خلال مفاوضات صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وعلى خلاف سابقيه يرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور فايز أبو شمالة أن رئيس حكومة الاحتلال استبق المطالب الألمانية بتخفيف حصار غزة والقبضة الأمنية على مدن الضفة والاستجابة لحل الدولتين مع السلطة، وطلب الوساطة وفتح ملف جنوده المفقودين للهروب من تلك الاستحقاقات، وأن نتنياهو أراد أن يوصل رسالة للمستشارة الألمانية أن حل الدولتين مع الفلسطينيين مستحيل، وأن المطروح فقط تحسين شروط الحياة في قطاع غزة والضفة المحتلة في الفترة المُقبلة.
أرسل تعليقك