غزة - اليمن اليوم
رحبت إسرائيل بقرار «الهيئة الوطنيّة العليا لمسيرات العودة» في غزة «تعليق مسيرات العودة ثلاثة شهور، واعتبرته «مؤشراً على أن قادة حركة حماس جادون في إعلانهم الاستعداد للتوصل إلى اتفاق على تهدئة طويلة الأمد». ورغم الخلافات بين الجيش والمخابرات، حسم وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، نفتالي بنيت، الموقف، وقرر إعطاء الضوء الأخضر للجيش أن يقدم تسهيلات كبيرة على حياة الفلسطينيين في القطاع، والسماح بدخول 10–15 ألف عامل فلسطيني من قطاع غزة إلى إسرائيل.
وقالت مصادر عسكرية، أمس (الجمعة)، إنه لم يكن صدفة أن الإعلان الرسمي عن وقف مسيرات العودة جاء منسجماً مع أقوال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، يوم الأربعاء، بأن «جلّ اهتمام (حماس) اليوم هو تحسين رفاهية سكان القطاع، بعد أن أدى تدهور الأوضاع إلى اندلاع مظاهرات جماهيرية تحت عنوان (بدنا نعيش)، وأنه توجد رغبة قوية لدى (حماس) بعدم تصعيد الوضع ودفع عملية التهدئة». وأكدت هذه المصادر أن موقف الجيش جاء من اكتشافه «لهجة جديدة لدى (حماس)، ظهرت في مفاوضات التهدئة، وكذلك في الممارسات، خصوصاً رفضها الاشتراك مع (الجهاد الإسلامي) في الرد على اغتيال بهاء أبو العطا في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي»، وقد اعتبر جيش الاحتلال موقف حركة حماس «فرصة لا يجوز تفويتها للتوصل إلى اتفاق جيد للتهدئة»، ولكن المخابرات العامة (الشاباك) عرقلت حتى الآن الخطوات التي اقترحها الجيش للتسهيل على حياة المواطنين.
وحسب مصدر مطلع، فإن المخابرات تتحفظ من تبعات السياسة التي تجعل من «حماس» شريكاً لإسرائيل في اتفاقيات، على حساب السلطة الفلسطينية في رام الله. وهي تخشى كذلك من إدخال ألوف العمال من القطاع إلى إسرائيل، لأنها تعتقد بأن قسماً من العمال يمكن أن يشكلوا «خطراً أمنياً». ويدعي «الشاباك» أن حماس وغيرها من التنظيمات لا تتورع عن تجنيد أي فلسطيني، أمنياً، وتفعل ذلك بالقوة. وقال إنه، أي الشاباك، تمكن في السنوات الماضية من «إحباط محاولات كثيرة لاستغلال مرضى غزيين، أدخلوا لتلقي العلاج في إسرائيل، وتجنيدهم لأهداف إرهابية، مثل نقل أسلحة وأموال وتعليمات لنشطاء».
ومع أن وزير الدفاع، بنيت، ينتمي إلى اليمين المتطرف في الحكومة، فقد تبنى موقف الجيش القائل إن هناك فرصة، وإنه «بالإمكان تحمل مخاطر محسوبة، وإدخال عمال كبار في السن ومن دون ماض معروف بنشاط أمني». ونقل على لسان بنيت قوله إن «من سيسمح لهم بالدخول هم عمال فلسطينيون من أرباب العائلات الذين سيعملون في الزراعة والبناء تحت المراقبة الأمنية، وسيضخون أموالاً إلى داخل القطاع، ويحسنوا الوضع الاقتصادي، ويكون لديهم ما سيخسرونه، في حال قيامهم بنشاطات ضد أمن إسرائيل. فأجرة العمل التي يتقاضونها في إسرائيل لا تقل عن ألفي دولار في الشهر، وهي تعادل أجرة وزير في الحكومة الفلسطينية تقريباً».
وفي أعقاب موقف بنيت، ينتقل حسم القرار إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لكن الجيش والشاباك يمتنعان عن تقديم طلبات له في هذه المرحلة، إذ إنه ما زال غاضباً من إطلاق الصاروخ على عسقلان عندما كان يخطب في مهرجان انتخابي، حيث تم تهريبه إلى مكان آمن بطريقة مهينة. وهم ينتظرون أن تهدأ أعصابه قليلاً، حتى يعاد البحث في الموضوع. لكن المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، يوءاف ليمور، يقول إن الجيش لن ينتظر طويلاً، فهو متعجل من أمره حالياً، ويعتبر الإعلان عن وقف مسيرات العودة «خطوة دراماتيكية» من جانب «حماس»، لأن «مسيرات العودة كانت المرساة التي أعادت (حماس) بواسطتها مصالحها إلى الأجندة، وأعادت إسرائيل إلى طاولة المفاوضات».
وأضاف ليمور أن مسيرات العودة «لم تسمح فقط لـ(حماس) بتنجيع غضب الشارع على الوضع الاقتصادي المتردي ضد إسرائيل، وإنما بالحفاظ على موقع قتالي ثابت، وإن كان بحجم صغير، ويذكّر إسرائيل بالثمن التي يمكن أن تدفعه إذا لم تتقدم نحو تهدئة متفق عليها»، ورأى ليمور بقرار وقف مسيرات العودة أنه «قرار استراتيجي في أساسه»، وأن حركة حماس «تريد التهدئة من أجل أن تتمكن من إعادة إعمار القطاع، وهي تخشى من أن استمرار الوضع الحالي، وخاصة البطالة المرتفعة وأزمة البنية التحتية، ستزيد من انعدام الثقة بها، وتعزز قوة معارضيها».
قد يهمك أيضا :
تقرير يؤكد أن إسرائيل قدمت مبادرة تاريخية لدول الخليج العربية بشأن تطبيع العلاقات
تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ودول الخليج
أرسل تعليقك